للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

نحو ثقافة طفولة عربية مسؤولة

د. محمد الدعمي

 

” إن ثقافة الأطفال تتطلب كوادر متخصصة، بل وبدرجة رفيعة من التخصص الذي يمكنها من الفوز بشعراء مختصين بكتابة أناشيد الأطفال وأهازيجهم، وفئة مختصة كذلك بتأليف قصص الأطفال وبانتاج الأفلام التي تستقطب عقل الطفل وتغازل مزاجه من أجل تمرير الدروس الأخلاقية والسلوكية الصحيحة، ناهيك عن الحاجة الماسة للصحافة المهتمة بعقل الطفل بطريقة “الحبوب المغطاة بطبقة من السكر”، 

لم أفقه أهمية “ثقافة الأطفال” قط، إلا عندما كنت أدرس للدكتوراة خارج العراق، إذ إني كنت سعيدا للغاية باكتساب ولديَّ اللغة الإنكليزية بسرعة من خلال مدرستهما واختلاطهما بأقرانهما، ولكن سعادتي هذه سرعان ما ذوت، مصطدمة بملاحظتي ابتداءهما فقدان المهارات اللغوية العربية (أي اللغة الأم)، فقلقت كثيرا، متأرقا.
وإذا كنت قد تنبهت لهذا الخطر مبكرا (والحمد لله)، فقد رحت أسأل زملاء لي حول هذه المعضلة غير المتوقعة، نظرا لحرصي على اكتسابهما مهارات اللغة العربية الأم. وإذا كان هناك من الأصدقاء قد أوصاني باستعمال أشرطة حلقات “افتح ياسمسم” الكويتية، فإني قد بذلت جهدا كبيرا للظفر بها وبما يوازيها من اشرطة “ثقافة الطفل العربي”، من نوع “الآنسة قواعد”. وهنا، لاحظت الخلل الخطير في ثقافتنا العربية المعاصرة متجسدا في إهمالها لثقافة الأطفال. وقد كانت من النتائج “الكارثية” لهذا النكوص في الثقافة العربية، هي: (1) اعتماد الأطفال العرب (من المحيط إلى الخليج) على المستورد من منتجات ثقافة الأطفال وتقلص العاملين فيه؛ (2) ضمور الاختصاص بثقافة الأطفال، درجة عده حقلاً غير مهما، باعتبار من يعمل فيه شخصا يفكر بعقل طفل (غير ناضج). وهذه من هنات ثقافتنا العربية المعاصرة الخطيرة. وقد لاحظت كذلك أن الاهتمام بثقافة الأطفال يزداد ويزدهر تحت ظل الأنظمة الحكومية الأكثر “مركزية إعلامية”، كما كانت عليه الحال في مصر الرئيس الراحل عبد الناصر، وفي العراق قبل الغزو الأميركي. بل إن هذا ما أدى الى توجه القطاع الخاص الى حقول أخرى، أدنى أهمية، نظرا لاعتماده حسابات الربح والخسارة، للأسف.
زد على كل ما تقدم، النظرة الدونية العامة لثقافة الأطفال باعتبار أن من يهتم بها لم يزل محتفظا “بعقل طفل”، وليس بعقل بالغ وناضج. وهذه من أخطر الآفات التي تهدد ثقافة الطفل العربي، أي النظرة الدونية لكل من يهتم بثقافة الأطفال، بوصفها فرعا ثقافيا تنقصه الجدية والسخونة الكافية.
وعلى العكس مما تقدم، تشكل دول حضارية متقدمة كاليابان والولايات المتحدة والصين ودول أوروبا نماذج تستحق الرصد والملاحظة في اهتمامها بثقافة الطفل، درجة فرض الأموال الكافية لرعايتها، ناهيك عن القضاء على المفاهيم الخاطئة من النوع الذي يفيد بأن ثقافة الأطفال لا تتطلب الاختصاص والتفرغ لها، كما يعتقد الكثيرون، خطأً.
إن ثقافة الأطفال تتطلب كوادر متخصصة، بل وبدرجة رفيعة من التخصص الذي يمكنها من الفوز بشعراء مختصين بكتابة أناشيد الأطفال وأهازيجهم، وفئة مختصة كذلك بتأليف قصص الأطفال وبانتاج الأفلام التي تستقطب عقل الطفل وتغازل مزاجه من أجل تمرير الدروس الأخلاقية والسلوكية الصحيحة، ناهيك عن الحاجة الماسة للصحافة المهتمة بعقل الطفل بطريقة “الحبوب المغطاة بطبقة من السكر”، على أمل رؤية أجيال محبة وعاملة وبناءة وجادة، قادرة على الإضطلاع برؤى المستقبل المشرق، بعونه تعالى.
 

الوطن

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية