للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

أبناؤنا في البعيد... من يقرّبهم إلى لغة الضاد؟

أ.علي حويلي

 قد يفاجأ المهاجر العربي عموماً بتخصيص حكومة مقاطعة كيبيك الفرنسية في كندا، برنامجاً في مناهجها التعليمية لتدريس اللغة العربية وتعيين أساتذة اختصاصيين وتزويد طلابها بالكتب مجاناً.

يُعرف هذا البرنامج المعتمد به عام 1976 باسم «بيلو»، وهو اختصار لتسميته بالفرنسية Programme d›Enseignement des Langues d›Origines أي برنامج تعليم اللغات العائدة للإتنيات المختلفة في المدارس الرسمية في كيبيك. ولا يتطلّب الأمر سوى أن يتقدّم أهالي التلامذة بطلب إلى وزارة التربية يتضمّن وجود 15 تلميذاً على الأقل من أبنائهم في أي مدرسة ابتدائية حتى تتولّى الوزارة تخصيص أساتذة لتعليمهم وتحديد ساعات التدريس ومضمون المناهج الدراسية والأساليب التعليمية. وتشير إحصاءات «لجنة المدارس الكاثوليكية في مونتريال» إلى أن اكثر من 15 مدرسة فرنكوفونية تعطي دروساً باللغة العربية لحوالى ألف تلميذة وتلميذ.
وتأتي العربية في المرتبة الثالثة بعد الفرنسية والإنكليزية، وفي مقدّم اللغات الإتنية الأساسية بنسبة 8.28 في المئة، تليها الإسبانية 6.57 في المئة، والكريول 3.29 في المئة، والإيطالية 2.95 في المئة، والصينية 2.26 في المئة.
 
تغريب الثقافة
لم يكن برنامج «بيلو» ثمرة أي جهد اغترابي عربي، كما قد يتبادر إلى الأذهان، وإنما هو مبادرة حكومية ترمي أساساً إلى تسهيل تأقلم الناشئة واندماجهم في المجتمع الكيبيكي، بمعنى أن تكون اللغة العربية «معبراً سلساً إلى المواطنة»، وفقاً لما تشير إليه أدبيات الهجرة الكندية.
لكن البرامج المعدّة لتعليم العربية، يغيب عنها أي بُعد حضاري أو ثقافي أو أدبي أو جمالي يتعلّق بلغة الضاد. والأمثولات التي تدرّس هي أقرب إلى التوعية والإرشاد والتنشئة الوطنية، إذ يجري التركيز فيها مثلاً على دلالات الإشارات الكهربائية وعلامات السير ونظام المواصلات العامة كالمترو والباصات وأحوال الطقس وحقوق المواطن وواجباته.
ومن اليسير على المرء أن يدرك تلك الدلالات من خلال الإعلانات الحكومية في الشوارع والأندية والمدارس ومراكز التأهيل والترفيه وغيرها، كونها تدعو إلى جعل كل تلميذ مشروع مواطن تمهيداً لأن يصير مواطناً كندياً قلباً وقالباً. أما توزيع التلامذة في الصفوف فيتم على أساس تصنيفهم إلى مستويات متفاوتة تبعاً لدرجة إلمامهم بها. ووفقاً لهذا البرنامج فإن الدروس لا تندرج في صلب التعليم الرسمي، بمعنى أنها تُعطى خارج أوقات الدوام، إما في استراحة الظهيرة وإما بعد الانصراف. وفي الحالتين يشعر التلميذ بأنه في حالة «أقرب إلى العقاب وحجز الحرية»، مقارنة بأقرانه الذين ينصرفون إلى اللعب واللهو أو إلى منازلهم. ويولّد «هذا الإحساس النفسي لدى كثيرين كرهاً للعربية ولمن يدرّسها أحياناً»، كما تقول سلمى زيتون إحدى الأمهات في لجنة الأهالي المدرسية.
 
تجارب اغترابية
على رغم أن المدارس الحكومية الكيبيكية تضم عدداً لا يستهان به من التلامذة العرب، فهي تبقى عاجزة عن استيعاب مزيد من أبناء الوافدين والمقيمين وتلبية إقبالهم الشديد على تعلّم لغتهم الأم. من هذا المنطلق أُسست خلال السنوات الماضية مدارس عربية وإسلامية خاصة لسدّ هذه الحاجة الملحّة، علماً أنها تتبع المنهج الكيبيكي الرسمي، وتتمتّع وفقاً لنظامها الداخلي بهامش واسع لتدريس اللغة العربية وحرية اختيار مناهجها وتعيين معلميها وطرق تدريسها وتنظيم نشاطاتها اللامنهجية واعتماد الكتب التي تُدرّس في أقطار عربية.
أما مدارس اللغة العربية التابعة للمراكز والجمعيات الدينية التي تُعرف بـ «مدارس السبت» أو «مدارس الأحد»، فتعتمد على أساتذة متطوعين تفتقر غالبيتهم إلى الخبرة التعليمية والأساليب التربوية الصحيحة، وبالتالي فهي لا تُقارن بالمدارس الكندية الحكومية أو الخاصة سواء لناحية التنظيم أو الانتظام أو المردود اللغوي. فاللغة العربية في تلك المراكز لا تدرّس لذاتها بل يطغى عليها التعليم الديني إلى حدّ كبير. وينقاد التلامذة إليها رغماً عنهم يقيناً منهم أن الأهل يصادرون حريتهم أيام العطلة الأسبوعية التي يعتبرونها فرصة للراحة واللهو والنشاطات الترفيهية. كما يستسهلون النطق والتحدّث بالفرنسية أو الإنكليزية أكثر من العربية. ويشكو كثر منهم، كما يقول التلميذ اللبناني جمال عيسى (14 سنة)، من قساوة الأساليب التربوية وافتقارها إلى وسائل الترغيب وعناصر التشويق، خلافاً لما هو سائد في المدارس الكندية.
باختصار، تبقى تلك التجارب الاغترابية على أهميتها في حاجة ماسة إلى تطويرها وتحديثها وتعزيزها بكوادر تعليمية اختصاصية تقرّب الناشئة العرب رغبة وطوعاً أكثر فأكثر إلى لغتهم الأم.
 

الحياة

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية