خطوة رائدة في الحفاظ على اللغة العربية

 تفاعل عدد من الكتاب والمبدعين الإماراتيين مع إعلان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إقامة مجمع للغة العربية في الشارقة، ورأوا فيها خطوة رائدة ستشكل انعطافة نوعية في عمل المجمعات اللغوية العربية، وستسهم كذلك في الحفاظ على اللغة العربية، التي بدأت تشهد تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، كما أثنى الكتاب والمبدعون على هذه المبادرة واعتبروها واحدة في سلسلة مبادرات سموه الذي يستشرف المستقبل ويؤمن بدور الشارقة التثقيفي والحضاري.

قال الشاعر محمد البريكي مسؤول بيت الشعر في الشارقة «استقبلنا بحفاوة بالغة حصول صاحب السمو حاكم الشارقة على العضوية الفخرية لمجمع اللغة العربية بقرار جمهوري من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خصوصاً وأن هذا التقدير جاء في محله تماماً نظراً للجهود الكبيرة التي قام بها سموه من أجل اللغة العربية وحمايتها والحفاظ عليها عبر سنوات طويلة كان فيها الحارس الأمين والمثقف العربي الكبير الذي فتح أبواب إمارة الشارقة أمام أصحاب الكلمة البليغة من الأدباء والشعراء والنقاد وكل المشتغلين في الحقل اللغوي الحر أو داخل المؤسسات والجامعات والمجامع المعنية باللغة العربية، فضلاً عن أن سموه قدم مبادرة تعد من أقوى وأكبر المبادرات التي في إمكانها أن تعيد لنا لغة الأجداد بطابعها الشفاف، وأسلوبها الفخم البليغ، بتوجيه سموه بإقامة مجمع للغة العربية في الشارقة، تكون من مهامه دعم المجامع العربية في العالم العربي بأسره، وهو ما سيعيد تشغيل الطاقات العاملة في حقل لغة الضاد، وأعتقد أن هذه المبادرة سيكون لها أثر كبير في إحياء وبعث الأساليب العربية التي اختفت من حياتنا في الوقت الراهن، والتي نحتاج بالفعل إلى استعادتها حتى نؤدي حقنا على هذه اللغة التي حين نتمكن منها، نكون قد حققنا ركناً مهماً من أركان الهوية الوطنية.
الكاتبة أسماء الزرعوني قالت: «إن مثل هذه الخطوة الكبيرة متوقعة من صاحب السمو حاكم الشارقة، فهو بوعيه وحساسيته المعهودة يعرف ما تواجهه اللغة العربية من تحديات، فقد صرنا في الفترة الأخيرة نشكو من ضعف طلابنا في اللغة العربية، الذين انصرفوا إلى اللغة الإنجليزية وأهملوا العربية، ومع ذلك فنحن مطمئنون إلى استمرار هذه اللغة، لاسيما أنها لغة القرآن الكريم، ولدينا في الشارقة ما يؤكد على ذلك، كما ان مبادرة سموه بإقامة هذا المجمع سيكون له دوره في زيادة الاهتمام بهذه اللغة، وسوف يشكل حلقة وصل مهمة تبرز الدور التنويري والتثقيفي الذي تتميز به إمارة الشارقة».

واعتبر الشاعر محمود نور مدير عام مجلس العويس الثقافي، إعلان صاحب السمو حاكم الشارقة فكرة كبيرة في معانيها ودلالاتها وقال «المعروف عن صاحب السمو حاكم الشارقة أنه وبفضل رعايته الكريمة الدائمة ولكونه شخصية مثقفة من الطراز الرفيع قد أوصل الشارقة إلى مكانة ثقافية تستحقها، فقد أحرزت عن جدارة لقب «عاصمة الثقافة العربية» وتبعتها بلقب «عاصمة الثقافة الإسلامية» وقد صدر عن سموه الكثير من التصريحات التي تدل على حرصه على اللغة العربية ومنها قول سموه «ان اللغة التي نجيد بها التعبير عن فرحنا وأحزاننا وانكساراتنا وانتصاراتنا هي جزء لا يتجزأ من نفوسنا، ويجب ألا نهملها حتى لا نهمل ولا يصح أن نضعفها فنضعف بها».
وأكد نور على مكانة اللغة العربية، وضرب أمثلة حية من خسارة الناس لكثير من قضاياهم الاستراتيجية والحيوية بسبب ضعفهم بلغة بلدهم، كما أن اللغة هي المصدر الأساس لازدهار العلوم والفنون الأخرى، كما أنها لغة أسلافنا العرب الذين ترجمت إبداعاتهم ونقلها الغرب وطورها، وأعاد استخدام هذه العلوم بالشكل الذي أوصل العالم المتقدم إلى ما هو عليه اليوم.
وأوضح نور أن ذلك المجمع سوف يسهم في تنشيط مجامع اللغة العربية الموجودة الآن، لاسيما أنها تعيش حالة من الكساد، ويكاد يقتصر دورها على إصدار القواميس والمعاجم، وأنها تفتقر للأدوات والوسائل التي تحتاجها لتوصل ما تقوم به إلى العالم، فنحن نعيش في عالم متسارع، فما أحوجنا لمثل هذه النقلة في عمل المجامع العربية حتى يتسنى لها أن تواكب العصر الذي نعيش وذلك من خلال أدوات هذا العصر ووسائله.
بدورها قالت الشاعرة شيخة المطيري «لقد عودنا صاحب السمو حاكم الشارقة، بما يتمتع به من فكر ثاقب، ومن نظرة تستشرف المستقبل نحن بأمس الحاجة إليها، فقد استشرف سموه ما تواجهه اللغة العربية في هذه الأيام من تحديات ومخاطر، كما جعلنا مطمئنين على مستقبل اللغة العربية من خلال هذا المجمع الذي سيكون بداية لانطلاقة جديدة»، وأكدت المطيري أن الشارقة مهيأة تماما لاتخاذ مثل هذا القرار، فهي تتمتع ببنية ثقافية راسخة، وفيها من المؤهلات والإمكانات ما يجعلها قادرة على تبني مثل هذه المشاريع الثقافية الكبيرة، فهناك معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهناك جمعية الحفاظ على اللغة العربية، وغيرها من الفعاليات والمناشط التي تدلل على اهتمامنا بالعربية.
أما الشاعر خالد الظنخاني فاعتبر إنشاء مجمع للغة العربية في الشارقة من الخطوات المتقدمة التي تؤكد مشروع الإمارة الثقافي وتكشف الرؤية التي تنطلق منها في الوقوف عند واحدة من أخطر قضايا الأمة العربية بأسرها، إذ تعاني العربية اليوم أزمات عديدة يجب ان يكون هناك مؤسسة قادرة على مواجهة هذه الأزمات، فالمجمع في مصر بات يحتاج إلى هيكلة جديدة، وتحديث في المنهجيات التي يسير عليها.
ويرى الظنحاني أن الحديث عن مجمع يواجه إشكاليات العربية يعني الحديث عن المنظومة الفكرية والعلمية والثقافية في العالم العربي بأسره، ويعني الحديث عن الهوية الثقافية للعرب من المحيط إلى الخليج، واعتبر أن أهم الإشكاليات التي تواجه اللغة، هي عدم قدرة المجامع على هضم المصطلحات والتعابير اللغوية الجديدة التي يصدرها العالم المنتج للمعرفة والعلوم، لافتاً إلى أن الكثير من العلوم والآداب واجهت هذه الإشكالية الكبيرة خلال عملية الترجمة عن لغات اجنبية، وظل هذا الأثر يأخذ شكله ويتطور ضمن المنظومة الثقافية العربية بأكملها حتى تشوه وجه الكثير من المعارف المنقولة إلى العربية.
واعتبرت الشاعرة الهنوف محمد أن خطوة سموه تأتي في الوقت المناسب، كما أن اللغة العربية تحتاج إلى مثل هذا الاهتمام، فاللغة العربية اليوم تحتاج لحراس أمينين عليها، يصوبون مسارها وينقلون جماليتها جيلاً تلو آخر.
وأكدت الهنوف أن أزمة العربية اليوم تتمظهر في الأجيال الجديدة، إذا طغت اللغات الأجنبية على منظوماتهم التعليمية وصارت هذه اللغات لغة خطابهم مع بعضهم، مشيرة إلى أن ذلك جاء على حساب لغتهم العربية.
وأوضحت الهنوف أن جهود رعاية العربية التي ظلت قائمة خلال العقود القليلة السابقة لم تلتفت إلى مشوار التحديث الذي كان عليها أن تخوضه لتظل على قيد الحياة، وتقوم بدورها.
 

الخليج