أ. طلعت شناعة
التشوهات التي أصابت مجتمعاتنا العربية ومنها المجتمع الاردني، انعكست والقت بظلالها على كل شيء حولنا، ومنها « لغتنا العربية « التي باتت «مثل الارملة الحزينة التي لا بواكي لها». ورغم محاولات «مجمع اللغة العربية الاردني» الذي يتصدى لهذا الواقع الأليم ، الاّ أن « يداً واحدة لا تصفّق» كما يقولون.
فقد انتشرت الالفاظ والمصطلحات وصار الواحد منا «يتباهى» بمعرفته ببعض الكلمات الاجنبية، ربما كي يوهم الآخرين بانه « متعلّم» .
فقد انتشرت اسماء المحلات التجارية باللغة الانجليزية والفرنسية واحيانا لا تعرف ما هيّة هذه اللغة، وكما قال ماهر ابراهيم « هيك السوق بده». بل ان بعض الناس وخاصة اصحاب المحال التجارية ،بات يعتقد ان الزبائن لن يُقبلوا على محلّه إن هو لم يطلق على محله اسما اجنبيا.
ليست المحلاّت وحدها التي تساهم في إفساد الجيل الحالي من غير المثقفين والمحبين للغة العربية التي أضاع الشاعر حافظ ابراهيم جزءا كبيرا من عمره وهو يمتدحها،فقال على لسانها:
« أنا البحر في أحشائه الدُّرّ كامنٌ/ فهل ساءلوا الغوّاص عن صدفاتي» ؟،بل ان هناك جهات سواء بسوء نية واو بحُسنِها، تتعمد استخدام اللغة الاجنبية بغية استدراج الزبائن ،ظنا منها ان هذه « لغة العصر» وأن الناس تحب كل ما هو « فرنجي»،انطلاقا من ان كل « فرنجي برنجي».
وللأسف فإن هذه التشوّهات اللغوية انتقلت الى وسائل الإعلام من صحافة وتلفزة واذاعات وايضا الى وسائل التواصل الإجتماعي التي بات بعضها يُسهم في تدمير القيم والعادات السليمة والموروثات التي وجدنا عليها آباءنا واقصد الموروثات الجيدة وليست سلبيات الماضي.
والغريب ان اولادنا ،وبناتنا ، يعتقدون في ظل هذه التشوهات أن هذا هو « الحقيقي والمطلوب» في ظل غياب القدوة في البيت والمدرسة والجامعات والشارع الذي بات هو « المعلّم « لكثير من الشباب .فمنه يتعلمون «التغريب» في السلوك والكلام والتعامل ورد الفعل.
حارس « العربية»
مجمع اللغة العربية الاردني الذي ربما لا يعرف مكانه اغلب الشباب، والعيب فيهم وليس فيه، يتصدّى لهذه التشوهات من خلال المؤتمرات والندوات والمسابقات وتداخله مع الطلبة والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والجامعات من أجل «إنقاذ ما يُمكن إنقاذه».كونه المعني بتنظيف ذائقتنا مما علِقَ بها من آفات كلامية،إضافة الى دورة الأكاديمي حيث يضم في عضويته نخبة من كبار الاساتذة والعلماء ويقدم الابحاث بمشاركة علماء واساتذة من الدول العربية والاسلامية ،من أجل صون لغتنا التي كان يصفها الشاعر فاروق شوشة في برنامجه الاذاعي الشهير « لغتنا الجميلة».
وفي هذا الشأن قال الدكتور محمد السعودي (أمين عام مجمع اللغة العربية ) ان القانون يمنع اطلاق التسميات الاجنبية على المحال التجارية تحت ظائلة العقوبات اعتبارا من العام المقبل 2019 . واضاف: وعلى ذلك وكما في قانون حماية اللغة العربية رقم 35 لسنة 2015 « تُسمّى الشوارع والساحات العام وغيرها من المواقع وتستثنى منذ لك أسماء الأعلام غير العربية. وهو ما يشمل « المؤسسات التجارية والمالية والصناعة والعلمية والاجتماعية والخدمية والترفيه والسياحة وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة والاهلية.
واعتبارا من العام المقبل 2019 سوف يتم تنفيذ القانون وتفعيله وكل من يُخالف ذلك من الجهات والمؤسسات والشركات والمحال التجارية يُعاقب بغرامة لا تقل عن الف دينار.
وكما فهمت من الدكتور السعودي فإن الأجهزة المعنية سوف تتابع بالتنسيق مع « مجمع اللغة العربية» أية «تجاوزات» او « مخالفات».
شوارع
إن جولة في الشوارع ونظرات عاجلة الى اسماء المحال التجارية في العاصمة والمدن الاردنية، تكشف لنا وبكل بساطة الحال التي بلغته لغتنا العربية من إساءات من أبنائها قبل سواهم.
والسؤال التقليدي والعفوي الذي يحضرنا :
« لماذا يتعمد هؤلاء،ومنهم بعض الجهات والشركات الرسمية، استخدام اللغة الإنجليزية أو الفرنسية وغيرهما أحيانا، هل هو عامل جذب للزبائن،أم لمواكبة الحداثة والعصر، أم خجلا من اللغة العربية ؟!».
غن شعوب العالم تحترم لغتها وتسعى بكل الطرق لصونها وحمايتها،ومن الدول في اوروبا من هي معروفة بتعصبها للغتها « القومية» كما يسمونها. مثل فرنسا والمانيا،باعتبار ذلك كما يعتقدون جزء من هوية البلد وشخصيتها.
ويرى تحسين عبد الرحمن (مواطن اطلق على نفسه مواطن غيور على اللغة العربية ) ان هناك «تقصيراً من الجهات المختصة وتحديدا الصناعة والتجارة وامانة عمّان التي تمنح الرخص للمحال ولا تهتم بالاسم غن كان عربيا او اجنبيا.
ويا ايتها اللغة العربية، هل نبكي عليك أم تبكي أنتِ علينا .. بعد ان هجرناك جهلا وتقليداً للغرب !!
الدستور