أ. محمد جاسم السداح
في مقالنا هذا سنواصل استعراض مظاهر الاستخفاف باللغة العربية..
في عام 1951 أصدر الشيخ عبدالله السالم «قرارا» بأن تكون جميع مراسلات الحكومة باللغة العربية حتى مع الجهات الأجنبية.. ولعله يقصد بذلك شركة نفط الكويت التي تعمل في الأراضي الكويتية لاستخراج النفط.
وفي بداية الخمسينات، بدأت الحركة التجارية تنشط في مدينة الكويت، خصوصاً بعد افتتاح الشارع الجديد، حيث بدأ الناس يرون الدكاكين والمحال التجارية وقد زينت بالكهرباء والبضائع الجديدة المستوردة من أوروبا وبعض الدول العربية كبلاد الشام مثلا.
ومع انتشار المحال بدأ المواطنون يلاحظون على باب كل محل الاسم التجاري للمحل، مما أدى الى انتشار بعض التعابير والكلمات الغربية على المواطنين مثل كلمة نامليت ودندرمة وغيرها.. بعض الناس، خصوصاً ممن قدموا من بلاد الشام، استعملوا كلمات أجنبية غريبة على مجتمع الكويت مثل أوتيل.. ثم بدأت هذه اللوحات المعلقة على الدكاكين والمحال تكتب بلغة أجنبية، إضافة إلى تعابير أجنبية، مما أثار استنكار كثير من المواطنين الكويتيين، خاصة العروبيين منهم.
وفي عام 1952 عين المجلس البلدي الأستاذ المرحوم عبد الله أحمد حسين الرومي أميناً للسر – وبعد فترة قصيرة طلب مني المرحوم الأستاذ عبد الله أحمد حسين الرومي أن انضم إلى أمانة المجلس فاستقلت من المعارف وعينت في المجلس البلدي في مكتب الاستاذ عبد الله حسين.. وكنا دائما نتحدث عن انتشار الأسماء والكلمات الأجنبية في اعلانات المحال والدكاكين، فاتفقنا مع أحد المواطنين ليكتب للمجلس البلدي طالبا وضع حد لهذا الانتشار الغريب على مجتمعنا – مما أدى الى ايذاء لغتنا العربية، فقام المرحوم عبد الله أحمد حسين الرومي بعرض الموضوع على المجلس البلدي الذي اتخذ قرارا بمنع هذه الاعلانات، بل ونظمها لتكون الاعلانات باللغة العربية وبكلمات عربية، وأن يكون التعبير العربي فوق والتعبير الأجنبي تحت أو على يسار التعبير العربي..
وقد طلب المجلس من الأستاذ عبد الله أن ينفذ قراره، فأسند المرحوم عبد الله الى شخصين من أبناء الكويت المشهود لهما بالكفاءة وحسن التدبير لتنفيذ التعليمات المطلوبة.
فنفذ هذان الشخصان ما طلب منهما في مدينة الكويت ثم اتجها الى حولي والسالمية وغيرهما من المناطق على قلة ما فيها من اعلانات المكاتب والدكاكين.
وعندما وصلا الى مدينة الأحمدي، حيث مقر شركة نفط الكويت، شعر هذان الشخصان بالحرج والخوف من التقدم للأحمدي، لأن فيها موظفين انكليزا، فراجعا الأستاذ عبد الله حسين وأبديا مخاوفهما، وأذكر أن المرحوم سألهما: هل الأحمدي جزء من الكويت أم لا؟ فلما أجابا بالايجاب قال لهما اذهبا وأديا ما هو مطلوب منكما، وأنا أقف بجانبكما أدعمكما وأدافع عنكما، فاندفع الشابان وقاما بما هو مطلوب منهما.
وفي عام 1960 كان خالد الحسن أمينا عاما للمجلس البلدي، فعرضت عليه نفس المشكلة التي عرضت أمام المجالس البلدية في الخمسينات، وطلبت منه عرض موضوع الاعلانات بالكلمات الأجنبية وعدم احترام اللغة العربية فرحَّب .. ولكن هنا يبقى التنفيذ..
فالمرحوم عبد الله أحمد حسين نفذ القرار بكل حزم، أما خالد الحسن فلم يحرك ساكنا..
وفي عام 1962 أصدر صاحب السمو الشيخ المرحوم عبد الله السالم الصباح مرسوما باصدار دستور الكويت الذي ذكر في مادته الأولى «الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة…» كما ينص في مادته الثالثة على أن «لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية..». يتبع
القبس