|
|

وما زال امتهان اللغة العربية مستمراً - 2
أ. محمد جاسم السداح
صدر قانون الإعلانات.. وقد نصت المادة الحادية عشرة من لائحة هذا القانون، وتحديدا في البند الأول، على «أن تكون لغة الإعلان هي اللغة العربية، ويجوز أن تضاف للإعلان ترجمة مطابقة باللغة الأجنبية لعلامات أو وكالات تجارية، شريطة موافقة مالكي العلامات والوكالات التجارية، وأن تكون ضمن النشاط باستثناء الإعلان التجاري»، وبدأ تطبيقه بكل حزم وصرامة، حيث تستبعد الكلمات الأجنبية من الإعلانات وتحترم اللغة العربية بأن يتم وضعها في أعلى الإعلان وعلى يمينه،
وظل العمل بهذا الأمر طوال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ومع بداية التسعينيات أصدر أحد وزراء التجارة والصناعة هداه الله قراراً يسمح بموجبه باستعمال الكلمات والأسماء الأجنبية سواء للبضائع أو الإعلانات أو أسماء الشركات، فانتشرت هذه الأسماء الغريبة على مجتمعنا، خصوصاً مع ازدياد أعداد أفراد الجاليات الآسيوية التي لا تعرف اللغة العربية ولا تهتم بها، فأصبحنا نرى إعلانات في غاية الغرابة من حيث الاسم أو التعبير أو اللفظ، وأصبحت لغتنا تزداد تراجعاً ويكفي للتدليل على ذلك أن بعض إعلانات المحال تكتب باللغة الإنكليزية فقط، بل تعدى ذلك الأمر إلى كتابة بعض الإعلانات باللغة الفارسية أو السنسكريتية أو غيرها.. وانتشرت الكلمات الأجنبية حتى في التعابير المستعملة يومياً على ألسنة الناس.
فالصحة أصبحت «هيلث»، والتخسيس أصبح «ريجيم»، والأكل الصحي أصبح «دايت فود»، والمصعد أصبح «أسانسير»، وأصبحت كلمة شرطة تكتب Police، وهذا ما شاهدته شخصيا على الزي الرسمي لأحد أفراد الشرطة الكويتية، كما أصبحت كلمة «طفل المستقبل»، وهي شركة ألعاب أطفال، تكتب على النحو التالي «فيوتشر كيد»، حتى مياه الشرب لم تسلم من تهميش اللغة العربية فأصبحت الأسماء التجارية للمياه المعدنية، أكوا الحياة، أكوا غلف، غولدن ووتر، وغيرها وغيرها..
وتحولت الكلمات العربية الجميلة إلى مصطلحات أجنبية، ما يزيد الابتعاد عن اللغة وتهميشها، وتلك جميعها نماذج لما هو حاصل في هذا البلد، ومما يجدر ذكره فإنه في السبعينيات، حين كان رئيس الوزراء سمو الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله فإنه قد أمر بإنشاء واجهة بحرية، وهو ما تم على امتداد الطريق الساحلي من السالمية إلى أول منطقة شرق، وقد أطلق عليها سموه «الواجهة البحرية»، كما أطلق، ولله الحمد، صاحب السمو أمير البلاد على حدائق الحزام الأخضر اسم «حديقة الشهيد» للمرحلتين الأولى والثانية، ولكن مما يؤسف له أنه قد تم افتتاح حديقة كبيرة ذات مساحة واسعة جدا في منطقة السالمية أطلق عليها «بوليفارد»، فلماذا بوليفارد؟! فهل قلت الأسماء العربية وعزت حتى نسمي مرافقنا الكويتية بأسماء أجنبية.
فيلذهب أي واحد منا ويمر على المحال في الأسواق والمجمعات وهناك سيصاب بالصدمة لما يرى..
هذه نماذج لما يؤلم النفس أن تحدث في كويتنا الحبيبة، فهل هذا يجوز ؟! سؤال أوجهه إلى الجهة الرسمية المسؤولة عن تنفيذ الدستور والقوانين، وهي الحكومة، وسؤال أوجهه إلى مجلس الأمة المسؤول عن متابعة أعمال الحكومة، ومنها تنفيذ القوانين الحكومية.
القبس
|
|
|
|
|