مقال د. منصف الوهايبي: هل العربية لغة محافظة؟

د. جمال البدري

 المقال عليه جملة من الملاحظات ؛ إنما سأقف عند واحدة ؛ وهي قوله نصّـاً: (والعربيّة من هذا الجانب «لغتنا الأمّ الثقافيّة» أو «لغة الأب» أكثر منها لغتنا الأمّ التي نستعملها في حياتنا اليوميّة أو في معيشنا؛ بسبب من ظاهرة الإعراب التي تحرّرت منها اللغات الساميّة ).هل التحرر من ظاهرة الإعراب سمة إيجابية ياسيدي ؟ بل لعنة على اللغة. وهذا ما أراده من قبل أهل الاستشراق.

أليس الله القائل في القرآن وفي هذا الموضع بالذات بشأن الذين في قلوبهم مرض… وهم رديف النفاق : { أم حسب الذين في قلوبهم مرض أنْ لن يخرج الله أضغانهم.
ولونشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ؛ ولتعرفنهم في لحـــن القـــــول ؛ والله يعلم أعمالكم }(محمد 29و30).انظرأين جاء النصّ ؟ في سورة محمد نبيّ العرب ؟!!
تأسيساً عليه ؛ فإنّ { لحن القول } هو بالضبط التحررمن ظاهرة الإعراب التي وقع فيها الأعراب ؛ فكانوا صنو النفاق والاغتراب ؛ ولو كانوا من منبت جزيرة العرب.
بشأن تحديث اللغة العربية…نقول للسادة الذين يرون أنّ مصيرالعربية كغيرها من اللغات القديمة…هذا وهم. إنّ القرآن مانع وحارس لهذه اللغة ولو اجتمعوا عليها بأية حجة ملونة مخادعة. أذكرأيام تعلّمي للغة العبرية في مرحلة الماجستير؛ أنني تعلمتها فوجدت اللغة العبرية القديمة (المنسية) واللغة الحديثة. والحديثة : الشرقية السفارديم والغربية الأشكنازيم ؛ والأخيرة تحولت إلى لغة مقاطع ومصطلحات ؛ حتى لا يفهم سكان القدس الشرقية ما يرطن به سكان القدس الغربية. ولا يهود فلسطين يفقهون لغة الدياسبورا في الشتات. لنكن واقعيين. وهناك ملاحظة نسمعها دوماً ولا نقف عندها.
وهي ظاهرة العروض المسرحية المستمرة لمسرحيات شكسبير في لندن. والإقبال الكبيرعليها من الصغار والكبار؛ ويأتون إليها من طلاب المدارس والمعاهد والكليات.
لم يسأل أحد لماذا هذا الاهتمام. والسبب لكي يربطوا الأجيال الإنكليزية بلغتهم القديمة التي أوشكت على الاندثار؛ بعد ثورة كرومر ضد الكنيسة. شكسبير يعنى الأصالة اللغوية لبريطانيا. فأين شكسبيرمن القرآن. لقد سبق سلامة موسى في مصر أنْ سعى إلى استبدال اللغة الفصحى بالعامية ؛ باسم الحداثة. واليوم مصر الأزهر معقل حصانة العربية بل إنّ أول مصحف طبع كاملاً سليم الإخراج اللغوي كان في مصرسنة 1923 ميلادية. أيْ بعد سقوط الخلافة. ليقول الله للناس: أنا حامي هذه اللغة لا أنتم.
 

القدس العربي