أول حوار صحفي مع مؤسس نحو وصرف لإحياء اللغة العربية.. بعد مرور عام على انطلاقها

سليم صفي الدين

 صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تهدف إلى إحياء اللغة العربية، تقدّم اللغة بقواعدها الدسمة بشكل سهل وسلس ويسير، في عام واحد حققت تغيُّرًا ملحوظًا في مفاهيم العامة عن اللغة، كتب في شأنها صحفيون وكُتّاب وشعراء دعمًا لها، نُجري حوارًا صحفيًّا مع مؤسسها الشاعر المصري محمود عبد الرازق جمعة، صاحب ديوان لعلكم تهتدون، شعر فصحى، الصادر في يناير 2000، وكتاب الأخطاء اللغوية الشائعة في الأوساط الثقافية، دراسة لغوية، يناير 2009، وديوان فِقدان مؤقت للذاكرة، شعر فصحى، أغسطس 2011، وأعمال أخري كثيرة. يدور الحوار بالكامل حول صفحة «نحو وصرف» وما حققته وما يطمحون إلى تحقيقه من إدارتها

- بدايةً من مؤسس نحو وصرف؟ وهل تدار من خلال عدة أشخاص؟

* مؤسس نحو وصرف هو الشاعر المصري محمود عبد الرازق جمعة، وهو يديرها.

- كيف جاءت الفكرة؟ وما الهدف منها؟
* جاءت الفكرة من تتبُّع ما يشيع من أخطاء لغوية بين العرب عمومًا، والمثقفين خصوصًا، والمتخصصين في اللغة العربية بشكل أكثر خصوصية، فاللغة العربية تمرّ بأزمة كبيرة وحادّة تهدّد باندثارها أو تحوُّلها إلى "أثر" لا نراه إلا في كتب التراث وفي القرآن الكريم، لهذا كان لزامًا على كل من يستطيع أن يضع لبِنة في جدارها قبل أن يتهاوى. 

وهدفها بوضوح هو تحبيب اللغة العربية إلى أهلها، عن طريق عرضها بشكل مبسط بعيد عن الإلغاز والتعقيد والمصطلحات المنفّرة.

- هل كما نسمع غالبًا إن اللغة العربية صعبة، وتحتاج للتخصص كي يتم استيعابها؟
* اللغة العربية صعبة، نعم، ولكن صعوبتها ليست في ذاتها، بل في بُعدِنا عنها، اللغة العربية فيها من المنطق ما يجعلها أوضح اللغات، وفيها من الجمال ما يجعلها أرقى اللغات، وهذا يعني أن علينا أن نعرف منطقها، وأن ندرك مواطن جمالها، حتى نستطيع أن نقول إنها "ليست صعبة". 

وهي لا تحتاج إلى التخصص لاستيعابها، بل تحتاج إلى الإخلاص لها، فكم من شاعرٍ مُجيد للغة العربية لم يتخصّص فيها قط، وكم من متخصّص متخرّج في دار العلوم ولا يدري ما فيها من جمال ورُقِيّ وروعة. والأصل التعوُّد، تَعوُّد اللغة السليمة، عن طريق الاستماع لها سليمةً وقراءتها سلميةً وكتابتها سليمةً.

- هل كل بحر من بحور اللغة "نحو، صرف، بلاغة، أدب.... " يحتاج تخصص أم أن هناك خطوط عريضة يمكن الإلمام بها في كل فرع؟
* اللغة ليست أفرُعًا متوازية، بل هي شجرةٌ تخرج فروعُها من جذر واحد هو النحو والصرف، فمن فهِم علم النحو فهمًا سليمًا سهُلَ عليه البلاغة والأدب والعَروض والصوتيات، وكل ما يتفرّع عن هذه العلوم. 

ولعلّك تلاحظ أن كل علماء اللغة العربية الأجِلّاء كانوا فطاحل في النحو والصرف. 

- مر عام علي إنشاء صفحتكم، ما مدي النجاح الذي حققتموه؟
* بحمد الله تجاوزت الصفحة ما كان مخطَّطًا لها أن تحقِّقه، إذ قدّرنا في البداية أن تصل إلى معدَّل نحو ألف فرد في الشهر، أي اثنَي عشر ألفًا في العام، ولكن بنهاية العام الأول في نهاية أكتوبر الماضي كان عدد المعجبين بالصفحة أكثر من خمسة وخمسين ألفًا، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من التفاعل، إذ تتجاوز المنشورات مئات المُعجَبين، بالإضافة إلى عشرات المشاركات.

- هل تجنون أمولًا من وراء الصفحة؟
* لا ندري أصلًا إن كان ممكنًا جَنْي المال من وراء الصفحة، ولم نسعَ إليه، وإن كنَّا لا نرفضه كهدف عامّ في الحياة، ولا مانع من سعينا له إن كان تحقيقه لا يتعارض مع أهداف الصفحة وأسلوبها.

- هل لكم خطة؟ أم أن الصفحة في حد ذاتها هي الهدف؟
* لنا خطة أكثر اتساعًا من الصفحة، إذ نسعى لإنشاء قناة خاصة بـ"نحو وصرف" على يوتيوب نعرض فيها دروس النحو والصرف بالصوت والصورة، بالإضافة إلى إنشاء موقع إنترنت خالصّ بالصفحة يضمّ كل منشوراتها مبوَّبة ومرتَّبة، كذلك نسعى لطبع كتاب يضمّ المنشورات المهمَّة في الصفحة. 

ولكن كل هذه الأهداف يقف حائلًا بيننا وبينها مؤقَّتًا عدم وجود دعم مادّي، وصعوبة التفرُّغ لها.

- كتب عنكم "مؤمن المحمدي وهو كاتب صحفي، حسام مصطفي ابراهيم روائي وقصاص، مصطفي الجزار شاعر" كيف ترون ذلك؟ وهل كانت مفاجئة لكم؟
* الأصدقاء مؤمن المحمدي وحسام مصطفى إبراهيم ومصطفى الجزار، بالإضافة إلى المؤرّخ ووزير الثقافة الأسبق عماد أبو غازي، والفنانتين التشكيليتين منى عبد الرحمن وغادة خليفة والشاعر نزار شهاب الدين والناقد والصحفي إيهاب الملاح، نحن الذين طلبنا منهم أن يشاركونا احتفالنا بمرور عام على إنشاء "نحو وصرف"، وهم طوال العام الأول للصفحة من أهمّ التفاعلين من الصفحة، وما طلبنا منهم ذلك إلا لاستشعارنا حبَّهم للصفحة واحترامَهم لمنشوراتها.

- اللغة العربية لغة القرآن، وفهمها يعالج كثير من المفاهيم المغلوطة في القرآن، هل هذا الشق ضمن قائمة اهتماماتكم؟
* ضمنَ اهتمامات الصفحة معالجة الفهم الخطأ عمومًا، سواء للقرآن الكريم أو لغيره من النصوص، فالصفحة ليس لها توجُّه ديني ولا سياسي ولا اجتماعي، بل تتناول اللغة في كل الاتجاهات وكل المواقف، وتستشهد بالصواب أيًّا كان مصدره، سواء القرآن والشعر والحديث الشريف والإنجيل والتوراة والأقوال المأثورة، إلخ.

وتسعى لتصويب المفاهيم اللغوية في كل هذا، عن طريق كل هذا.

- يقول البعض إن اللغة العربية تغالط القرآن، وإنه وُضع بعض القواعد لتتماشى مع سياق القرآن، كيف يمكن الرد على هذا؟
* فليقُل مَن شاء ما شاء، القرآن الكريم أمامنا وأمام علماء اللغة منذ أربعة عشر قرنًا تقريبًا، وكل ما قيل من مخالفته قواعد اللغة العربية فقد ردُّوا عليه، ومعظم ما قيل في هذا الشأن لا يخرج عن كون قائله إما جاهلًا باللغة العربية وقواعدها، وإما جاهلًا بمعنى الآية موضع النقد، وإما مشكِّكًا لمجرَّد التشكيك. 

والقواعد التي يُقال إنها وُضعَت لتتماشى مع سياق القرآن الكريم تتماشى مع أشعار جاهلية كُتبت قبل البعثة النبوية، وهذا يهدم مبدأ الاتهام من أساسه.

ولكن هذا في الأساس ظاهرة صحّية، لأن قراءة النصوص المقدَّسة بعقل ناقد، هو شكل من أشكال الوعي، وطريقة شديدة الأهمّية لاستيعاب النصوص عمومًا، والنصوص الدينية خصوصًا، وكم من مشكّك وشاكٍّ أعمل عقله في النص المقدَّس، فأدرك فيه أكثر ممَّن يقرؤونه بعقلية المؤمن المصدِّق ذي اليقين. 

وهذا يتماشى تمامًا مع ما أمرنا به الله من التفكُّر والتدبُّر في كتابه الكريم: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا". 
 

بلدنا اليوم