للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

اللغة العربية ....ولكم الصبر والسلوان

د. حسام الأشقر

 

الحال الذى وصلت إليه اللغة العربية فى الآونة الأخيرة يدعو إلى الرثاء أحيانا، والى الغثيان أحيانا أخرى. فما حدث فى شأن اللغة فى القرنين الأخيرين يعبر بوضوح عن مدى هشاشة المجتمع وقابليته للتأثر، فشاهدنا موجات من التقليد الأعمى لكل ماهو غربى فى شتى مناحى الحياة، فالطعام فى سلاسل المطاعم الأجنبية أصبح الروتين اليومى، وارتداء الشاذ من الملابس بات الملمح العام، والتلعثم أو عدم القدرة على التحدث بالعربية تساوى مع دواعى الحداثة!؟. فمنذ أن استشرت فى مجتمعنا ثقافة التعليم الأجنبى حتى تغير وجه الحياة وفقدت الأسرة أهم مقومات بقائها وتماسكها، وقد حدث ذلك فى غيبة من المؤسسات التعليمية التى لم تؤسس لدعم اللغة العربية كأحد مقومات قيام تلك المؤسسات، فلم تعمل على حماية اللغة القومية وتركتها فريسة لغزو اللغات الأخرى، ولست هنا مناهضا لتعلم اللغات الأخرى، بل من أنصار إحياء اللغة الأم أولا.

ومن دواعى العجب أن المجتمع بأسره قد تأثر بتلك الموجة فتغيرت واجهات المحلات التجارية إلى الإنجليزية، وانتشرت الإعلانات فى وسائل الإعلام بالانجليزية، وتراجعت مناهج العربية لتفسح الطريق إلى الإنجليزية، وتقهقر العاملون بالعربية إلى مؤخرة صفوف المعلمين، وتعالت أصوات تنادى بإلغاء قواعد اللغة العربية والاكتفاء بالمسخ الذى نسمعه هنا وهناك، وتاهت معالم اللغة بين أشباه المتحدثين بها. إنها كارثة ترقى إلى مستوى الأمن القومى. فلا يوجد مجتمع فى العالم لا يعلى من شأن لغته القومية ويدافع عن وجودها ويعمل على انتشارها. أما نحن فقد ضاعت بيننا أبجديات اللغة وقواعدها، ولا عجب إذا عندما نرى بأعيننا كتابات لأساتذة مليئة بالأخطاء الإملائية، وبرامج إعلامية ومحاورات يندى لها الجبين من فرط السقطات اللغوية بها، ولا أدرى ما هى دواعى الفخر فى أن الادعاء أن أبناءنا لا يستطيعون التحدث بالعربية بينما ينطلقون بالإنجليزية؟!. وهكذا أصبحنا نتحدث لغة غيرنا ونجهل لغتنا؟ أى عبث هذا؟.
 
وفى هذا السياق توقفت أمام أحد برامج الفضائيات -مذيعتان وثلاثة ضيوف- اشتركوا جميعا فى التمثيل بجثة اللغة العربية، فالحديث خليط ممقوت من الإنجليزية العامية العربية، فلم يعبأوا بمشاهديهم الذين لا يتحدثون الانجليزية. وأستطيع أن أجزم بأنه على مدى الحوار الذى امتد نحو خمسة عشر دقيقة استخدم الطرفان أكثر من أربعين مفردة بالإنجليزية، تم دسها فى نقاش مفترض أنه بالعربية وعلى قناة عربية وموجه إلى مشاهدين عرب! أين يحدث مثل هذا الانتهاك؟ بل تعدى الانتهاك مداه لنطق كلمات نصفها بالعربية ونصفها الآخر بالإنجليزية كقول أحدهم (مش بيت target) ويقصد به (أنه لايهدف إلى..). فهؤلاء يزعمون أن ذلك من دواعى الرواج لتجارتهم كما تدعى الإعلاميتان أن هذا من أسباب التميز والحداثة!
 
ياسادة.. إن ما تفعلونه جريمة مكتملة الأركان، فاللغة هى أول مقومات الانتماء، فإذا ضاعت وسيلة التواصل بين أفراد المجتمع تفرق إلى جماعات شتى وانقسم إلى فرق متناثرة يحقد بعضها على بعض، ويسخر بعضها من بعض. فإذا كانت العوامل الاقتصادية قد أدت بنا إلى شتات مشابه، فلنبق على الشىء الوحيد المشترك بيننا، فضياع اللغة الأم سيحدث حالة من الاغتراب بين أفراد الوطن الواحد. وإذا كانت الإنجليزية أو غيرها تمثل لكم ثقلا ثقافيا فاتجهوا إلى قنوات ناطقة بها، ولكن هيهات... فأنتم لا تملكون إلا قشورا منها يتبارون وتتظاهرون بها أمام أناس لا حيلة لهم. وفى النهاية وقفتم فى مفترق طرق، فلا أنتم أجدتم الإنجليزية التى تتشدقون بها ولا حافظتم على لغتكم القومية، وما تبقى لديكم هو لغة بينيه مشوهة أنتم دعاتها.
 

اليوم الجديد

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية