للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

حماية اللغة العربية قضية سيادية

د. عبدالعزيز التويجري

 

ظاهرة عربية لافتة للنظر تستحق المتابعة وإعارتها بالغ العناية، تتجلى في الاهتمام المتعدد الأوجه، بطرح قضايا اللغة العربية على بساط البحث للدراسة والتحليل والتعمق في إيجاد المخارج من الأزمة اللغوية التي باتت من مظاهر المرحلة الحالية التي يمرّ بها العالم العربي.

ولقد عني القائمون على شؤون اللغة العربية في المجامع اللغوية، والأقسام المتخصصة في كليات الآداب، ومعاهد المعلمين، وفي المنظمات والجمعيات التي تهتم بحماية اللغة العربية والنهوض بها، وهي في ازدياد، بتنظيم المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية على نطاق واسع، للنظر في قضايا اللغة العربية.
إن الحصيلة العلمية الوافرة التي يخرج بها الخبراء والأكاديميون والمجمعيون وأساتذة اللغة في الجامعات العربية، من هذه المؤتمرات والندوات التي تعقد لبحث قضايا اللغة العربية في المشرق والمغرب، تُعدُّ في حقيقة الأمر، نتائجَ بالغةَ الأهمية، جديرةً بأن تُترجم إلى ممارسات عملية، وتُصاغ في قرارات تنفيذية، تصدر عن الجهات الحكومية المعنية التي يعود إليها أمرُ حماية اللغة العربية، والحفاظ على سلامتها، والعمل على تجديدها وتنميتها حتى تواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة في العالم اليوم. فلا يحسن أن تظل تلك التوصيات المهمة والنتائج القيمة المحصل عليها، التي جمعت بين التأصيل والتقعيد وبين وضع آليات للتنفيذ وتيسير سبله، مجردَ حبر على ورق، لا تأخذ سبيلها إلى التطبيق العملي في الواقع المعيش.
فواقع اللغة العربية بات يشكل اليوم قضيةً محوريةً ذاتَ أهمية بالغة، هي إحدى قضايا الوجود الحضاري للأمة العربية الإسلامية، التي تستحق أن تَتَضَافَرَ الجهود على جميع المستويات، الحكومية والأهلية، للاهتمام بها، وإزالة الحواجز التي تعترض سبيلها، وتمكينها من النفاذ والذيوع والانتشار، ولاكتساب مقوّمات القوة والاقتدار. فهذه ليست قضية ثقافية، لسانية، تعليمية، فحسب، ولكنها قضيةٌ سياسيةٌ أيضاً، بل لا نتردد في أن نقول إنها قضية سيادية.
لذلك كانت حماية اللغة العربية حمايةً للكيان الوطني على وجه العموم، وليست ترسيخاً للارتباط بالماضي فقط، وإن كان أمراً محموداً الارتباط الروحي والثقافي والحضاري الوثيق بالماضي على هذا النحو، ولكن هذه الحماية هي تقوية للانتماء إلى الحاضر، وتعزيز لبناء المستقبل. وفي جميع الأحوال، فإن هذه الحماية اللغوية الضامنة للحفاظ عليها ولازدهارها، ليست انغلاقاً وانكفاءً على الذات وانعزالاً عن العالم، وليست ضرباً من التعصّب لها.
أما التكييف القانوني، بل الحضاري لكون اللغة العربية قضيةً سياديةً، فلأن من مقوّمات السيادة، طبقاً للمقتضيات القانونية، اللغة التي يجتمع حولها الشعب، كما يلتف حول المقوّمات الأخرى، ويتشبث بها ولا يرضى بغيرها بديلاً. فالسيادة للدولة تنتقص إذا ما تمَّ التفريط باللغة، سواء باستبدال لغة أجنبية بها، أو بالعمل على الإساءة إليها وتشويهها وتهميشها وإقصائها من الحياة العامة، أو بإغراقها بالعاميات التي تفسدها.
ولئن كنا نؤكد وجوب التحرك المتوازن والمتعدد الأطراف للعناية باللغة العربية وتجديدها والنهوض بها، فإننا لا ننكر الجهود المبذولة على عدة أصعدة، والتي تتمثَّل في بعض المبادرات الناجحة التي يسعى القائمون عليها إلى توفير شروط التمكين للغتنا، في اجتهادٍ محمود وابتكارٍ ملموسٍ يشهد لأصحابهما بالفضل في هذا المضمار. وهو الأمر الذي يؤكد لنا أن الصورة ليست قاتمة، وأن خصوم العربية، وهم كُثرٌ، سيبؤون بالفشل.
والحق أن اللغة العربية في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، تواجه تحدّيات عدة، من مختلف الجهات وشتى الأطراف وعلى جميع المستويات. ولعل أقسى هذه التحديات وأشرسها وأخطرها، تلك التي تنبع من الداخل وليست الوافدة من الخارج. ونعني بذلك ضعف الإرادة في الحفاظ على اللغة العربية لدى قطاعات عريضة من أهلها، بمن فيها بعض القائمين على الشأن العام الممسكين بزمام الأمور، فضلاً عن الموقف السلبي الذي يتخذه نفرٌ من العرب من صانعي القرار ومن ذوي الحيثيات الثقافية والعلمية والأكاديمية.
لكل هذه الاعتبارات، ما ذكرناه وما ضاق المجال عن ذكره، تكون حماية اللغة العربية قضية سيادية، بالمفهوم العميق للسيادة ومن النواحي كافة.
 

الحياة

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية