للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  دعوة للمشاركة والحضور           المؤتمر الدولي العاشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

لغتنا العربية الأُولى والأَولى

د. بلال كمال رشيد

ما من شكٍ في أنّ العولمة قد فرضت سياستها متعديةً الحدود ومعتديةً على الخصوصيات المجتمعية والدولية ، وسيطرت في ظل هذه الهيمنة على اللغات فميزت ومايزت ، وقدمت وأخرت ، وجعلت اللغةَ الدخيلةَ سيدةً وأُماً رؤوماً لكل متحدث بها ، تُقدمهُ وتُميزهُ ، وترفع من شأن كلِّ من يَرفعُ من شأنها ، وأصبحت لغةً واحدةً مُوحدةً لكلِّ ذي لسان وشأن ، وأصبح العربيُّ – في بلده -غريبَ الوجه واليد واللسان إنْ بقيَّ عربياً  ، وأصبح الغريبُ الغربيُّ – في البلاد العربية- أليفاً ومؤتلِفاً وهو لا يعيشُ غُربةَ مكانٍ، ولا غرابةَ لِسانٍ ، فبفضل اختراعاته من وسائل الاتصال لم يعد مغترباً ، وبفضل سياسته أصبح مُهاباً مُحترماً ، وحيثما سعى أو نَظَرَ فإن لُغتهُ حاضرةٌ مقروءة ومكتوبة ومحكية ، تُصيبه ويُصيبها حيث يكون  أو لا يكون ،فماذا جَنتْ لُغة المدينةِ والمَدنيةِ ، ولغةُ العولمةِ على لُغتنا التي لم تَبْقَ لُغةَ القريةِ والصحراء ، و هي تنخر حيث تقيم ، تضع أُساساً لها ، وتهدمُ أُسساً لنا ، تُغير حروفاً ورسوماً وأصواتاً ، حولت لسانَ بعضِ قومنا من لسانٍ عربيٍّ مُبين إلى لسانٍ ذي عوجٍ وغنجٍ ، تقرأُ الألفاظَ  عربيةً وتراها بحروفٍ إنجليزية ، وتسمعُ الألفاظَ عربيةً وتقرؤها عربيةً وقد تغير رسمها وايقاعها ووقعها ، فلا تُفرق بين السين والصاد ( بردٌ قارصٌ أو قارس ) ولا تُفرق بين صوت الهمزة والقاف
( طارق ، طارىء)، وتجد مفرداتٍ أُشبعت مداً ومطاً :(أنتي ، لكي ) ، وأما في النحو والإملاء فثمة حديثٌ هناك يطول بلا حرج !!!
    
 ولك أن تتجول في أية  مدينة عربية ؛ لتجد الحرف الغربيَّ يُجاورُ الحرفَ العربيَّ بل قد يجور عليه ، ولا يُبقي له مكاناً ولا مكانةً ، وفي المقابلِ تَجوّل في أيةِ مدينةٍ غربيةٍ  لن تجد إلا لُغةَ أهلها سائرةً وسائدةً ومُتسيدةً ، وإن وجدت غيرها فإن اللغة  تكون بحد ذاتها إعلاناً واحتراماً لخصوصيةِ المكان وصاحبه !
رحم الله شاعرنا العربيَّ حافظ إبراهيم الذي تكلم بلسان العربية ونعاها قبل عشرات السنين ، وقبل ثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة، فماذا عساهُ اليوم يقول ؟؟!!
لم تكن اللغةُ العربيةُ حبيسةَ أسطرٍ وأغلفة كتب ، بل كانت لسان فكرٍ وتخاطب، و اتصال وتواصل، وكانت لسان العاميِّ كما كانت لسانَ العالِم ، لسانَ الفرد والأُسرة والمجتمع والدولة والأُمة ، لسانَ الجامع والجامعة والمجتمع ، لسانَ الذات إذا انكفأتْ ولسانها إذا انطلقتْ ، لسانَ القرية والمدينة والحضارة ، تستوعب كلَّ مستحدثٍ ، وكانت لسانَ الدين كما كانت لساناً لعلوم الدنيا قاطبةً ، فكانت هي الهوية والخصوصية والحضارة والوجود ، وعندما بدأنا بالتخلي عنها ، وبالتحلي بغيرها ، فقدنا شيئاً من خُصوصيتنا وهويتنا وحضارتنا ووجودنا داخل بلادنا ، وبِتْنا غُرباءَ الوجهِ واليدِ واللسان !!!
كيف لك أن تُفسر انصراف العربيِّ عن عربيته ، وانصراف الغربيِّ إليها: تعلماً وتعليماً، وتحدثاً واستماعاً ؟؟!!!
إننا نشجع تعلم اللغات الأخرى وأن نواكب العصر دون طمسٍ لهويتنا وخصوصيتنا، نُريد لدولنا العربية أن تُحافظ على سمْتها العربيِّ ، وأن تكون مَرافقها ومُؤسساتها وشوارعها وكلُّ شرايينها وتشريعاتها ناطقةً بالعربيةِ اسماً ومسمى ، وهنا نتوجه بالشكر والتقدير للقائمين على المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية في الأردن وهم يتابعون أمانة عمان في نظام تسمية المحال التجارية ، وفي تفعيل الدستور الأردني فيما يتعلق باللغة ، كما يُشكر مجمع اللغة العربية الأردني وهو يعقد المؤتمرات ، ويُساهم  - مع مجامع اللغة  الأخرى - في إيجاد المُقابل والبديل العربيِّ لكلِّ مصطلحٍ أجنبي ، والشكرُ لبعض الأساتذة الجامعيين الذين جعلوا العربيةَ لسانَ حالٍ ومقالٍ وتدريس ، وليت الجهود تجتمع وتتكاتف وتتحد ، وليت مجتمعنا يقف وِقفة رجلٍ واحدٍ ؛ ليعمل على توظيف اللغة العربية وحمايتها ، لا نُريد أن نبقى نتغنى بمجد لغتنا السابق ، ولا أن  نَجلد الذاتَ بــ (ليت) وجُمل التمني ، نُريد لهذا المشروع الوطني أن ينجح ، ولهذه الجهود المتناثرة أن تجتمع ، ونُريد لهذا الجيل أن ينصرف إليها عِلْماً وعملاً ، وأن نَعمل سويةً لكي تكون العربية هي الأُولى والأَولى.

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية