البروفيسور حسن بشير صديق رئيس مجمع اللغة العربية : نضع السياسة اللغوية العامة وتوحيد المصطلحات والتصديق على المعاجم
تهاني بشارة
يشهد مجمع اللغة العربية بالخرطوم انطلاق فعاليات اليوم العالمي للغة العربية، الذي تم اعتماده بناءً على قرار المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، باعتبار الثامن عشر من ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية، وتصاحب ذلك اليوم فعاليات ثقافية من محاضرات وندوات يقدمها علماء مختصون في مجالات اللغة العربية المختلفة، كما تقام الاحتفالات في العديد من المؤسسات التعليمية.
البروفيسور حسن بشير صديق، رئيس مجمع اللغة العربية بالخرطوم، التقيناه بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ليلقي الضوء على برامج الاحتفال بهذا اليوم، فإلى مضابط الحوار.
• في البداية حدثنا عن مجمع اللغة العربية.. المقاصد والأهداف؟
ـ تم تأسيس هذا المجمع على يد البروفيسور عبد الله الطيب – عليه رحمة الله – بقرار جمهوري، وخلفه البروفيسور علي أحمد محمد بابكر، مدير جامعة أم درمان الإسلامية، وقد بذلا جهداً كبيراً في وضع الخطط والبرامج والمناهج، وجئت بعدهم لاستكمال الأمر والاتجاه به لآفاق جديدة.
ينص قانون المجمع على عضوية (50) شخصاً من علماء السودان بالإضافة إلى (10) أعضاء دوليين، على أن يكون التخصص الأكبر لهؤلاء الأشخاص هو اللغة العربية وآدابها، والتخصص التمثلي في العلوم الأخرى.
ويعمل المجمع من خلال دوائر، حيث نجد دائرة للمعاجم والمصطلحات، ودائرة اللغة العربية واللهجات المحلية في السودان، ودائرة للترجمة والمكتبات ودائرة للإعلام والتأليف والنشر والحاسوب، ودائرة للعلوم التطبيقية والآداب.
ويشهد المجمع اجتماعات دورية، تقام من خلالها مواسم ثقافية، تقدم فيها العديد من الندوات والمحاضرات، ويتقدم هذه الفعاليات حملة الدكتوراة المختصون، منهم على سبيل المثال د.عزالدين الأمين من جامعة الخرطوم، ود.صالح آدم بيلو من جامعة أم درمان الإسلامية وغيرهم.
* هل لنا أن نتعرف على المجامع العربية اللغوية في البلدان العربية وكيف يتم التنسيق بينها؟
المجامع اللغوية في البلدان العربية تخدم اللغة العربية وتقدم المشروعات الخاصة بالمعاجم والمصطلحات، وذلك ضمن السعي لتوحيد وتمكين اللغة العربية لتأخذ مرتبة عالمية، وبما أن لغات العالم الأخرى لها شهادات، فنحن نرى أنه لا بد من أن تكون هنالك شهادة لغة عربية جامعة وموحدة، وهذه تقدم خدمة للطالبين للعلاقات مع الدول العربية من غير العرب، لكي تأخذ اللغة العربية مكانتها العالمية. وقد اقترحنا أن تكون هنالك مرحلتان لمنح الشهادة، وقد سميت (ض1 وض2) والمعروف أن (الضاد) هي رمز العزة للأمة العربية وهو الحرف المتفرد الذي لا مثيل له في اللغات الأخرى.
أما بالنسبة للمناهج تم تصميم المنهج على أساس أن (ض1) يكون لنا أربعة كتب و(ض2) ستة كتب، وتمنح الشهادة بعد إخضاع الشخص للامتحان عن طريق المراكز المقترحة، وتصدر الشهادة من مظلة تمثل العرب جميعاً، على سبيل المثال اتحادات المجامع العربية. والموضوع تم تصعيده من مجمع الخرطوم إلى القاهرة إلى اتحادات المجامع العربية، ومن ثم جامعة الدول العربية، حيث تمت الموافقة المبدئية وإحالته للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
• ماذا يدور من استعدادات داخل مجمع اللغة العربية إيذاناً ببداية الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية؟
ـ يجيء الاحتفال تنفيذاً لإعلان الثامن عشر من ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية، ونشكر المملكة العربية السعودية والمغرب على تقديمهما للمشروع ومتابعته، وشعار هذا العام في الاحتفال هو (العربية لغة التواصل العلمي) وذلك لجعل اللغة العربية والعلوم في بؤرة اهتمام الأمة كلها للنهوض بها.
ويصاحب ذلك المؤتمر الدولي لعلوم وهندسة الحاسوب باللغة العربية تحت ذات الشعار، ونشارك فيه مع الجمعية العربية للحاسوب ومدينة أفريقيا التكنولوجية في يومي (19 -20) من ديسمبر الجاري بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
• برغم أننا نتحدث لغة واحدة ولكن هنالك مشكلة في عدم الاتفاق على المصطلحات، كيف نعالج ذلك ؟
ـ لدينا إشكال كبير في مسألة توحيد اللغة العربية التي تجمع بين كل بلدان الوطن العربي، خاصة في جانب المصطلحات، وعندما نشارك في المؤتمرات الخارجية كثيراً ما يسألوننا هل نتحدث لغة واحدة أم لغات متعددة، ولماذا الاختلاف في المصطلحات؟ حيث أن هنالك مصطلحات في المشرق العربي غير تلك التي في المغرب العربي أو في الوسط، ومن المفترض أن تكون المصطلحات واحدة واللغة واحدة لتكون لها مكانتها العالمية خاصة وأنها لغة القرآن الكريم. ولهذه الأسباب اقترحنا مجمع اللغة العربية القومي بممثل من كل بلد من البلدان العربية.
ومجمع اللغة العربية يناط به أولاً السياسة اللغوية العامة للبلاد العربية، وتوحيد المصطلحات والتصديق على المعاجم، حتى تكون اللغة العربية موحدة ومشتركة وجامعة. ونجد أن النواة لذلك موجودة في المجمع اللغوي وفي اتحاد المجامع العربية، ويعتبر الاتحاد صورة مصغرة، ونريد له أن يكبر ويصبح مجمع اللغة العربية القومي.
• في ظل التقنية والتطور التكنولوجي ينتظرنا عمل كبير لربط اللغة العربية بعلوم الحاسوب، ما تعليقكم على ذلك؟
إن دائرة الحاسوب يتولاها الدكتور أسامة الريس، وهو المدير العام لمدينة أفريقيا التكنولوجية، وهنالك المؤتمر الدولي لعلوم وهندسة الحاسوب، يجيء مواكباً للاحتفالية بيوم اللغة العربية، حيث ينتظم مدينة أفريقيا التكنولوجية بالاشتراك مع مجمع اللغة العربية، ولا سيما نحن نحتاج لإدخال اللغة العربية إلى هذا الميدان، وهذا النشاط يمكّن من ربط اللغة العربية بنظام الحاسوب، وهذا بجانب الشهادة العالمية للغة العربية يعطي الوزن العالمي للغة.
• هل لنا أن نتعرف أكثر على ملامح الاحتفال بهذا اليوم والمشاركين فيه؟
تقدمنا بعدد من الدعوات، ودعوة خاصة لوزارة التربية والتعليم لتخصيص طابور الصباح للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وندعوها أن تلزم المدارس الخاصة والأجنبية بالتطبيق المحكم للمنهج القومي للغة العربية خاصة. ونحن كذلك بصدد الاتصال بالوزارات ورؤساء المؤسسات لنتعاون لصالح النهوض باللغة، وقد دعونا وزارة التعاليم العالي والبحث العلمي لأن تجعل لتوطين العلوم والمعارف أولوية في لغتنا العربية، وبجانب ذلك لنا تقاطعات مع وزارة الخارجية ونرى تقديم خطاب السودان في المحافل الدولية باللغة العربية من قبل السفراء والمندوبين تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة رقم (3190)، الذي أدخل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية بالأمم المتحدة، وأن يكون لسفاراتنا دور رسالي لغوي، ونقترح أن تحوي سفاراتنا مكتبة عربية ورقية وإلكترونية، وأن تكون هنالك مراكز لامتحانات اللغة العربية الدولية، خاصة ونحن في السودان لنا دور محلي ودور مشترك مع البلاد العربية ودور خاص في أفريقيا وعلى المستوى الدولي. وكذلك فإن الإخوة الأفارقة غير الناطقين باللغة العربية والمسلمين الذين يحبون تعلم اللغة العربية، لغة القرآن، سيجدون منفذاً من خلال الدورات الخاصة بالشهادة الدولية، وهي ستكون شهادة تواصل بين الشعوب. وللمجمع مخطط لربط علاقاته مع كافة الجهات التي تتقاطع معه، مثل جامعة أفريقيا العالمية التي تؤدي دوراً قيادياً في مجال اللغة العربية. وهنالك اتصال مع الوزارات الثقافية والإعلامية لمواكبة الاحتفال. وندعو إخواننا في الحوار الوطني أن يعتمدوا اللغة العربية لغة رسمية جامعة لأهل السودان، وندعو إخواننا في الرئاسة عند تصميم الاستراتيجية القومية الشاملة أن يكون هنالك حيز مقدر للغة العربية.
• ما رأيكم في اللغة التي يستخدمها الشباب والطلاب (في الشارع) والتي تؤثر على حصيلتهم اللغوية؟
ـ نحن مطالبون بأن نركز النظام التعليمي بصورة صحيحة، وأن نعلم الأجيال اللغة العربية ونرسخها فيهم في مراحلهم الأولى، خاصة وأنها لغة القرآن، وبعد ذلك لا نخاف من تعاملهم مع اللغات الأجنبية، بل تشكل إضافة لهم، ولا نخاف من اللهجات ولدينا في المجمع (دائرة اللغة العربية واللهجات المحلية). إن اللغة العربية لغة القرآن ولكي نحافظ على النص القرآني لابد أن نحافظ على اللغة العربية.
• ما المطلوب من الإعلام في هذه الاحتفالية؟
للإعلام تأثير قوي ومباشر، ونجد أننا في البيان الذي أذعناه دعونا الإعلام والإعلاميين في الوزارات الثقافية لمواكبة الاحتفالية، ونود أن تكون رسالة الإعلام جنباً إلى جنب مع العلماء الذين لهم القدح المعلى في خدمة اللغة العربية وقواعدها.
• ما هي خطط المجمع لعام 2016؟
ـ في العام الجديد 2016 بإذن الله سنمضي في ثلاث خطط رئيسية: إعداد معجم لتلميذ مرحلة الأساس، ومدونة اللغة العربية، ويتم الإعداد لمشروع قومي للتعريب الشامل وتقديم ذلك لمؤتمر القمة العربية القادم لاستصدار قرار سيادي ملزم على نطاق الوطن العربي.
*كلمة أخيرة:
ـ ندعو الأمة والشعب السوداني لتبني اللغة العربية كمشروع للهوية، وأن تطالب الجماهير الدولة والأحزاب والمعارضة بأن تكون اللغة العربية حاضرة في التخطيط، وذلك في سبيل أن تكون هنالك نهضة شاملة للغة العربية.
الرأي العام