|
|
فيض الخاطر.. جامعة قطر.. والعناية باللغة العربية
د. كلثم جبر
أعجب من أناس يتحدثون عن ضعف طلاب جامعة قطر في اللغة العربية، أولا لأنها لغتهم الأم وهم يتحدثون بها منذ نعومة أظفارهم، وثانيا لأن طلاب الجامعة ليس من اللازم أن يكونوا ضليعين في اللغة باستثناء من يريدون التخصص فيها، ومن المستحيل أن نطلب من طلاب الجامعة وغيرهم من الطلاب الحديث باللغة العربية الفصحي في كل أحاديثهم، لأن ثقافة المجتمع لا تستوعب هذا النهج في التخاطب، بل إن من يتحدث بالعربية الفصحى أو حتى الفصيحة، غالبا ما ينظر إليه باستغراب، ويقال عنه أنه يتفلسف أو يتحذلق، ومع ذلك فاللهجة العامية الخليجية إنما أساس مفرداتها مستمدة من اللغة العربية الفصيحة، حتى وإن دخلت عليها بعض الكلمات الأعجمية، بحكم تلاقح الثقافات، وكثرة المصطلحات العلمية والفنية المتداولة في جميع أنحاء العالم.
وإجمالا فإن اللغة العربية في جامعة قطر تحظى بعناية كبيرة، واهتمام واسع حيث تحرص هذه الجامعة على تدريس اللغة العربية بشكل فعال، يسهم في تعزيز المهارات اللغوية وتمكين الطلبة منها، ومن هنا قررت الجامعة أن تكون اللغة العربية متطلبا جامعيا إجباريا لكل طلابها وفي جميع التخصصات، ونهض قسم اللغة العربية عبر مسيرته الطويلة، من أجل تدريس المقررين: اللغة العربية 1 اللغة العربية 2 بهدف تطوير مهارات الطالب في استخدام اللغة المكتوبة والمنطوقة، والتحدث بها على نحو مناسب، وتطوير المعجم اللغوي لدى الطالب حتى يتمكن من التعامل مع النصوص القديمة والحديثة والعلمية والأدبية بفهم واقتدار تامين، إلى جانب تعزيز إدراك الطالب للعلاقة الوطيدة بين اللغة والهوية من خلال توفير المادة العلمية التي تعزز تمسكه وتقديره لهويته الوطنية، ومن هنا بادرت كلية الآداب والعلوم إلى إعداد خطة لمنهج متطور يتضمن تحديث المحتوى وطريقة التدريس، وشكلت لجنة مختصة ضمت أعضاء من قسم اللغة العربية، حيث قامت بإعادة النظر في مضمون المقررين المذكورين، وطريقة تدريسهما، وناقشت في اجتماعات عديدة كل الإجراءات المنهجية التي تضمن الوصول إلى منهج متقدم، يشجع الطلبة على التحصيل، ويسهم في تنمية مهاراتهم اللغوية، وتمكينهم من حسن الفهم والاستيعاب، وهم يبذلون كل الجهد للاستفادة من هذه الفرصة التي وفرتها الجامعة لطلابها وطالباتها، وما ذلك كله سوى استجابة لما يفرضه واجب الجامعة تجاه اللغة العربية، كما نص على ذلك دستور البلاد، وتوجيهات القيادة الحكيمة، وإذا كنا حريصين على توثيق علاقة الطلاب والطالبات باللغة العربية الفصيحة إن لم نقل الفصحى، فليس من المناسب أن نصفهم بالضعف في هذه اللغة، التي يتحدثون بها، ويتعاملون معها طوال الوقت.
حديث الطلاب والطالبات في الجامعة بلغة عربية فصيحة، مطلوب دون شك، ولن يتحقق ذلك وبشكل عملي إلا إذا أخذ أعضاء هيئة التدريس على أنفسهم عهدا بالحديث بالفصحى مع طلابهم، بدل الهروب منها إلى لغات أخرى، ولا عذر لمن يسيء فهم القول إن الطلبة ضعاف في عدم التحدث بهذه اللغة المشرقة في إيحاءاتها ومعانيها، والأنيقة في عباراتها وألفاظها، والباذخة في مفرداتها وجملها، ومع ذلك يعتقد البعض أن طلاب وطالبات الجامعة يعانون من الضعف في اللغة العربية، وهم أبناؤها، والحريصون على حمايتها من أي ضعف أو تقهقر، ومواجهة التغريب الذي تتعرض له لغتنا الجميلة، من كل حدب وصوب.
الراية
|
|
|
|
|