الترجمة... تعريفها وأهميتها وأهدافها
أ. غالب المير غالب
الترجمة إبداع حيوي، وتزاوج فكري، وتبادل ثقافي، وعطاء أدبي، ومشاركة علمية، وظاهرة تدعو إلى التفاعل الإيجابي مع ثقافات الشعوب الأخرى، ومحاولة فهم ما لدى الآخرين من أفكار ومعارف؛ وهي التي حفظت التراث العالمي من الضياع والاندثار، ولا شك أن إقامة العلاقات والتفاهم مع الثقافات والحضارات الأخرى من بين الأهداف التي تسعى الترجمة لتحقيقها، ومن ثمّ هي طريق إلى تعانق الحضارات والتقائها -لا تنافرها وصراعها - ، الترجمة علم وفن صعب العمل فيه .. ويلزمه موهبة أدبية واسعة، ودراية كبيرة باللغة وبمفرداتها وتذوق مرهف لأساليب التعبير فيها، وكشف ظلال المعاني للغة المنقول منها والمنقول إليها، والترجمة صعوبتها تكمن في الجهد المضاعف الذي يبذله المترجم.. وهذا الجهد في أغلب الترجمات يكون أكثر تعقيدا من التأليف.. لكون المؤلف يملك حرية واسعة في اختيار جمله ومعانيه وأفكاره، بينما المترجم محصور عمله في ما يترجمه، ومن طبيعة الترجمة أن المترجم لا يقدر على تغيير المضامين المترجمة بل هو مجبر على الحركة ضمن إطار النص المطلوب ترجمته، وإلا تعرض لمتاهات ومزالق تؤثر على المعاني الحقيقية للنص الأصلي، وكم من هفوات وقع فيها المترجمون لقصور في ثقافتهم، أو لإهمال في بعض المعاني الأساسية، أما مفهوم الترجمة فأول من حدده وتكلم عنه هو الجاحظ حيث قال عن فن الترجمة وشروط المترجم: ولا بد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون منهما سواء وغاية .. ويفضل أن يكون المترجم متخصصاً فيما يترجمه، فإذا نقل من اللغة الأصلية نصاً فلسفياً، عندها يفضل أن يكون ذا دراية وعلم ومعرفة بالفلسفة وتفاصيلها بالإضافة إلى معرفته التامة بقواعد اللغة المنقول إليها. وعلى المترجم الالتزام بالنص، وعدم التلاعب فيه بالزيادة أو النقصان، وإذا أراد إبداء رأيه في أفكار وجد فيها بعض الغموض، أو فيها أخطاء يمكنه دحضها وتبيان حقيقتها، ساعتها يبدي رأيه خارج النص (في الحواشي) ويدعم رأيه بالإثباتات والأدلة التي يملكها، وإن لم يفعل فهذا بالتأكيد يعني موافقته على مضمون النص الذي يقوم بترجمته، وأحياناً يضطر المترجم إلى التلخيص في النص المترجم، في هذه الحالة عليه الالتزام بفكرة النص الأصلي وإيصال تلك الفكرة كأقرب ما تكون للمتلقي.. وعلى المترجم أن يجد معاني وألفاظاً سهلة والابتعاد عن التراكيب والمعاني الغريبة غير الواضحة.. وكما هو معروف ان ترجمة الأشعار بين لغات مختلفة تعتبر من أصعب الأعمال، وذلك لأن الشعر تختلف موسيقاه من شعب لأخر، وحينما يتم ترجمته يخشى ضياع تلك اللغة الموسيقية.. لذلك يفضل أن يكون المترجم على دراية حقيقية بالشعر والأدب، وضليعاً في تراكيب الأشعار، وعنده قدرة على تطويع ترجمته لتكون ناقلة لمضمون الشعر من اللغة الأصلية إلى اللغة المترجم إليها....
عرفت الترجمة في المنطقة منذ الألف الثالث قبل الميلاد، إذ نقلت وثائق سومرية إلى اللغة الأكادية، كما تمت ترجمة أعمال يونانية علمانية من اليونانية إلى اللغات الشرقية ، بما في ذلك العربية، وكان ذلك أمراً قائما قبل ظهور العباسيين. كذلك فالهلينية المتكلفة بدأ ظهورها في اللغة السريانية في أعمال سرجسوس الراشعيني المتوفي سنة 536م، والذي كان كاهنا وطبيبا ومترجما، كما كان معاصره بويثيوس ينوي أن يقوم بترجمة جميع أعمال أفلاطون وأرسطو إلى اللاتينية مع تفسيرها. إلا أنهما أخفقا نسبيا، مقارنة بالمشروع الذي قام به الفلاسفة العرب ونجاحه الأخاذ.
ولاشك أن الترجمة كانت موجودة خلال هذه الفترة كضرورة تواصلية ومعرفية، لتظهر على يديها الحضارة الهلينسية بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، وامتدت حتى القرن السابع الميلادي، وقد شهدت هذه الفترة التي تصل إلى نحو ألف عام تفاعلا حضاريا بين المراكز الحضارية التي انتشرت خلال فتوحات الإسكندر الأكبر في الإسكندرية، وانطاكيا، نصيبين، وجنديسابور، وسعى السريان إلى نقل معارف اليونان وعلومهم إلى اللغة السريانية، خاصة بعد إغلاق مدرسة الرها سنة 489 م ورحيل علمائها إلى نصيبين، ونقلوا معهم علوم الفلسفة اليونانية والطب اليوناني، إضافة إلى أن كثير من علماء اليونان تركوا بلادهم خشية الاضطهاد الديني، وعندما أغلقت مدرسة أثينا سنة 528 م اتجه علماؤها شرقا إلى دولة الفرس، ليستقر السريان في جنديسابور لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل ترجمة المعرفة الإنسانية. برز الكثير من المترجمين الغربيين في العصور القديمة والحديثة، ولعل أبرزهم هو الخطيب الروماني شيشرون(106-43 ق.م )، والذي تنسب إليه أقدم مدرسة من مدارس الترجمة، والتي تقوم على حرية النقل مع التمسك بالقيم البلاغية والجمالية في التعبير، وهناك أيضاً الراهب جيروم سافرونيك ( 340-430م) الذي اشتهر بترجمته الإنجيل من اللغة الإغريقية إلى اللغة اللاتينية، وكان أول من طرح فكرة الفصل بين ترجمة النصوص الدينية والنصوص الدنيوية، وأوضح أن الترجمة السليمة إنما تعتمد على فهم المترجم للنص الأصلي وقدرته على استخدام أدوات لغته الأم، أو اللغة التي يترجم إليها، وليس لغة النص الأصلي.
الترجمة عند العرب:
لم يعش العرب في معزل عن جيرانهم من الأمم الأخرى، بل اختلطوا بجيرانهم من الفرس والروم وغيرهم، وتواصلوا معهم وتأثروا بهم وأثروا فيهم، وأسهم النشاط التجاري للعرب في توسيع نطاق تواصلهم مع جيرانهم، ونشأت بينهم صلات نجد آثارها في المحتوى اللغوي والثقافي لهذه الأمم، ومما لاشك فيه أن هذا التأثير ما كان له أن يبلغ هذا المستوى لولا نشاط الترجمة بين لغات هذه الأمم ولغة العرب، فهناك بعض الألفاظ الأعجمية التي استخدمها العرب في كلامهم، كما أن لغتي الفرس والروم تضمنت كلمات وتراكيب ومصطلحات عربية، ظهرت فيما نقلوه عن العرب من آداب وعلوم أسهمت في بناء وتطوير حضارتهم، وقد أبدى العرب اهتماماً كبيراً بالترجمة منذ فجر الإسلام، والذي نشطت فيه عملية الدعوة إلى الإسلام خارج حدود شبه جزيرة العرب، وبداية الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وفي زمن الدولة الأموية حيث اهتم خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بترجمة وتعريب الدواوين في محاولة لتعريب نظام الحكم، وكذلك التعريب الذي قام به الحجاج بن يوسف للدواويين، ثم تزايد هذا الاهتمام بالترجمة في العصر العباسي، وذلك بسب الفتوحات التي امتدت شرقاً وغرباً، واستوجبت ضرورة التواصل الدائم مع الأمم الأخرى، والاطلاع على ثقافاتهم وعلومهم وآدابهم، فظهرت العديد من ترجمات الآداب الفارسية والعلوم اليونانية.
بلغ اهتمام العرب بالترجمة أوجه في عصر الخليفة هارون الرشيد وولده المأمون الذي أغدق على المترجمين، وأجزل لهم العطاء لقاء ما يقومون بترجمته من لغة غير العربية إلى اللغة العربية، وكان أشهر المترجمين في هذه الفترة حنين بن اسحق، وابنه اسحق بن حنين بن اسحق، وثابت ابن قرة، و يوحنا بن البطريق، وابن الحمصي، و أبو بشر متى بن يونس والحجاج بن يوسف الكوفي و يحيى بن عدي، وابن المقفع الذي ترجم تاريخ الفرس وعاداتهم وتراثهم وسير ملوكهم ضمن كتب عدة منها ( كليلة ودمنة والأدب الكبير والأدب الصغير .. وكتاب التحية ..)، وقد اشتهروا بإتقانهم للغتين العربية والسريانية، وخبرتهم بالعلوم والمجالات التي كانوا يترجمون فيها، فضلاً عن أن بعضهم قد أقام فترة في البلاد التي تتحدث اللغة المترجم منها، فقد ثبت أن حنين بن اسحاق قد سافر إلى اليونان، وعاش فيها ليتمكن من إتقان اللغة اليونانية، وجدير بالذكر أن حركة الترجمة خلال العصر العباسي لم تكن قاصرة على النقل إلى اللغة العربية، بل تم نقل الكثير من المؤلفات العربية إلى اللغات الأجنبية، ويمكننا أن نميز مسار حركة الترجمة العربية وفق المراحل التالية:
الترجمة في العصر النبوي:
هناك مؤشرات عديدة تشير إلى أن عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد شهد أنشطة للترجمة، خاصة مع ما استلزمه نشر الدعوة من التواصل مع أمم غير عربية، وقيل عن الرسول: "من عرف لغة قوم أمن شرهم " ويروى أن سلمان الفارسي كان له السبق في ترجمة معاني فاتحة الكتاب إلى اللغة الفارسية على أيام النبي صلى الله عليه وسلم، واشتهر زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجى بأنه أول مترجم في الإسلام، وورد في المصادر " انه كان يكتب إلى الملوك، ويجيب بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يتقن اللغة السريانية والفارسية واليونانية، كما أن هناك بردة عتيقة يرجع تاريخها إلى سنة 22هجرية، وعليها نص باسم عمرو بن العاص وبه ثلاثة أسطر باليونانية ومن تحته الترجمة بالعربية.
الترجمة في العصر الأموي:
رغم اهتمام الأمويون بالفتوحات وتوسيع أرجاء دولتهم، إلا أن اهتمامهم بالترجمة والنقل لم يقل عن اهتمامهم بتوسيع الدولة، وذلك بغرض تقويتها والانتقال بها نحو أطوار الحداثة، فترجموا ونقلوا إلى العربية أمهات كتب العلوم اللاتينية واليونانية، وما نقل إلى السريانية في الطب والفلك والعمارة، إضافة إلى الكيمياء التي عني بها خالد بن يزيد سعياً منه على تحويل المعادن العادية إلى ذهب، وفي عهده تم ترجمة أول كتاب من اليونانية إلى العربية وكان كتاب "أحكام النجوم" الذي ألفه الحكيم "هرمس"، وترجم أول كتاب في الطب في عهد مروان بن الحكم ألفه "أهرن بن أعين" الطبيب الذي عاصر هرقل، وعاش بالإسكندرية نحو عام 610م، وترجمه الطبيب البصري "ماسرجويه" من السريانية إلى العربية، وكان من أشهر المترجمين في العصر الأموي يعقوب الرهاوي الذي ترجم الكثير من الكتب من اليونانية إلى العربية.
أما كتب الدواوين في زمن الدولة الأموية فقد نقلت من اليونانية إلى العربية، أيام الخليفة عبد الملك بن مروان، في سورية، ومن الفارسية إلى العربية في العراق على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، كذلك ففي مصر تمت ترجمة العديد من الكتب القبطية إلى العربية في عهد عبد العزيز بن عبد الملك، وهنا لابد أن نتوقف أمام اثنين من خلفاء العصر الأموي وهم:
• خالد بن يزيد بن معاوية الملقب بحكيم آل مروان: أرسل إلى الإسكندرية في طلب بعض الكتب في الطب و الكيمياء لتترجم إلى العربية، ويقول عنه ابن النديم في كتاب "الفهرست": أن خالداًكان فاضلا في نفسه، وله محبة في العلوم، فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونان الذي نزلوا مصر، و تفصحوا بالعربية، وكان هذا أول نقل في الإسلام من لغة إلى لغة، وقال عنه الجاحظ : إنه كان أول من أعطى الترجمة و الفلاسفة و قرب أهل الحكمة و رؤساء كل صنعة.
• عمر بن عبدالعزيز( 99- 101 ه) : سار على درب خالد بن يزيد، واصطحب معه عند انتقاله إلى المدينة احد علماء مدرسة الإسكندرية بعد أن اسلم على يديه، ونقل علماء مدرسة الإسكندرية إلى مدرسة انطاكيا سنة 100هـ .
الترجمة في العصر العباسي:
نشطت حركة الترجمة في العصر العباسي بصورة كبيرة بعد أن استتب لهم الأمر وثبتوا ركائز دولتهم، وبداية من عصر أبي جعفر المنصور يمكن تقسيم تاريخ حركة الترجمة إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: تبدأ من قيام الدولة العباسية إلى قبل عهد المأمون (750-815) م.
المرحلة الثانية: تبدأ من عهد المأمون حتى وفاته (815- 833)م.
وقد ساعد على تنشيط حركة الترجمة إلى العربية في العصر العباسي، تشجيع الخلفاء العباسيين ورعايتهم للمترجمين بصورة جماعية، بينما كانت حركة الترجمة في العصر الأموي محاولات فردية ترتبط بنشاط خلفاء أفراد، لا نظام خلافة متعاقب حيث اعتبر العباسيون الترجمة ركيزة من ركائز دولتهم، ومن أشهر علامات هذه الحركة التي شهدها العصر العباسي ما يتمثل في عهود:
المأمون ( 198-218 ه) : أجزل العطاء للمترجمين، وأرسل بعثات إلى القسطنطينية لجلب ما يمكن الحصول عليه من مؤلفات يونانية في شتى ألوان المعرفة، وكان ممن أرسلهم الحجاج بن مطر، و ابن البطريق، وقد ذكر ابن النديم انه كان بين المأمون و إمبراطور القسطنطينية مراسلات بهذا الشأن.
وتعد حركة النقل والترجمة التي حدثت إبان العصر العباسي أول حركة مكرسة ومنظمة في التاريخ، وذلك لتعدد مصادرها، فقد ترجم العرب عن اليونانية والفارسية والهندية والسريانية والقبطية، كما تميزت بتنوعها إذ راحت تغطى كل العلوم على اختلافها من الفلسفة والمنطق والطب والفلك والرياضيات والكيمياء والطبيعيات والأدب.
كما أن عالم الرياضيات ثابت بن قرّة من حرّان (توفي في ٩٠١) بدأ سلالة من العلماء والمترجمين في أسرته والتي امتدت عبر أربعة أجيال. وكان ابنه عالم الرياضيات والفلكي والطبيب سنان بن ثابت (توفي في ٩٤٣)، وحفيده عالم الرياضيات والفلكي إبراهيم بن سنان (توفي في ٩٤٦)، وابن حفيده الطبيب والمترجم ثابت بن إبراهيم (توفي في 980م).
تلقى هؤلاء المترجمون التدريب على أعلى المستويات وكانوا علماء يتقنون عدة لغات، ونقلوا مهاراتهم للأجيال اللاحقة. وكان رعاتهم يتمتعون بالثراء ولهم صلات وثيقة في المجتمع، وغالبًا ما كانوا يحظون بسلطات سياسية كبيرة. وقد كان هذا الجمع بين الكفاءة العلمية واللغوية والرعاية الرفيعة يضمن إنتاج كم هائل من الترجمات التي تتميز بأقصى درجات الدقة والوضوح لأهم النصوص العلمية في العصور الجاهلية.
حركة الترجمة ودورها في بناء الحضارة :
وهكذا لم يعد أمام الغرب الأوربي سوى الترجمة من العربية إلى اللاتينية، وزيادة على ذلك فقد وضع علماء المسلمين شروحاً لفلسفة أرسطو كما فعل ابن رشد واهتم بها علماء الغرب .
أما أهم مراكز الترجمة عن العربية إلى اللاتينية فكانت مركزين: الأندلس وصقلية، والواقع أن الأندلس هو المركز الرئيس للترجمة من العربية إلى اللاتينية، فاتجه إليه كثير من أعلام النهضة الأوربية في القرن الثاني عشر يطلبون الارتواء من فيض الحضارة الإسلامية في مختلف العلوم والآداب. وقد نشطت حركة الترجمة عن العربية في برشلونة وليون وطليطلة، والتي أسس رئيس أساقفتها مكتبة كبيرة للترجمة عن العربية إلى اللاتينية ، وقام (رديرن الشستري) بترجمة القرآن إلى اللاتينية لأول مرة كما ترجمت كتب كثيرة من العربية في العلوم والفلك والرياضيات للخوارزمي والكيمياء والطب .
أما صقلية فقد أسهمت هي الأخرى في حركة النقل عن العربية في وقت بناء الأوربيين حضارتهم الحالية، وساعد صقلية على ذلك موقعها الاستراتيجي الجغرافي بين أوربا وإفريقيا، ثم احتفاظها بنسبة كبيرة من سكانها المسلمين في عصر النورمان الذين خلفوا المسلمين في حكم الجزيرة. وقد ترجم في صقلية الكثير من الكتب الإسلامية، ومن أبرز مترجميها اليهودي (عشر فرج) من أصل صقلي، ترجم الكثير إلى اللاتينية .
وكانت مدينة طُلَيطِلَةُ بعد سقوطها في أيدي المسيحيين سنة 487 هـ المركز الرئيسي لحركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية، وقد أنشأ " ريموند " رئيس أساقفتها مكتبا للترجمة، وكان المستعربون من أهل الأندلس أكبر المساهمين في حركة الترجمة ومن أشهرهم " دومونيقوس جوند يسا لفى " و " بطرس الفونسى " و "حنا الأشبيلى " وغيرهم وقد ترتب على هذه الحركة وجود ثورة علمية وفكرية هائلة في غرب أوروبا؛ ذلك لأن المعارف الجديدة التي نقلت من العربية إلى اللاتينية أضاءت أمام الأوربيين طريق الحياة، وبددت ضباب الجهالة الذي حجب عنهم رؤية الحضارة وأيقظتهم من سباتهم العميق ونبهتهم من غفلتهم الطويلة فأقبلوا على دراسة الحضارة الإسلامية بشغف بالغ ونهم شديد.
الفداء