أ. أحمد المحمد طه
خلال مسيرتي التعليمية والتعلمية درستُ ودرّستُ عدداً من المناهج التي كانت تصدرها وزارة التربية بين الحين والآخر.
وفي كلّ مرة كانت الوزارة تصدر حيثيات التطوير بأنّها تواكب التقدم والتطور الذي يسير به العالم قدماً مع التراكم الهائل من المعرفة الذي تتحفنا به آلة التكنولوجيا كلّ يوم.
وإذا صح هذا القول على المواد العلمية كالفيزياء والرياضيات والأحياء، فإنه لايصح دائماً على مادة اللغة العربية (اللهم إلا مواكبتها لتعريب بعض المصطلحات الأجنبية الوافدة إلينا من بلاد الله الواسعة).
في هذه المناهج ماكنا نشعر بجماله، ونتذوق نصوصه، ونستحلي تدريباته، وما تزال ذاكرتنا تحتفظ ببعض النصوص التي نرددها بين الحين والآخر كلما طفت فوق سطح ذاكرتنا، وما من شك في أن لمدرّسينا أبلغ الأثر في نقل هذه المعلومة أو تلك وفي جعلنا نحبّ المادة حدّ العشق.
أذكرـ وقد كان لي شرف المشاركة في تأليف بعض كتب المرحلة الثانوية ـ أن تطبيق آخر منهاج جديد كان في العام 2010 فالتلميذ الذي طبق عليه المنهاج في الصف الأول من التعليم الأساسي هو اليوم في الصف السابع، فهل هذه السنوات السبع كافية لنعرف مدى تأثر التلميذ بالمنهاج ومدى استفادته منه؟! يجب أن ننتظر على الأقل حتى يحصل التلميذ على شهادة التعليم الأساسي ليتبين لنا مدة صلاحية المنهاج ومدى الحاجة إلى تطبيقه.
لكن وزارة التربية على مايبدو لها رأي آخر.
وفيما يتعلق بمحتوى الكتاب فليس في اللغة العربية مايدعو إلى الخلق والإبداع من قبل المؤلفين, فالكتاب مجموعة من النصوص تجرى عليها التطبيقات التي تتعلق بالمهارات المعروفة من مهارة الاستماع إلى مهارة القراءة إلى مهارة الكتابة والتعبير بنوعيه الشفوي والكتابي.
وموطن الإبداع فيه هو المنهجية التي يتّبعها المؤلفون في وضع الأسئلة المتعلقة بالنص المدروس.
والمنهاج الذي دُرّس في العام الحالي 2016 ـ2017 وما قبل حتى 2011 اعتمد نظام الوحدات حيث يتـألف الكتاب من مجموعة من الوحدات كل وحدة تعالج جانباً من القضايا الأدبية.
في كل وحدة درس عن القراءة الرافدة وتكون شاملة لأبحاث الوحدة، ثم مجموعة من النصوص الشعرية والنثرية التي تغني الوحدة. وفي تضاعيف النصوص نجد التطبيق على فروع المادة كلها من نحو وإملاء وخط وقراءة وعروض .. إلى آخر
فروع المادة. وتختتم الوحدة بموضوع تعبير عن الوحدة.
وأما المنهجية على النصّ فقد كانت تشمل القراءة, والبنية الفكرية للنص, والبنية الأدبية التي كانت تشكل البلاغة والصور البيانية بالإضافة إلى دراسة العاطفة.. وتظهر البراعة في تحويل هذه البنى إلى أسئلة تناسب ذوق الطالب وتنتقل به من البسيط إلى المركّب، ومن الفهم إلى التحليل والتركيب والنقد.
ليس من العدل أن نتحدث عن هذا المنهاج بصورة غير لائقة لأن منهاجاً جديداً قد وُضِع, ولأن طلابنا درسوه طيلة سبع سنوات, فإذا عبناه فإنما نعيب أنفسنا.
وبانتظار المنهاج الجديد الذي نتمنى أن يكون مفيداً لطلابنا وألا يكون التطوير من أجل التطوير والتغيير، وألاّ يكون للوزارة مآرب أخرى.
الفداء