للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

القانون السامي لحماية اللغة العربية

د. أحمد عبدالملك

 

أصدرَ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى يوم 14/1/2019 القانون رقم 7 لسنة 2019، بشأن حماية اللغة العربية.

وحوى القانون مجموعةً من الإجراءات الكفيلة بتحقيق رؤية صاحب السمو لدعم اللغة العربية، ومنها: إجراءات التفاوض، والمُذكرات والمراسلات التي تقوم بها أجهزة الدولة، والاتفاقيات التي تعقدها الدولة مع الحكومات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، وكذلك المؤتمرات. ونصَّت مواد القانون البالغة 15 مادة، على إلزام الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التابعة للدولة بالتدريس باللغة العربية، وكذلك إجراء الدراسات والبحوث العلمية، وتسمية الشركات التجارية والعلامات التجارية، وحوت المواد ( 11-12) العقوبات التي حدّدها القانون في حالة وجود مخالفة من أية جهة.
ولقد استوقفتني المادة (2) من القانون والتي تُلزم الوزاراتِ والأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة باستخدام اللغة العربية في اجتماعاتها ومناقشاتها، وتسميات وبرامج ومنشورات وإعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة.
وفي واقع الأمر، نحن نعاني من أَمْرين مُهميّن في قضية اللغة العربية، الأول هو: نفور الطلبة والطالبات من اللغة العربية، ليس لكونها صعبة، بل لأن المناهج التعليمية السابقة، والخبرات التراكمية لمنظور التعليم، وكذلك الأسرة، لها دور كبير في تدنّي استيعاب أبنائنا وبناتنا للغة العربية، فنحن نشهد حاليا في المرحلة الجامعية، طلبة وطالبات لا يعرفون الكثير عن اللغة العربية، بل وتكون مُمارستهم لها في حدود دُنيا! فالطفل في سن السابعة أو الثامنة، والذي أُدخلَ مدرسة أجنبية، نجدهُ لا يستطيع نُطق الجُمل، بل ولا التراكيب اللغوية الصحيحة، لأنه يقضي حوالي سبع ساعات في المدرسة، يتحدث بالإنجليزية، ويُناقش نظراءَهُ بالإنجليزية، ثم يأتي إلى المنزل، ويتحدث مع المُساعِدة بالإنجليزية لمدة خمس ساعات، قد تتخللها بعضُ الحوارات مع الأب أو الأم باللغة العربية. والطفل أيضاً يقضي 3-4 ساعات يومياً وهو يشاهد برامجَ تلفزيونية باللغة الإنجليزية، أو يمارسُ ألعابًا لغتها إنجليزية! فكيف لنا أن نجعل من هذا الطفل مُلبيًا للقانون السامي؟! هل هي مسؤولية المدرَسة، أم الجامعة، أم مسؤولية الأسرة، التي ترتاح جداً لو بقي الطفل خمس ساعات يشاهد قناة أجنبية، حتى لا « يُعكّر» مزاج الأم!؟ وهنا لا نتحدث عن اللغة فقط، بل عن الثقافة التي تحملها تلك اللغة الأجنبية، والمفاهيم التي تترسخ في عقل الطفل. إذن، فالمسؤولية هنا على الأسرة في المقام الأول، وثانياً: المسؤولية على جهات التعليم، في ( تحبيب) الطالب في لغته العربية، وإعطائه الحوافز لإتقانها، حيث يتشكَّل وجدانهُ وثقافته من اللغة التي يُتقنها. ونحن في المرحلة الجامعية، نشهد ضعفاً واضحاً لدى أبنائنا وبناتنا، في هذا الجانب، وأعتقد أن القانون الجديد سوف « يُنبّه» القائمين على شؤون التعليم بإعادة النظر في مناهج، ووسائل توصيل المادة، بحيث نضمن تطبيقَ القانون السامي، وبما يخدم أهداف الدولة.
الأمر الآخر هو لغة الإعلام!؟ فنحن نشهد تراجعاً في الأداء الإعلامي – في الإذاعة والتلفزيون – حيث تحاول البرامجُ التركيز على اللهجة المحلية، دونما اعتبار للغة العربية، التي هي حاضنة الحضارة العربية والإسلامية. والمادة (2) من القانون صريحة، ولها دلالة واضحة على ضرورة استخدام اللغة العربية في وسائل الإعلام.
كنا في السبعينيات، لا يُسمح لنا بالجلوس خلف المايكروفون وأمام الشاشة، إلا بعد أن نجتاز امتحان الشاشة وامتحان اللغة العربية!؟ كما كانت لنا سجالات يومية، يذكرُها الجيلُ الإعلامي من نظرائي ( عبدالوهاب المطوع، محمد إبراهيم، د. يوسف الإبراهيم، المرحوم فوزي الخميس، الأستاذ زهدي أبوخليل، والأستاذة كوثر مطر، وليلى الأطرش، وذهبية جابي)، وغيرهم مِمن كانوا يدخلون في نقاشات حامية حول أدائنا لنشرة الأخبار في الليلة السابقة وكان كلٌّ منا يستفيد من تلك النقاشات، بل كان مدير التلفزيون آنذاك – عام 1974 – الأستاذ جواد مرقة، يستدعيني بعد أن أُكمل نشرة الأخبار، حيث يُسلّمني ورقة صفراء دوّنَ فيها بعض الأخطاء التي عملتها في النشرة، ويُهدِّدُني بتوقيفي عن النشرة إن أعدت تلك الأخطاء في نشرة قادمة. وبهذه الطريقة حفظنا اللغة العربية، وبعضنا رجعَ إلى مُدرس لغة عربية كي يقويّ لغته، بل أصبح المذيع فينا « يخجل» في اليوم التالي، عندما يُرسل الأستاذ زهدي أبوخليل، ورقته حول أخطاء المذيعين، وبذلك تعلّمنا اللغة العربية، وبعضنا تخصَّص فيها في مرحلته الجامعية.
أما اليوم، فنلاحظ أن 90% من برامج الإذاعة والتلفزيون تُبث باللهجة المحلية، وهو أمرٌ يتناقض مع القانون السامي، وأعتقد أن اشتراطات قبول المُعد والمذيع، في الأجهزة الإعلامية تحتاج إلى إعادة نظر؟! ذلك أن لغة الدولة، هي العربية الفصحى أنطلاقاً من هوية الدولة، التي نصَّ عليها الدستور. ثم أتى هذا القانون ليؤكد ضرورة استخدام اللغة العربية، حسب المواد التي تنظم هذه القضية.
وعليه، فإن امتحانات قبول المذيع في الإذاعة والتلفزيون يجب أن تنطلق من هذا القانون، وأن نبتعد عن المجاملة أو المهادنة، لأن القائم بالاتصال (المذيع)، إن لم يُتقن لغته العربية، فإنه لن يُوصل الرسالة التي ترسلها الدولة بصورة صحيحة. وبطبيعة الحال، نحن نشهد حالياً مذيعين ومذيعات لم يتطوروا منذ 15 عاماً، ويُحبّذ البعضُ البرامجَ الحوارية ( Talk shows)، باللهجة المحلية، ولكن إن وصلَ خبرٌ من أية جهة حكومية، إلى البرنامج، ظهرَ الارتباكُ والتلعثمُ على المذيع أو المذيعة، ولا يفلح أيٌّ منهما في توصيل الخبر المكتوب باللغة العربية الفصحى.
القانون السامي يُشكِّل خارطةَ طريق لإصلاح المسار الذي قام عليه التعليم والإعلام في بلدنا. ونحن نقول هذا، من باب الاعتراف بالخطأ، لمحاولة تصحيحه، وليس لتسجيل موقف دفاعي ضد مقولة: « ‘إنكم قدامى الإعلاميين، تتمسكون باللغة العربية الجامدة، وهي لا تناسب العصر»؟؟ وهذا قولٌ مردود عليه، لأن اللغة العربية، لو كانت جامدة، لما نزل بها القرآن الكريم، ولما حُفظت فيها العلومُ والتفاسيرُ والشِّعرُ والموسيقى.
اللغة العربية حضارة، وحافظة للهُوية، ونحن نريد لأبنائنا وبناتنا أن يحافظوا على هذه الهُوية، لأنها هي المستقبل، ولا بأس من إتقان لغة أخرى إلى جانبها.
وأخيراُ أعتقدُ، بأن على الآباء والمُرَبين أن يلتفتوا إلى هذه القضية، وألاّ «يتفاخروا» بأن أبناءَهم يُتقنون اللغة الإنجليزية، في الوقت الذي لا يعرفون فيه شيئاً عن اللغة العربية.
 

الشرق

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية