للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

اللغة تبحث عن عاشق

أ. عمرو محفوظ

 

اللغة هي سيرة الأولين وحياة الماضين ، لغز كل حضارة وقوامها وعمادها ، إذا استقامت الشعوب فاستقامت الحضارة وإستقامت اللغة أيضاً ، وإذا إنحرفت الشعوب وخرجت عن مسارها إنحرفت اللغة كفعل الحضارة ، مجد تحمله بداخلها وهوية تُطبع على كل ساكنيها ، لها عبق يفوح منها يميزها عن كل ما حولها ، عبق ٌ متجددٌ فيها ما دامت حية مادام ماء الأصالة يسري فيها ،، لكن كل هذا سرعان ما يختفي إذا كانت لغة محتل .  

لغة المحتل سمٌ يسري يفتت كل ما هو أصيل ويضفي عليها بصماته القاتلة ، وإما إجباراً من المحتل أو إجهالاً من الشعوب أو كلاهما معاً تنتشر كسرطان خبيث تشوه ملامح الماضي وتهدد بمستقبل مشوب الهيئة ، في ميدان المعركة نجد جندي يأسر الأخر أو طائرة تأسر الأخرى ، أما في حرب الأفكار فنجد لغة تحتل الأخرى .
 
حكى التاريخ لنا كثيراً أن المستعمر في كل بلدة حاول تغيير لغة أهلها إلى لغته ، أراد أن يمحوا من ذاكرتهم كل شيء يربطهم يداً إلى يد ، أراد إدخالهم في دوامة البحث عن ماهيتهم ومن ثم الولوج إلى دهاليز النسيان حيث يستحيل الخروج منها مرة أخرى ، حكى التاريخ لنا عن بريطانيا عندما دخلت الهند ومصر أقرت الإنجليزية لغة رسمية لتسهيل التقارب بين المستعمر والشعوب وتفتيت الوحدة الوطنية ، هنا أستذكر مقولة الزعيم الفلبيني خوسيه ريزال عندما رأى الشعب يتجه إلى الأسبانية ويستسيغها "إن الرجل الذي لا يحب لغته الأم أسوأ من حيوان أو سمكة نتنة" .
 
الأندلس جرح غائر جف برصاصته ولم يلتأم بعد ، ستة قرون تفصلنا عن سقوط غرناطة أخر ممالك الأندلس لولا خذلان أهل المغرب وليبيا ومصر وتجاهلهم لإستغاثات المسلمين هناك ، دخل القشتاليين غرناطة العرب فمحوا كل ما هو عربي ، أحرقوا الكتب والمصاحف وقتلوا العلماء حولوا المساجد إلى كنائس حتى الحمامات المبنية على الطريقة العربية أغلقوها أيضاً ، فرضوا القشتالية -الأسبانية حالياً- لغة رسمية ومن يتحدث بغيرها نكلت به محاكم التفتيش ، أعلن الناس النصرانية علناً والإسلام في قلوبهم سراً فكان القابض على دينه كالقابض على جمر . 
 
اللغة تقف عائق أمام تواصل الشعوب ، وإتخاذ لغة ثانية للتواصل أمر مرغوب ، لكن طغيانها على حساب اللغة الأم مرفوض تماماً وتلك بوادر لإنتكاسة كبرى للغة ، فتختلط اللغة بالأخرى ، فلا يكاد المرء منا يميز بين ماهو تابعٌ لها وما هو دخيل عليها  ، العامية يستخدمها جموع العالم ولكل لغة عاميتها الخاصة ، لكن دخول العامية إلى ساحة الأدب يهدم الأدب ويهدم لغتنا ، يدفعنا للنداء بالمحافظة على العربية ، العربية لغة القرآن ، لغة وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ، لغة إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ، العربية لغة عمرو ابن كلثوم وابن الرومي وحسان ابن ثابت والمتنبي ، العربية لغة ابي فراس الحمداني و جبران خليل جبران ونجيب محفوظ والرافعي العربية لغة العقاد والبارودي وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس ، أنقذوا الفصحى من هوس العامية وهواجسها ، فلتبقى العزة والأصالة للفصحى ولتذهب العامية إلى الجحيم . 
 

رصد

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية