للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

يتــرك لنـا أثــراً­


 في إحدى قصائد مجموعته الشعرية الأخيرة (يترك لهم أثرًا)، يقول الشاعر البحريني حسين السماهيجي «لم تزل لغتي نقيضي الهش». شخصيًا، أعتقد أن ذلك أبعد ما يكون عن الصواب لأن لغته لا يمكن أن توسم بالهشاشة. بل هي لغة قوية ومتماسكة وغنية و»صلدة» إن جاز هذا التوصيف بمعنى أنها تمتح من قاموس القصيدة العربية بتاريخها الطويل، ومن تراث اللغة العربية الثر بصفة عامة.
حسين السماهيجي شاعر منغمس في اللغة حد الافتتان بها والذوبان فيها فلا يعود بالإمكان فصل كينونته عن كينونتها فهو وجهها الآخر وهي مرآته التي يبصر ذاته من خلالها.
تزدحم قصائد السماهيجي بشبكات متداخلة من الصور والمجازات والأخيلة التي تسدل على نصوصه ستاراً يشف حيناً ويعتم أحايين أخرى، فلا يعود بوسعك كقارئ الجزم بمعرفة مواطئ قدميك وهما تجوسان في ليل نصه الكثيف العتمة؛ تلك العتمة الساطعة التي تغريك بالعودة إليها من جديد علك تحظى منها بقبس يبدد عنك وحشة الطريق.
ولتأكيد ذلك، ومن القصيدة ذاتها التي استللت منها العبارة أعلاه، يقول السماهيجي «حضرت في لغتي، ولكني نسيت الرمل في الجهة القصية من وريقاتي»، فهو إذاً حاضر في لغته، ويحلو لي أن أضيف بأنه حاضر بها ولها وربما لأجلها من فرط ما أولع بخفاياها وجمالياتها التي ما برح يمتح من بئرها اللانهائية العمق.
إنه شاعر ذائب في كينونة القصيدة حريص على ألا يكرر نفسه وأن لا يقلد كتاباته السابقة فضلاً عن محاكاة الآخرين من الشعراء الذين سبقوه أو حتى المجايلين له، حين يقول: «أيها الشعراء.. الشعراء / نظفوا مساكنكم من أعقاب سجائر الآخرين». إنه شاعر يجيد «فن القتل» كما يصرح في النص الأخير من الكتاب (سيرة ناقصة)، قتل آبائه الذين لا تنتهي محاولاتهم للتسلل إلى نصه، وجعل أصواتهم تطغى على نبرة صوته المميزة التي هي علامته الفارقة في غابة الأصوات والأصداء.
ورغم إيغاله في ليل القصيدة ومتاهاتها بحثاً عن ذاته وصوته الذي لا يشبه أحداً غيره إلا أنه لا يدعنا وحدنا في العماء المطلق، بل يترك لنا أثراً نتبعه، إن أوتينا من الصبر والجلد ما يكفي، لنصل إليه في نهاية المطاف متلبسًا بنصه، ومنصرفًا إليه، وحالّاً فيه.

الأيام

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية