عربيزي لغة وسائل التواصل الإجتماعي تهدد عرش العربية

هنادي حوراني

 لعل من أخطر ما أنتجته ثورة تكنولوجيا المعلومات التي عمت مجتمعاتنا كان غزو اللغة المسخ الهجينة الغريبة العجيبة للأجيال مما وضع اللغة العربية في موضع حرج يستدعي تكاتف الجهود لإنقاذها من براثن هذا الغزو الذي تسلل إلى جميع البيوت بلا حسيب أورقيب، حيث نجد الأطفال والشباب يستخدمون لغة لا تمت بصلة إلى اللغة العربية يطلق عليها في بعض الأحيان "عربيزي " وفي أحيان لغة "الميديا" وهناك من يسميها "الفرانكو آراب" وهي عبارة عن مزيج من مصطلحات انجليزية وفرنسية وأرقام ومصطلحات عربية محكية وليست فصحى، وتنطق هذه اللغة مثل اللغة العربية لكن الحروف المستخدمة في الكتابة هي حروف لاتينية ورموز وأرقام فمثلا حرف العين يكتب رقم 3 والهمزة رقم 2.

وقد رصد الخبراء بعد دراسات مستفيضة أن هذه الظاهرة ليست مجرد موجة عابرة لكنها تجذرت وبدأت تستوطن الأسر مما ينذر بتحولها الى أمر واقع يلزم الجميع بالتعامل معها، حيث أظهرت الدراسات أن نسبة 65% من مستخدمي الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي يكتبون بها.
هذا الواقع استدعى رفع الصوت وقرع جرس الإنذار لحماية اللغة العربية من هذا الزحف المتنامي لغزو اللغة المسخ والهجينة، فعلى من تقع مسؤولية تهميش اللغة العربية ؟ وكيف يمكن تحفيز الشباب والأطفال لاستخدام اللغة العربية ؟ وهل مازال بالإمكان استنهاض اللغة العربية وإعادتها للتداول في أوساط الشباب والناشئة؟ الشرق حاولت تسليط الضوء على هذه القضية البالغة الأهمية والإجابة على التساؤلات المطروحة:
مسؤولية الأهل
تقول فضة إبراهيم أنا ضد استخدام هذه اللغة لأنها تضعف اللغة العربية وتطمس خصوصيتها وتسبب مشاكل كبيرة للغة الأم لدى الجيل الجديد، المشكلة الكبيرة هي أن الأهل يتجنبون الحديث مع أولادهم باللغة العربية من مبدأ مواكبة العصر وهذا خطأ كبير كما أن الأهل عندما يتكلمون مع الطفل باللغة العربية ويعلمونه الأحرف والأرقام باللغة العربية فيعطونها أهمية مثل أهمية اللغة الانجليزية عندها ينشأ جيل يدرك أهمية لغته ويحافظ عليها، ولابد أن يكون هناك دور للأهل والمدرسة في هذا الموضوع أي يتم وضع خطة من الدولة لتطبق على الأهل والمدرسة معا.
ويرى أحمد فياض أن تداول هذه اللغة هو بسبب تأثير الانترنت على الناس الذي أوجد عددا من المفردات السريعة والمختصرة للتعامل بين الشباب وفي بعض الأحيان الضرورة فرضت نفسها كعدم وجود لوحة مفاتيح لدى البعض في بلاد الاغتراب تمكن المستخدم من الكتابة باللغة العربية ولكن برأيي ان الذي يريد الكتابة بالعربي فليكتب بالاحرف العربية وليس بأحرف انجليزية، أو الكتابة باللغة الانجليزية أي عربي بالعربي، الانجليزي بالانجليزي.
لغة العصر أسهل
فيما تؤكد سارة محمد التي تستخدم هذه اللغة في التواصل مع أصدقائها بأن لغة "العربيزي" لغة عصرية ومحببة للتواصل وهي لا تجد صعوبة إذا استخدمت اللغة العربية لكنها تعودت على استخدام هذه اللغة، وبرأيها أنها لا تؤثر سلبا على اللغة العربية لاقتصار استخدامها على فترة معينة.
ويقول منذر عبدالله أنا أقوم باستخدام هذه اللغة لوجود ضعف لدي في اللغة العربية وهي لغة سهلة ومواكبة للتطور والحداثة، كما أن منهجنا في المدرسة والمجتمع الذي نعيش فيه أصبح يعتمد على اللغة الانجليزية التي أصبحت لغة العصر، ما يجعلنا نستخدم هذه اللغة خلال يومنا بشكل كبير.
وتعترف حنان فايز أنها في البداية استغربت هذه اللغة ولم تفهمها وكانت رافضة لاستخدامها لكن التواصل مع الناس عبر وسائل الاتصال الحديثة بالإضافة إلى الهواتف الذكية أثر في استخدامها اللغة العربية وجعلها تستخدم هذه اللغة مع الوقت فهي أسهل وأسرع في الكتابة.
ظاهرة سيئة
من جهتها تقول مدرسة اللغة العربية سلمى توفيق إن أغلب الذين يستخدمون هذه اللغة يظنون أنهم مواكبين للعصر ومتحضرين لكنها لغة سطحية وظاهرة سيئة ولا تنقل فكر ولا ثقافة ولا تنقل أي شيء فهي لا تدخل في سياق اللغات بل هي عبارة عن مفردات بين أفراد يجمعون على نفس الاصطلاح، وهنا لا نلقي اللوم كله على الشباب ولكن للأهل والمدرسة دورا أيضا في تنمية اللغة العربية بالإضافة إلى الحياة السريعة وتطور وسائل تكنولوجيا الاتصال ومحاولة الشباب مواكبة هذا التطور وخلق لغة للتواصل بينهم بعدم النظر إذا كان سيؤثر سلبا على لغتهم العربية.
تطوير منظومة التعليم
الدكتورة موزة المالكي تقول أن الكبار والصغار وأغلب الأولاد في المدارس الأجنبية يستخدمون هذه اللغة لأن الحروف الانجليزية أسهل في الكتابة، لكنها لغة غير رسمية وليس فيها قواعد، وتضيف تصلني الكثير من الرسائل بهذه اللغة وقد حفظتها لكثرة استخدامها لكن لا أرد على الرسائل إلا باللغة العربية أو اللغة الانجليزية، فالمشكلة أن هذه اللغة تؤثر على اللغة العربية والانجليزية معا، فهي تطمس الاثنين وتشوههما لأنها تعمل على محو اللغة العربية ولا تقوي اللغة الانجليزية، ويجب على الأهل والأصدقاء عدم التشجيع عليها وكذلك يجب تطوير التعليم فهذا التحويل في المدارس من عربي إلى انجليزي ومن انجليزي إلى عربي يدمر عقول الأولاد فاللوم وحده لا يقع على هذا الجيل بل على القائمين على تطوير العملية التعليمية كما يجب أخذ رأي الخبراء القطريين في العملية التعليمية فهم أدرى بهذا الموضوع من الناس القادمين من الخارج.
التوعية لها الدور الأساسي
من جهته يقول الدكتور عبد اللطيف سلامي - مدير البرامج التعليمية بمركز مناظرات قطر إن اللغة العربية أصبحت مهددة وعلى المحك أمام تحديات العصر والعولمة والتكنولوجيا، والمشكلة تقع على جميع الأطراف وليس على الشباب فقط أي على الأهل والمدرسة والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب والجهات الحكومية كوزارة الثقافة مثلا في تقديم دورات وورش عن اللغة العربية، فاللغة الانجليزية أصبحت هي الطاغية حتى داخل الأسرة، وبدون التوعية من قبل هذه الجهات سيبقى الموضوع محدودا فالتوعية لها الدور الأساسي.
 

الشرق