|
|
|
|

عندما يحترم العظام لغتهم
أ.د. صلاح جرّار
في الكلمات الافتتاحية التي ألقيت في المؤتمر العربي الأوروبي الثاني للتعليم العالي الذي عقد في جامعة الأميرة سميّة للتكنولوجيا يوم الثلاثاء 10/ 6/ 2014، أدهشت الأميرة سميّة بنت الحسن الحضور بإلقاء لكمتها باللغتين العربيّة والإنجليزية، وبدأت بالعربيّة ثم تلتها بالإنجليزية ثم ختمتها بالعربيّة، وقد كان المشهد لافتاً للحضور ولا سيّما أن المشاركين في حفل الافتتاح من العرب والأجانب ألقوا كلماتهم كلّها باللغة الإنجليزية.
ويدلّ ذلك على احترام سمّوها البالغ للغتها العربيّة الأمّ، وتمثّل هذا الاحترام في ناحيتين: الأولى: تقديم حديثها بالعربيّة على حديثها بالإنجليزية ثم اختتام حديثها بالعربية والثانية أنّ لغتها العربيّة فصيحةً وصافية وسليمة من الأخطاء النحوية واللغوية ومضبوطة ضبطاً دقيقاً.
إنّ احترام اللغة الأمّ هو تعبيرٌ صريح عن احترام ثقافة الأمّة التي ينتمي إليها الشخص، مثلما هو تعبير عن احترام هويّة، لأنّ اللغة ركنٌ أساسيّ من أركان تلك الهويّة. كما أنّ للّغة كبرياء لا يدركها إلاّ أصحاب العزّة والأنفة، وإتقان اللغة وإجادتها واحترام كبريائها يليق دائماً بالكبار، وكّلما ازداد لسان المرء فصاحةً والتزاماً بأصول اللغة الأمّ كّلما عبّر عن عظمة ذاته وكبريائها وعن رفعة مكانته بين الناس.
لقد قدّمت سموّها نموذجاً للصورة التي ينبغي التعامل على اساسها مع اللغة العربيّة عندما تعقد مؤتمرات أو ندوات علميّة يكون في مشاركون عرب وسواهم. فإذا كان المؤتمر منعقداً في بلدٍ يتحدّث أهله الإنجليزية فلا مفرّ من الحديث بلغة أهل ذلك البلد، ولم أر في حياتي مؤتمراً يعقد في بريطانيا أو أمريكا تكون لغته غير الإنجليزية إلاّ إذا كان جميع الحضور من غير المتكلمين بالإنجليزية.
وأمّا إذا انعقد المؤتمر في بلد عربيّ فالأصل أن تكون العربيّة لغة المؤتمر ما لم يكن المشاركون كلُّهم أو أكثرهم من غير المتكلمين بالعربيّة.
وأمّا إذا كان المشاركون عرباً وأجانب، فالأصل أن تكون العربية لغة للمؤتمر وأن يرافق ذلك ترجمة فورية إلى اللغات الأخرى، وفي حال عدم وجود ترجمة فورية فإنّ ما قامت به سموّها من إلقاء كلمتها بالعربيّة ثم إتباعها بترجمة إلى الإنجليزية هو الصواب الذي يقتضيه المنطق ويقتضيه احترام البلد الذي يعقد فيها المؤتمر واحترام ثقافته وهويّته وأهله، تماماً كما يفعل الآخرون الذي يعتزّون بهويّاتهم وثقافاتهم وأوطانهم.
حفظ الله سموّ الأميرة العربيّة الأصيلة وأبقاها سنداً للّغة العربيّة وثقافتها وكبريائها.
الرأي
|
|
|
|
|
|