|
|
|
|
الأمثال الشعبية.. ثقافة غنية باللغة
ناجي ابولوز
تعتبر الأمثال الشعبية من أهم أنواع الثقافة الشعبية في المجتمعات بشكل عام والعربية منها بشكل خاص ، فهي متداولة على لسان البشر ، وفي الأردن تحديدا وحسب تنوع المنابت والأصول ، فإن نكهة الحديث "الحكي" بالأمثال الشعبية يكون لها مذاقها الخاص ، فما إن تجد شابا أو رجلا كبيرا في السن إلا وتطرق لذكر مثل شعبي مثالا على قصة يرويها أو على نصيحة يقدمها.
انها الجمل القصيرة والعبارات المختصرة التى تشبه القصة القصيرة وتتحدث عن تجربة معينة مر بها أشخاص في زمن معين ، لكن هذه القصة تصبح في مخيلة المستمع للمثل ، حاضرة في ذهنه بكل وضوح ومؤثرة في قناعته للموقف الذي يضربه له صاحب المثل.
هذا الكنز الإنساني من التجارب والقصص الماضية التي مرت على المجتمعات من قديم الزمان خلال حوادث ومواقف استطاع العقل البشري أن يصوغها بجمل قصيرة ومكثفة تنم عن استعياب الإنسان لهذه الحالة وادراكها والفطنة لها ثم صياغتها بطريقة أدبية وبلاغية . ولا تختبئ الفصحى من كلمات الأمثال الشعبية العربية ، وربما للمتابع بين بطون الشعوب ، سيجد أن الوطن العربي يتشابه في أمثاله الشعبية إلى حد ما بشكل كبير جدا ، لا سيما بلاد الشام "الأردن وفلسطين وسورية ولبنان" ، فهنا للمثل مذاق مختلف وخاص يعكس ثقافة مفعمة بالحيوية لدى أبناء المنطقة. لكن بعض الشعوب أو بعض اختلافات الدول في عاداتها وتقاليدها ، تحتفظ بأمثال خاصة تميزها عن غيرها وهي خصلة تميز خصوصيات الثقافة بين شعب وآخر.
ويقول الدكتور سليم شريف الباحث في الشؤون الإجتماعية والنفسانية عن الفرق بين الحكمة والمثل ، أن الحكمة هى كلمة ناتجة عن دراية وذات مضمون اعمق ونابعة من فلسفة ورؤية لدى الشخص وهي فراسة وذكاء منبعهما علم ودراسة وثقافة معينة وفطنة مميزة ، لكن المثل الشعبى هو حادث معين يشار اليه بجمل قصيرة على لسان أشخاص من عامة الشعب لا يشترط ان تربطهم صلة بنوع معين من الثقافة ولكن نطقهم لعبارة قصيرة مختصرة من خلال حدث معين قد يؤخذ به على انه قول مأثور.
أما عن القيمة الأدبية للأمثال الشعبية فلها ارتباط وثيق بالروايات الشعبية وقد أدرك العرب الأوائل أن هذا كنز لغوي بليغ لا يمكن الإستغناء عنه ، فقد حرصوا على جمعها في كتب اعتنت بالأدب الشعبي العربي منها(مجمع الامثال) للميدانى، كتاب (العقد الفريد ) لابن عبد ربه الاندلسى، ( الادب الكبير) لابن المقفع وكثير من الادباء واللغويين حرصوا على تجميع الأمثال الشعبية المعروفة في زمنهم خوفا عليها من الضياع والاندثار فقد اعتبروها ارثا لغويا تركته اجيال سبقت زمانهم وزماننا وتناقلها الناس عبر الاجيال.
وخلال عرض لبعض قراء العرب اليوم عن أمثال يتداولونها بشكل شبه يومي ، فاخترنا لكم بعضا منها :
جارك القريب ولا أخوك البعيد" يقال للدلالة على أهمية الجار بالنسبة للإنسان "من بره رخام ومن جوه سخام" أو " من برا هالله هالله ، ومن جوا يعلم الله" يقال عندما يكون الجوهر معاكس للمظهر. إجت الحزينة تفرح مالئتلا مطرح" "طالعة من الأُفّـة على ودنها" "ما بتنـبل تحت لسانها فوله" أي سريعة نقل الكلام. ومنها ايضا : عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة ، صنعة في اليد أمان من الفقر ، وجع ساعة ولا كل ساعة ، جاجة حفرت على راسها عفرت ، أعطي الخبز لخبازه ولو أكل ثلاثة أرباعه ، ينام اللي ما على قلبه هم ، العين بتعلاش على الحاجب ، العز يليق بصحابه ، اللي بتزوج أمي بصير عمي ، ما بحرث الأرض إلا عجولها ، اللي ما عنده زرع ما عنده قلع ، فكرت الباشا باشا، تاري الباشا زلمه
المثل الشعبى لا يعتبر فقط لون من الوان الفنون الشعبية ولكن له تأثيره في سلوكات الافراد داخل مجتمع معين ، أحيانا قد يكون ملح الحديث و حلوه بين أصدقاء جمعهم الحنين إلى مقهى ثقافي في عمان ، أو جلسة عائلية في قرى ومدن الأردن وبين أنساب وأقارب يجمعهم المثل الشعبي على الفرح والحزن ويكسر حواجز الفروق التقليدية والعادات وغيرها.
العرب اليوم
|
|
|
|
|
|