|
|

عجائز اللغة العربية
أ. محمد العصيمي
أمس الأربعاء 18 ديسمبر كان يوم اللغة العربية. وبهذه المناسبة بثت قناة العربية في برنامجها الصباحي تقريرا من مصر عن مجمع اللغة العربية هناك ورأيه فيما يدور ويحور حول (العربية) وأهلها. طبعا السؤال كان موجها لاثنين من قادة المجمع يبدو من مظهرهما أنهما تجاوزا الثمانين أو السبعين، أطال الله في عمرهما وصحتهما. وبالتالي لم يكن الجواب، على السؤال عن حال اللغة العربية، واضحا ولا كافيا ولا شافيا، إذ ماذا سيقول لك شيخان طاعنان في السن أو ماذا تنتظر منهما في عصر تتبدل فيه وسائل اللغة واستخداماتها وضروراتها التكنولوجية.؟!
من سوء حظ لغتنا في هذا الزمان أنها حُجرت في غرف موصدة لا تتنفس ولا تشم هواء المعاصرة والتحديث، والسبب هو تسلط متحجرين على مجمعاتها وأبحاثها وتدريسها. هناك بالتأكيد من حاول، من أساتذة الجامعات والباحثين، أن ينقذ اللغة العربية من هذا الحَجر والتحجر لكنه لم يفلح كون الممسكين برقبتها أقوى حضورا ونفوذا. أيضا من سوء حظ أي لغة، وليس فقط اللغة العربية، أن يناط لسانها وتناط قواميسها بأشخاص يعيشون في زمن غير زمانها فيأتوننا كما فعلوا من قبل (بالناسوخ، والبرّاق الذي اشتقوه من البرقية، والضريم المعبر به عن الوقود..إلخ).
طبعا هذه المصطلحات وغيرها لم تجد طريقها إلى الاستخدام اليومي الشعبي لأنها وُلدت ميتة. لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تعسف مصطلحا أجنبيا تواطأ الناس عليه وتضع له تعبيرا صعبا ومربكا ثم تنتظر أن يستخدموه. ولذلك بقيت مجمعات اللغة العربية، الموجودة في أكثر من عاصمة عربية، مجرد مبانٍ تاريخية تعشش عليها الطيور ويذكرها الناس الآن على سبيل التندر بمخرجاتها والأسف على حالها وحال من يديرونها ويصرون على بقائها بعيدة عن التكنولوجيا والحياة والشباب.
لم تكن اللغة العربية ستضار أو يُنتقص من قدرها لو هضمت في قاموسها كلمات مثل الكمبيوتر والإنترنت والستلايت وغوغل وتويتر وإنستغرام وغير ذلك من مصطلحات علمية وعملية واتصالية. ليس ثمة عيب أن تستوعب شروط عصرك ولوازمه. العيب هو أن تظل أسيرا للماضي إلى أن يلتهمك المستقبل.
اليوم
|
|
|
|
|