|
|

الأسس الثقافية الاجتماعية في مواد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
د. راوية جاموس
إن العلاقة وثيقة بين الثقافة والمجتمع فلا يمكن الفصل بينهما، فالثقافة وليدة المجتمع والأداة التي يحافظ بها كل مجتمع على كيانه، ويضمن لنفسه الاستقرار والرقي، وهي تعكس طبيعة الشعب وواقعه، وهنا يرى البعض أن الثقافة سلوك متعلم مشترك بين أفراد المجتمع، أما المجتمع فهو شعب يعيش في مكان معين تجمعه أهداف معينة ويتعاون أفراده معاً على تحقيقها .
فالثقافة مرتبطة بالمجتمع أساساً ولا يمكن أن تقوم ثقافة بدون مجتمع أصلاً، وإن المجتمع والثقافة يتبلوران من خلال اللغة فهي المعبّر عن أي مجتمع بثقافته، فالثقافة "هي طريقة الحياة الكلية للمجتمع بجوانبها الفكرية والمادية. وهي تشمل مجموعة الأفكار والقيم والمعتقدات والعادات والأخلاق والنظم والمهارات وطرق التفكير وأساليب الحياة والعرف والفن ... وكل ما توارثه الإنسان وأضافه نتيجة عيشه في مجتمع معين" .
إن هذا الارتباط الوثيق بين الثقافة والمجتمع يجعل منهما أساساً قوياً من الأسس التي ينبغي الارتكاز عليها لدى تعليم اللغة التي هي الصورة الحية التي تنتقل عن طريقها ثقافات الشعوب ويكتسبها الأجيال جيلاً بعد جيل. وإن العلاقة بين اللغة والثقافة الاجتماعية علاقة جدلية، فلا يمكن فهم إحداهما من دون الأخرى، فكيف يمكننا أن نفهم لغة ما من دون أن نفهم النسيج الذي تألفت منه تلك اللغة، وكيف يمكننا أيضاً أن نفهم ثقافة ما من دون أن نعرف اللغة التي تعبر عنها وتمثلها. ومن هنا فإن ربط تعليم اللغة بالثقافة ضرورة يفرضها واقع تعليم اللغات لإبراز الصورة الحقيقية لها.
ومن هنا كان لابد من أن تندمج العناصر الثقافية للغة ما اندماجاً كاملاً في المواد التعليمية، فقد أثبتت مختلف الدراسات أن المعارف الثقافية هدف أساسي من أهداف أية مادة تعليمية في تعليم اللغات الأجنبية، وأنها من أهم عوامل النجاح في ذلك. فكثير من الدارسين يتوقعون عند تعلم لغة ما أن يحصلوا على قدر معين من القدرة على توظيف الثقافة كمحتوى للغة بنفس القدر الذي يحصلون عليه من اللغة كوعاء للثقافة، ولذا قيل إن نجاح الشخص في التفاهم والاتصال والاندماج مع أبناء اللغة التي يتعلمها يتوقف على مقدار المستوى اللغوي الذي حصل عليه في لغتهم وعلى الحصيلة الثقافية التي تعلمها على حد سواء، وبشكل عام فلدى المتعلمين شغف بمعرفة أشياء كثيرة عن ناطقي اللغة التي يتعلمونها، ولذا فإن هذا الأمر يفرض ضرورة تعليم اللغة من خلال ثقافتها .
وبذلك فإن تقديم الثقافة العربية الأصيلة أمر ضروري في أية مادة تعليمية لمتعلمي العربية من غير الناطقين بها وذلك لتصحيح المفهومات الخاطئة عن ثقافتنا ولتعديل الاتجاهات السلبية نحوها، فهناك كثير ممن كونوا اتجاهات خاطئة نحو الثقافة العربية بسبب وسائل الإعلام، وهذا ما يحتم ضرورة إيلاء الجانب الثقافي اهتماماً كبيراً، على أن يكون المحتوى الثقافي متناسباً مع المحتوى اللغوي.
|
|
|
|
|