|
|
اللغة العربية شعلة تنظفئ أمام سراب الشمس الكاذبة
محمد صالح أبو الحمايل
لقد بلغ السيل الزبى، وعمَّت الفوضى كل أدوات التعبير بالعلوم والفنون والإعلان والتسلية وتبادل الأحاديث، فلم يعد استعمال كلمات أجنبية خلال المخاطبة أو إلقاء تحية الصباح والمساء مجرّد ترف لأدعياء الثقافات الأجنبية المطليين بمظاهر الحضارة الغربية، بل أصبح هذا النهج يغور عميقا في مظاهر متعدّدة من أوجه العلوم والفنون الشائعة بيننا هذه الأيام، كانت الحكاية قد بدأت مع الهجمة التجارية للغرب الذي ترافق ترويجه لسلعه بترويجه للغاته.
فبدأنا نتداول أسماء السلع لتتبعها اليافطات فوق المحلات والمطاعم والملاهي باللغات الأجنبية مع كتابتها أحيانا بالأحرف العربية ثم ليختفي الحرف العربي وتنفرد اليافطات بالحرف الأجنبي، يجري الترويج للغة من أجل الترويج للسلعة وادّعاء أن الترويج للغة يرافق الترويج للعلوم، ولكن غابت العلوم بل منعت وكانت السلعة هي موضوع الترويج، ويستمر الأمر بالإستفحال مع موجة وسائل التواصل الإجتماعي عبر «الفايسبوك، والـ «واتس آب» وما إليها لإدّعاء ثقافة زائفة لا علاقة لها بثقافة الغرب الذي يروّج أهم سلعه التجارية.
ويفاجأ المرء حين يقرأ على شاشة «التلفزيون» بعد عرض أغنية لأحدهم أو إحداهن أن إسم الأغنية والمغني والفنيين يعرضون بالحروف الأجنبية، رغم أن الأغنية عنوانها بالعربية وكذلك كلماتها وموسيقاها وفنييها ومشاهديها ومستمعيها جميعهم عربا، ولكنهم موهومون بثقافة أجنبية، بينما عجلة التقدّم العلمي والصناعي والثقافي في الغرب تنطلق بسرعة البرق بعيدا عن كسلهم ضمن دائرة أوهامهم الزائفة.
وقد تطوّرت تلك الأوهام لتصل إلى برامج التعليم الثانوي وحتى الجامعي، فإليكم عنوان كتاب يدرّس كمنهاج للتعليم الثانوي، لقد بدأت الكتابة بالحروف الأجنبية للغة العربية تشمل مرحلة التعليم (Al kitab Alshamel Al jadid 2019 Life & General Sciences)، وفي هذا الأمر خطورة في أن تتربّى الأجيال على استسهال استعمال الأحرف الأجنبية واندثار الحروف العربية والثقافة العربية برمّتها إن في هذا الزحف المتمادي للحروف الأجنبية إستكمالا لترويج السلعة وليس لنشر العلوم، ومن هنا نقول أن الأمر يستفحل وأن الثقافة العربية في خطر داهم.
اللواء
|
|
|
|
|