في يومها العالمي.. مجامع اللغة العربية من دمشق إلى الرباط
منال الوراقي
يحل اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 لعام 1973، بإعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها، تلبية لإقتراح قدم من قبل المغرب والسعودية، خلال انعقاد الدورة الـ 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
وفي اليوم العالمي للغة العربية، نستعرض أشهر مجامع اللغة العربية في الوطن العربي حسب تسلسلها الزمني، وفقا لما ذكره الكاتب والباحث السوري حسين حمدان العساف، في مقاله «إطلالة على مجامع اللغة العربية» بمجلة «ديوان العرب» عام 2009.
مع تزايد المعاني والألفاظ والمصطلحات الأجنبية التي دخلت على اللغة العربية في الدول العربية، خاصة مع الاحتلال الذي تعرضت له بعض الدول، ظهرت الحاجة إلى تطوير اللغة العربية لمواكبة التطور العلمي، وهو الأمر الذي دفع علماء اللغة والكتاب والمفكرين العرب إلى الاتجاة لتأليف مجامع للغة العربية.
فشهدت بعض الدول العربية بضع محاولات لإنشاء مجمع للغة العربية، لم يكتب لها النجاح، حتى أنشئ أول مجمع للغة العربية في دمشق الذي تم تأسيسه عام 1919، ليتوالي انشاء المجامع -بعد ذلك- حتى انتشرت في كافة أرجاء الوطن، كمجمع اللغة في القاهرة الذي تأسس عام 1932، ومجمع بغداد الذي أنشئ في عام 1947.
-مجمع اللغة العـربية بدمشق
تأسس مجمع اللغة العربية الدمشقي في عهد الملك فيصل الأول، عام 1919، في سبيل النهوض باللغة العربية بعد سنوات الاحتلال العثماني للبلاد، فكان اسمه في البداية "المجمع العلمي العربي"، قبل أن يتغير أسمه فيما بعد إلى "مجمع اللغة العربية"، وإسناد رئاسته إلى المؤرخ والصحفي السوري محمد كرد علي.
ضمّ المجمع عند تأسيسه عددًا من فحول اللغة والأدب السوريين، فكان له دور كبير في تعريب مؤسسات سوريا وهيئاتها، وتعريب التعليم وإنشاء المدارس الأولى في سوريا، وجمع الآثار القديمة، وجمع الكتب المخطوطة والمطبوعة.
-المجمع العلمي في بيروت
في العام التالي لإنشاء مجمع اللغة العربية الدمشقي، تأسس المجمع العلمي في بيروت في عام 1927، برئاسة الأديب والشاعر اللبناني عبد الله بن ميخائيل البستاني، وعضوية عيسى اسكندر المعلوف، والشيخ مصطفى الغلاييني والشاعر بشارة الخوري. ولكن بعد عـامين من إنشائه صدر قرار بإلغاء المجمع ووقف مخصصاته المالية بدعوى التوفير.
-مجمع اللغة العربية بالقاهرة
يعد مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أول مجمع لغوي يضم علماء من جنسيات مختلفة، ففي 13 ديسمبر 1932، أنشئ المجمع القاهري ليضم عشرين عضوًا عاملاً من العلماء المعروفين بتعمقهم في اللغة العربية أو ببحوثهم في فقهها ولهجاتها، نصفهم من المصريين والنصف الآخر من العرب والمستشرقين؛ فكان المجمع عالمي التكوين، لا يتقيد بجنسية أو ديانة معينة، بل يعتمد على القدرة والكفاءة، فجاء على غرار الأكاديمية الفرنسية التي تم تأسيسها عام 1635.
سمي المجمع في البداية بـ"مجمع اللغة العربية الملكي"، قبل أن يتغير أسمه في عام 1938 إلى "مجمع فؤاد الأول للغة العربية"، ليتغير -بعد ذلك- إلى "مجمع اللغة العربية" في عام 1940.
فى عام 1982، صدر قانون يسعى لتحديد عدد أعضاء المجمع العاملين فيه، فحدد القانون عدد العلماء المصريين العاملين بأربعين عضوًا، وهم الذين يتكوَّن منهم "مجلس المجمع"، ينضم لهم عشرين عضوا من غير المصريين مكونين "مؤتمر المجمع".
-المجمع العلمي العراقي
أنشئ المجمع العلمي العراقي في بغداد عام 1947، بعضوية عشرة أعضاء من الأدباء والشعراء العراقيين، يرأسهم الشيخ محمد رضا الشبيبي، فاهتم المجمع بتطوير اللغة العربية، وحرص على وحدة المصطلح العلمي العربي وإحياء التراث، ونشر الثقافة والتأليف والترجمة، وأمد دارسي اللغة والتراث بما يحتاجون إليه.
وأفاد رئيس المجمع العلمي العراقي الدكتور داخل حسن جريو في أحد مقابلاته، أنّ المجمع العلمي العراقي تعرض أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق إلى عمليات واسعة من السلب والنهب والتدمير والتخريب المدبر، يسعى أعضاءه إلى تعويضها بإعادة بنائه وتطويره.
-مجمع اللغة العربية الأردني
أما مجمع اللغة العربية الأردني فقد أنشئ في 1 يوليو عام 1976، تنفيذًا للقرار الذي اتخذه مؤتمر التعريب الأول، الذي انعقد في الرباط في إبريل 1961، ليعمل المجمع على تشكيل لجانا علمية للأصول والتعريب والمصطلحات والترجمة والتراث، فكان أهم مشاريعه تعريب العلوم في الجامعات وتعريب المصطلحات في دوائر الدولة ومؤسساتها.
-المؤسسات اللغوية في المغرب العربي
تأسس بيت الحكمة أو ما يعرف بـ "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" بقرطاج في عام 1983، للإهتمام بعلوم اللغة العربية وتطويرها، والعمل على تنسيق أعمال التعريب والترجمة والبحث العلمي وإحياء التراث.
وفي المغرب أنشئ معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالعصمة الرباط، خلال عام 1960، ليساهم في تطوير الآلة الكاتبة العربية والشفرة العربية الموحَّدة للمعارف الحاسوبية، والسعي إلى وضع أسس منهجية عامّة وإعلامية لمعالجة المصطلحات.
الشروق