بلا عنوان

أ. سلمان السليطي

 يقولون إن القراءة غذاء الروح ومتعة العقل، وتمثل تلك المقولة أحد أشكال التعبير عن فوائد القراءة العديدة التي لا يمكن حصرها ورغم أهمية القراءة في كافة جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية إلا أنها أصبحت في معزل عن الأجيال الحالية نتيجة عزوف الكثيرين عنها مع تطور العصور وظهور التكنولوجيا وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت النتيجة أن الكثير أصبح لايدرك عن معاني اللغة العربية شيئاً أو العديد من الكلمات والألفاظ التي يجهلها البعض فضلاً عن سطحية المعلومات العامة لدى الكثيرين، وبات خريج الجامعة أو المدرسة كل ما يهمّه هو النجاح والتخرّج بغض النظر عن توسعة أفقه في مجالات مختلفة من خلال القراءة، لذلك نرى الكثيرين ممن نقابلهم في حياتنا اليومية يفتقرون إلى الحسّ البلاغي والمعلومة الصحيحة المتعلقة بالحياة العامة.

فالقراءة توسّع مدارك الشخص وتجعله صبوراً محيطاً بمناحي الحياة، تفيده في حياته الخاصة سواء بالتعامل مع أسرته وأبنائه وأقاربه، وكذلك على المستوى العام تفيده في مجال عمله من خلال كيفية التعامل مع الآخرين وغيرها من الفوائد التي لا تعدّ ولاتحصى من القراءة، والسؤال هنا متى نرى قريباً حملة وطنية تشجيعية تحفيزية للقراءة يشارك فيها كل أطياف المجتمع من مواطنين ومقيمين، حملة تستمرّ شهوراً طويلة، تتضمن مسابقات تشجيعية ومكافآت قيمة للتحفيز، فالقراءة هي روح الحياة.

وكانت رسالة الإسلام التي أنزلها الله سبحانه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كانت أولى كلماتها هي (اقرأ)، وكان للقراءة دور هام في تاريخ الإسلام منذ عصر صدر الإسلام حينما كانت دية الأسير عند المسلمين أن يعلم الأميين منهم القراءة والكتابة، وكان للقراءة الدور الفعال في ازدهار الحضارة الإسلامية وتوسع العلوم والمعارف الإسلامية التي انتشرت وقتها بشكل كبير.

ويجب أن نعلم جيداً أنه كلما ازدادت القراءة وكانت أكثر استمرارية وعمقاً زاد فهم الإنسان للموضوع الذي يبحث فيه، لذلك فإن القراءة في حياتنا أصبحت من الضروريات التي لا يجب الاستغناء عنها، فقراءة الصحف تعد من أبسط أنواع القراءة والتي تكسب قارئها الكثير من المعارف أو بعض القصص، ورغم بساطة الأمر إلا أننا نرى القليل هو المقبل بالفعل على هذه النوعية من القراءة، وبات المهم الانشغال على مدار الساعة منذ الاستيقاظ صباحاً وحتى الخلود إلى النوم هو مواقع التواصل من تويتر والواتس اب والإنستجرام والسناب والفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل الأخرى والتي خلقت حالة من الجفاء والعزلة بين الشخص والكتاب. لذلك من الضروري استحضار العزيمة والإرادة من أجل العودة إلى القراءة وتزويد معارفنا بالكثير من الفنون التي تفيدنا وتفيد أبناءنا وأحفادنا في المستقبل سواء بالنصيحة أو بالمعلومة الصحيحة.

ولا ننسى أن هناك دولاً تتنافس فيما بينها على عدد المواطنين الذين يرتادون المكتبات أو حجم الكتب ومبيعاتها، ونتمنى أن ندخل في منافسة مع هذه الدول وتصبح مكتباتنا مليئة بروّادها ويصبح الكتاب صديق كل واحد منا بدلاً من الجوال أو الإيباد أو غيرها من الأجهزة الحديثة التي بات الانشغال بها أكثر من اللازم في أمور وموضوعات قد لا تتعلق بالمفهوم الحقيقي للقراءة أو المعرفة بشيء، ونتمنى أن تكون هناك وقفة مع النفس ونخصص أو نستقطع جزءاً من وقتنا حتى لو بسيطاً للقراءة.
 

الراية