للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الانهزام اللغوي.. خنوعٌ حضاري

أ. سليم قلالة

 

لم يتم أي انتقال حضاري من غير توطينٍ للمعرفة، لَو لَمْ تَنقل للحضارة الإسلامية المعارف الأخرى إلى اللغة العربية عن طريق دار الحكمة لكانت الحضارة العباسية يونانية بامتياز، ولَو لَمْ يَنقل الأوربيون العلوم العربية إلى لغاتهم قبيل عصر النهضة لكانوا عربا بامتياز، ولَو لَمْ ينقل الأمريكيون العلم الألماني والأوروبي إلى لغتهم لكانوا أوروبيين من الدرجة الأولى.. وكذلك الشأن بالنسبة لنا، مادام بعضنا يتصرف بانهزام حضاري وتاريخي وثقافي أمام اللغات الأجنبية فلن نستعيد مكانتنا ولا هويتنا ولا لغتنا بين الأمم…

ليس لنا بديل آخر إذا أردنا أن نتصرف كأمة عريقة من أن نسعى لتوطين العلم بلغتنا مهما اعتقدنا أنها اليوم ضعيفة، سواء أكانت عربية أو أمازيغية، ذلك أننا لن نُصبح أبدا علماء بلغات غيرنا ولن نَتقدم في أي مجال إذا لم نؤمن بأنفسنا ونعتز بهويتنا وثقافتنا.
إن المنبهرين بلغات العالم، والفاقدين لهويتهم ولسانهم والمستنجدين بلغة ضد لغة أخرى لن يصنعوا تقدما مهما حاولوا…
علينا أن نخجل عندما نقف في صف الدفاع عن لغة أجنبية ضد أخرى مهما كانت، للقضاء أو تهميش أي من لغاتنا باسم التقدم أو مواكبة العصر.
إن مشكلة بعض مسؤولينا تكمن في هذا المستوى، بدل أن يتناولوا موضوع اللغات الأجنبية من منطلق الاعتزاز بالذات وتوطين المعرفة يتناولونه من منطلق العبد الخانع المُنبهر بسيده الذي يشعر بالدونية الحضارية واللغوية تجاهه، فيجدوا أنفسهم مُنقسمين بين أنصار للفرنسية ضد الانجليزية أو العكس، كُلٌ يتباهى بسيّده، ناسيا أن عليه أن يتحرر أولا من حالة العبودية التي هو فيها ويحرر لغته منها…
لقد كان “روجر باكون” ينقل علوم المسلمين من الأندلس إلى جامعتي أكسفورد وباريس ويقول إنه لا يمكن لمن لا يعرف العربية أن يتعلم الرياضيات والعلوم، وكان طوماس ألاكويني ينقل إلى اللاتينية ترجمات “ابن ميمون” اليهودي العبرية لابن رشد ومنهجه العقلي في القرن الثالث عشر، بل كان كل الأوربيين ينقلون جميع أصناف الحكمة الأندلسية إلى الثقافة اللاتينية عبر صقلية وطليطلة وقرطبة، بلغتهم في عملية واضحة لتوطين المعرفة لديهم…
لم يكن لهؤلاء انهزام لغوي أمام اللغة العربية أو الصينية أو الفارسية التي كانت سيدة في فترة من الفترات… وهكذا تمكنوا من النهضة فالتقدم فالتفوق، وذات الشيء صَنعه الصينيون واليابانيون والهنود والألمان وما زالوا يصنعونه إلى اليوم…
فهلاّ تصرفنا كما تقتضي هيبتنا الحضارية وتاريخنا العريق ومنطق التقدم، وتخلصنا من حالة القابلية للاستعباد اللغوي التي مازالت صفة لصيقة ببعض مسؤولينا؟
 

الشروق

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية