المدارس الإنترناشيونال.. حاجة أم ترف

أ. محمد بن سليمان المعجل

     قبل نحو عشر سنوات تقريباً سمحت الحكومة للطلاب السعوديين بالالتحاق بالمدارس الأجنبية بعد ما كانت تستهدف الطلاب غير العرب فقط للحصول على التعليم بلغتهم الأم، ومنذ ذلك الحين وفي ظل هيمنة اللغة الانجليزية على كافة مناحي حياتنا صار الاقبال على تلك المدارس في تزايد مستمر حتى إنه يفوق الإقبال على مدارس التعليم المحلي وبخاصة في المدن الكبرى.

بلاشك ان انتشار وتزايد المدارس الاجنبية او ما تُسمى ب"الانترناشيونال" في البلاد مؤشر على كمية الاقبال عليها، والى ذلك أجريت تحقيق صحافي من خلال استبيان شمل شرائح مختلفة من المجتمع ذكوراً واناثاً عددهم 320 تفاوتت اعمارهم بين 18 عاماً إلى 60 عاماً وتضمن الاستبيان عدة محاور حول اقبال السعوديين على المدارس الاجنبية وآرائهم حيالها، وسأكتفي عبر هذا المقال بتسليط الضوء على أحد المحاور وأهمها وهو: ماهو السبب الحقيقي وراء الإقبال المتزايد على تلك المدارس؟ هل هو حاجة فعلية أم ترف وتباهٍ اجتماعي؟ وخلُصت النتائج الى أن 36% ممن شملتهم الدراسة يرون الحاق الأسر بأبنائهم في المدارس الأجنبية ترف اجتماعي بينما النسبة المتبقية 64% يثقون بتلك المدارس لقوة مخرجاتها ومسايرتها لمستجدات العصر وخصوصاً التي تسلك في تعليمها المسار الانجليزي كونه لغة العصر.

ومع تزايد الإقبال على المدارس الأجنبية حيث بات الطريق مفتوحاً لكل طالب سعودي يرغب الالتحاق بها زادت طلبات الترخيص بالاستثمار في هذا المجال ووضعت وزارة التعليم شروطاً وضوابطاً من أهمها احترام الاحكام والقيم الإسلامية مع احترام توجهات وسياسة البلاد اضافة الى ان تشتمل المناهج على قدر كافٍ لتعليم اللغة العربية والثقافة الاسلامية، وشملت القوانين التي اقرتها الوزارة في هذا الخصوص لائحة عقوبات بحق المدارس المخالفة للانظمة وشروط التراخيص الممنوحة لها تصل لحد الاغلاق.

خلال السنوات الماضية أعلنت وزارة التعليم عن ضبطها للعديد من المخالفات منها ما هو بسيط ومنها ما هو خطير ويتعارض مع سياسة البلاد وثقافته كإدخال كتب وتدريسها ضمن المناهج دون اشعار الوزارة وأخذ الإذن منها وأخرى تعاملت معها وزارة التعليم مشكورة ب"حزم" حيث تعمدت استخدام وسائل ذات اهداف تتعارض مع قيم المجتمع وعاداته ومسلماته الدينية.

التعليم الأجنبي مدخل ايجابي للهروب من مشاكل التعليم المحلي وسلبياته وعدم مسايرته للتطور ويعطي خيارات لنمط التعليم الذي ترغبه أي اسرة لابنائها اضافة إلى تركيزها على لغة العصر لكن شريطة ألا تؤدي مناهجها لإذابة الهوية الثقافية والدينية والوطنية والدولة وضعت لذلك قوانين ولوائح تضمن عدم مخالفة المدارس الأجنبية وانزلاقها نحو أي مخالفة تخالف التوجهات والأهداف التي انشئت لأجلها وتم الترخيص بناء على اقرار مستثمريها بالالتزام بها.

المتتبع لحال المدارس الأجنبية ميدانيا سيرصد مخالفات كغيرها من المدارس بما فيها المحلية بيد أن التجاوزات التي تمس ثقافة وقيم الطلاب خطر كبير يجب عدم التهاون حياله والتعامل معه بحزم وصرامة فالتعليم يعد عامل رئيسي لتكوين ثقافة وسلوك ومبادىء الطالب.

وأخيراً أؤكد على ان المدارس الأجنبية لها حسناتها وإيجابياتها وليست كما يتصور الكثيرون بأنها تبعد الطلاب عن مبادىء وأحكام الدين الاسلامي لكن بشرط ضبط وتفعيل الدور الرقابي لضمان التزامها بمبادي الاسلام وثقافة الطلاب الوطنية والاجتماعية.
 

الرياض