|
|
تصنيف جامعاتنا... مشكلة لغة؟
أ. سليم قلالة
تصنيف جامعاتنا على المستوى العالمي له علاقة بدرجة كبيرة بلغة التدريس والبحث، حقيقةٌ ينبغي أن نعترف بها… اللغة العربية التي يتم التدريس بها في العلوم الانسانية لا تُمكِّن جامعاتنا من أن تُعرّف بنفسها أو إنتاجها عبر العالم، واللغة الفرنسية التي انفردت بالتخصصات التكنولوجية والتقنية هي في تدهور مستمر عالميا ولا يُعِيرها العالم أي اعتبار، بل الفرنسيون أنفسهم لولا النشر باللغة الإنجليزية لاحتلت جامعاتهم أدنى الدرجات عالميا. لذلك، فإنه بدل الحديث بأسف كل سنة عن المراتب الدنيا التي تحتلها جامعاتنا ونشر حالة اليأس والاحباط بين طلبتنا وباحثينا، علينا أن نَطرح بموضوعية مسألة لغة البحث على كافة المستويات...
جميع الأبحاث التي نقوم بها باللغة العربية في مجال العلوم الإنسانية، يبقى تداولها محليا وفي نطاق محدود للغاية. ولولا تلك الملخّصات التي لا تتعدى فقرة باللغة الإنجليزية لاعتبرت غير موجودة تماما. الشيء ذاته يتعلق بالأبحاث التي يعدها أساتذتنا أو طلبتنا في نطاق دراستهم أو عبر مخابر البحث التابعة إلى الفروع التكنولوجية والتقنية، وتُنشَر باللغة الفرنسية، لا يطّلع عليها سوى الفرانكوفونيين وتبقى ضمن دائرة ضيِّقة جدا على النطاق العالمي. وهكذا لا يَسمع بجامعاتنا أحد، ونعجز عن تحسين موقعنا في الترتيب العالمي في مجال الإنتاج العلمي في كل سنة، ولا نواكب المعرفة بحال (جامعة باب الزوار الأعرق في الجزائر تحتل المرتبة 2345 عالميا حسب الموقع الأمريكي (وابوميتريكس) 2017.
إذا أضفنا إلى هذين العاملين المحيط غير المشجع على البحث، ونظام "ل.م.د" غير المُتحكَّم فيه، فإننا سنفهم لِمَ هي جامعاتنا في ذيل الترتيب عالميا، رغم وجود كفاءات وطنية في جميع التخصصات...
لذا، فإنه علينا أن نُعيد النظر في السياسة اللغوية في جامعاتنا في أقرب الآجال، من خلال تحضير طلبتنا منذ المراحل الأولى للتعليم للدراسة والبحث باللغة الإنجليزية عندما يصلون إلى مرحلة ما بعد التدرج (ماستر ـ دكتوراة)... وهذا لن يؤثر في شيء في مجال سعينا لتطوير لغتنا الوطنية ـ عربية أو أمازيغية ـ لكي ترقى إلى مصاف اللغة الحية الأولى في العالم، ذلك أن لكل لغة مرحلتها التاريخية في مجال الريادة العلمية، والمرحلة الحالية هي للغة الإنجليزية، ومن الخطإ الكبير أن نبقى متشبثين بلغة لم تتمكن من المنافسة عالميا هي اللغة الفرنسية، أو محاولين بطريقة عاطفية نقل لغتنا الوطنية إلى مصاف العالمية دون المرور على مرحلة انتقالية يتم خلالها توطين هذه العلوم بلساننا الوطني، قبل بلوغ مرحلة الإبداع واستعادة الريادة... ولعل هذا هو طُموح كل وطني لا يفصل بين الغيرة على لغته الوطنية، والغيرة على أن تحتل جامعات وطنه المراتب العليا عالميا...
الشروق
|
|
|
|
|