د. جمال البدري
صاحب هذا التعليق ليس متخصصاً باللغة العربية بل ملم بأساسيات اللغة وبغيرها؛ لأنها أداة الثقافة والفكر…وأودّ الوقوف كما يقولون عند عبارتك ( فالتحدي، وهو ليس مستحيلا، الذي يواجهه العرب هو إعادة صياغة إشكالية اللغة العربية، ليس في ضوء الحفاظ على القرآن الكريم فحسب، كما حدث في عصر التدوين الأول، بل برسم امتلاك العلم الجامع الذي نتقاسمه مع الإنسانية جمعاء..).
وباختصار أقول لحضرتك الكريمة…في مرحلة من عمري بادرت إلى ( تقليب ) هيكلية بعض اللغات ( العالمية ) لمعرفة مكنوناتها الداخلية.
كالغواص باحثاً عن اللؤلؤ المنثور. فكانت دراستي للإنكليزية والفرنسية والألمانية؛ ومن اللغات الشرقية درست اللغة العبرية القديمة منها ( لغة التوراة ) واللهجة المستجدة مع اليديشية. وطفقت أقارن مرّكبات وأصول الفعل والمصادر…وأقارن ذلك مع الفعل والمصدر في اللغة العربية.. وكي أقطع العجمة ركنت إلى الشعر الجاهلي بمـعلقاته السبع وأخواتها المعاصرة لها وإلى لغـة النـصّ القـرآني.
فوصلت إلى نتيجة علمية أختصرها هنا : أنّ التكوين الهيكلي والبنيوي للفعل والمصدر في اللغة العربية؛ يقوم على القانون الرياضي الهندسي الجبري؛ من دون كلّ اللغات التي نعرفها اليوم…وأصدرت بذلك كتاباً طبع لأكثر من مرّة بعنوان ( هندسة القرآن ). لقد وجدت بعد لأي أنّ
النصّ اللغوي العربيّ الأصيل كالنصّ القرآني الربّاني؛ قبل نحو1500 سنة والآن بعد 1500 عام؛ هوهو..لم يتغير…فيما جميع الألفاـظ
المرتبطة بأصل الفعل والمصدر…وهما أساس اشتاق الألفاظ وتعدد أزمنتها…تتغير وتنقلب وتنحرف؛ من دون تطوّر وإثراء بل نحو الإسفاف.
وانّ مفهومي للفعل الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي؛ مفهوم رياضي وليس مفهوماً ( لغوياً ) مجرداً نتاج القيل والقال.ومن هنا أيضاً
أقول إنّ النصّ القرآني مبني على لغة رياضية هندسية كما هي خوارزمية الكمبيوتر ومشتقات التقنية الفائقة الحضارة. لذلك فإنّ اللغة العربية؛ ومن دون تحيز عنصري تتوافر بالطبع والطبيعة والنشأة والأصل على (امتلاك العلم الجامع…) كما تفضلّت آنفاً.
وهذا العلم الرياضي في اللغة العربية هو الذي جعلها لغة خاتم الكتب السّماوية من لدن الله الخبير العليم…وهوما أختصره الأصمعي بالقول ( إنّ العربية شبه الوحي ).
القدس العربي