للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

راهن اللغة العربية في أوطانها - الشيطان الكامن في التفاصيل - 4

د. محي الدين عميمور

يبقى أمر قد يعتبره البعض تفصيليا مما جعلني أتركه لآخر هذا الاستعراض، وهو نقائص بعض الجهود المبذولة لتعريب المحيط، والتي تعاني أحيانا من تجاوزات لا يُمكن تبريرها، ولست أقصد هنا ما حدث يوما من تشويه للكلمات المكتوبة باللغة الأجنبية على لافتات المرور باستعمال طلاء بشع وساذج، وهو ما نسب القيام به لأعضاء لجنة التعريب التي كان يرأسها أخونا عبد القادر حجار، وثبت أنها كانت عملية دبرتها عناصر استعملت الأساليب الإسرائيلية في تشويه الخصم، وأضافت يومها لذلك تكسير شواهد القبور المكتوبة بالفرنسية ثم تصوير حطامها وإرسال الصور إلى الرئيس هواري بو مدين لاستعدائه على دعاة التعريب، ومن حُسن الحظ أن الرئيس رحمه الله لم يكن ممن تجوز عليه هذه الممارسات.
وما أقصده هنا أمران، أولهما التحذير من الاستجابة لمن لا يملكون ناصية التحكم في اللغة العربية ويقدمون اقتراحات سطحية يدعون أنها تبسط اللغة العربية وتسهل استعمالها وبالتالي تحبب الناس فيها، ومنها اقتراح تقدم به صحفي مصري مؤخرا بإلغاء صيغة المُثنّى، وكأنه لا يعرف أن القرءان الكريم هو المرجع الرئيسي للغة العربية، وإلغاء صيغة المثني، والتي لا تعرفها فعلا لغات أجنبية، يعني ببساطة إلغاء عشرات الآيات القرءانية، أي المساس بقاعدة الدين واللغة في آن واحد، "فبأي آلاء ربكما تكذبان".
وفي الوقت نفسه فإن المُقارنة بين العربية واللغات الحية الأخرى تثبت بأن لغتنا ليست أصعب اللغات، خصوصا في التعامل اليومي.
والأمر الثاني هو إثراء العربية آليّا بتعريب المصطلحات الأجنبية أو ترجمتها، وهو ما لفتت نظري إليه الرسالة التي تلقيتها من الدكتور محمد العربي ولد خليفة، حيث ترجمت كلمة "فاكس" (Fax) لتكون "الناسوخ"، فسارت على درب كلمة "الحاسوب", ولعلي كنت أفضل كلمة "الناسخ"، رغم أنني لست مرجعا.
لكنني أذكر هنا من يرفضون ذلك بأن الفرنسيين لا يستعملون كلمة "الفاكس" لأنها رجس من عمل الشيطان الأمريكي، وهم يترجمونها إلى "تيلي كوبي" (Télécopie) كما فعلوا بكلمة "ّبايب لاين"، التي جعلوها "أوليودوك"، وكلمة "كاميرا مان"، التي جعلوها "كادرور" (Cadreur)
غير أنه من الضروري أن يكون من يتصدون لترجمة الكلمات الأجنبية ممن يتحكمون في اللغتين، وربما قبلت كلمة "شطيرة" لترجمة كلمة "ساندويتش"، وهي اسم مخترع الأكلة السريعة المشهورة، بدلا من الترجمة الفكاهية :" شاطر ومشطور وبينهما كامخ"، لكنني لا أجد ضرورة لترجمة كلمة "باشاميل"، وهي اسم طاه روسي اخترع الصلصة التي تستعمل في العجائن، ولا أجد مبررا لترجمة كلمة "تلفزة"، ليحل محلها، كما يرى العقيد القذافي، تعبير "الإذاعة المرئية"، وأرفض أن استعمل عبارة "شهية طيبة"، التي يستعملها البعض كترجمة لتعبير(Bon appétit)، لمجرد أن التعبير العربي :"هنيئا"، هو أجملُ وأصحّ، وأثق في أن الترجمة الصالحة تفرض نفسها على الاستعمال، تماما كما فرضت كلمة "الهاتف" نفسها وحلت محل كلمة "المسرة" في الدلالة على "التيليفون"، لأنه لا أسرار في الهاتف اليوم.
ولعلي أنتهز الفرصة لكي أسجل التقصير الرهيب في برامج "الحاسوب" العربية، والتي يبدو أن من يُعدّونها هم تقنيون غير أكفاء، لا يفهمون من اللغة العربية وفنونها ونحوها وصرفها أكثر بكثير مما يفهمه بعض "النُّدل" في فنادقنا، وهو ما يعاني منه المثقف العربي، مقارنة بزميله في الثقافات الأخرى، وهذه مهمة مشتركة يجب أن تسهر عليها الحكومات، وكان من المفروض أن تتولاها الأقسام الثقافية في جامعة الدول العربية، لولا أنها مجرد تكايا للمتقاعدين ومصدر دخل لبعض العاطلين من أقارب هذا المسؤول أو ذاك.
ونظرة إلى الموسوعات العالمية التي تصدر تباعا على شكل أقراص مضغوطة ومدعمة بالرسوم المتحركة والصور الملونة والموسيقى الجميلة ستجعلنا نحس بأننا ما زلنا في العصر الحجري، ويكفي لتأكيد ذلك أن نحاول فتح" لسان العرب" الذي يُباع على شكل قرص مضغوط، بمقدمة موسيقية بائسة وبأسلوب عرض يكفي لإصابة الباحث بالقرف والإحباط.  
ويدفعني هذا إلى القول بأن دور المجتمع المدني وجمعياته قد يكون أحيانا أكثر فعالية، ولأن الفرنسيين هم قدوتنا وتاج رأسنا وقرة عيننا، وبالإضافة إلى ما سبق أن أشرت له، فإنني أذكر بأن مواطنين فرنسيين رفعوا قضية على شركة "سيتا" للدخان لأنها استعملت في كتابة كلمة "مُرشِّح" على علب السجائر الكتابةَ الإنغليزية للكلمة، أي (Filter) وليس الفرنسية (Filtre) وخسرت الشركة القضية، وعُدلت الكلمة بعد إتلاف كل الأغلفة التي كانت تحمل الكتابة القديمة، وانتصر عشاق الفرنسية.
وأذكر بأن الرئيس جاك شيراك خرج غاضبا من لقاء اقتصادي لأن متعاملا فرنسيا ألقى خطابه بالإنغليزية.

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية