
لغتنا الجميلة
د. هاجر التونسي
«لغتنا الجميلة» هو اسم برنامج اذاعى أسبوعى تربيت على الاستماع اليه فى منزل أسرتى. كنا نستمتع بالاستماع الى صوت الشاعر الرائع فاروق شوشة وهو يتحدث عن احد الشعراء ويقدم القاء رائعا لأبيات مختارة من أشعارهم. وللأسف الشديد اختفى صوت الشاعر العظيم من أثير اذاعة البرنامج العام بالرغم من أن هذا البرنامج يقدم فكرا تنويريا يسعى للارتقاء بالذوق العام و الحفاظ على اللغة العربية من الاندثار والتشويه.
وفى ظل غياب الوعى من القائمين على وزارتى التعليم والثقافة، أوشكت اللغة العربية على الاندثار وظهرت لغة بديلة وهى «الفرانكو أراب» تتمثل فى الدمج بين العامية المصرية والعامية الانجليزية وتحل فيها الأرقام محل الحروف. وتدنى مستوى الطلاب فى التعليم المصرى فى مهارات اللغة العربية بشكل ملحوظ، مما دعا وزارة التربية والتعليم الى تطبيق مشروع الانقرائية كمحاولة لتنمية مهارات القراءة والكتابة لدى طلاب التعليم الأساسي. ونسينا أن مقررات اللغة العربية فى المرحلة الثانوية من حيث الكم والكيف تؤدى الى عزوف الطلاب عن حب لغتنا الجميلة. فهذه المقررات تعتمد على تقديم فروع مختلفة كالادب والرواية والنصوص والنحو والبلاغة بصورة منفصلة بالرغم من أنه يمكن استخدام المنهج التكاملى فى تصميم هذه المقررات حتى لا يشعر الطلاب بجفاء ما يتعلمونه. كما أدت كثرة الفروع الى زيادة المحتوى الدراسي بصورة أدت الى نفور الطلاب من اللغة العربية.
وتعد اللغة وعاء الفكر ووسيلة الترابط و التواصل و الانسجام بين أبناء المجتمع الواحد مما يؤدى الى غرس قيمة الانتماء لهذا المجتمع ومن هنا تنشأ فكرة حب الأوطان. ولأننا أهملنا لغتنا الجميلة، أصابها الضعف ولم تستطع الصمود فى ظل موجة العولمة. وانساق الشباب الى الفكر الغربى وانتشرت قناعة أن التحدث بأى لغة غير العربية يعبر عن الرقى والارستقراطية. فلنعترف أننا أضعنا لغتنا الجميلة وحرمنا أجيالا كاملة من الاستمتاع بالتذوق الشعرى والابداع اللغوى والموسيقى والثقافي وغيرها من أشكال الابداع، وكنتيجة حتمية ظهرت أجيال تعانى من فقدان الهوية، تمتلك مشاعر متناقضة من السهل توجيهها واستغلالها فى تحقيق أهداف معينة طالما اتفقنا أن اللغة هى وعاء الفكر، فماذا ننتظر من أجيال تعانى من تشوه فى الفكر؟
وهنا أتوجه باللوم الى المسئولين فى وزارة التربية والتعليم الذين يصرون اصرارا تاما على التمسك بدرجات الحافز الرياضى بالرغم من النقد اللاذع المتعلق بغياب الشفافية وسهولة التلاعب بالأوراق بهدف الاستفادة من هذه الدرجات فى المرحلة الثانوية. ورغم أننى طالبت كثيرا بأن يتم تخصيص نفس الدرجات كحافز للابداع الأدبى والابتكار العلمى، الا أننى لم أجد صدى لهذه المبادرة فى الوزارة. ولا أجد لهم مبررا لاغفال فنون المسرح والالقاء والخطابة والانشاد والغناء والمناظرة، فهذه الفنون هى التى تشكل عقول الطلاب وتغرس قيم المواطنة بداخلهم.
أين المسرح الذهبى الذى قدمه الراحل توفيق الحكيم؟ تحتاج مصر اليوم الى مسرح مدرسي يعرض «أسطورة إيزيس» التي استوحاها الحكيم من كتاب الموتى فأشلاء أوزوريس الحية في الأسطورة هي مصر المتقطعة الأوصال التي يجب أن يفيق أبناؤها ويتحدوا لتحقيق هدف واحد يتمثل فى اعلاء مصلحة الوطن على المصالح الشخصية. أتمنى ان تفيق وزارة الثقافة وتستعيد دورها التنويرى وتنقذ أشلاء اللغة العربية.
الوفد
|
|
|