للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

حلم إلكتروني

أ. مصطفى سليمان

ذهبت إلى فراشي بعد سهرة إلكترونية قضيتها مع الفيس بوك والتويتر والياهو والميسنجر والغوغل بلاس، فلم أنم إلا بعد سويعات من التقلُّب فالعلماء يقولون إن أشعة الكمبيوتر تنشِّط مركزالدماغ فيحدث الأرق الإلكتروني. غفوت فحلمت أني في مجلس علماء في العصر العباسي في بغداد. والحلم- كما تعلمون- عالم من الإبهام والإيهام وتداخل الأزمنة بالأمكنة، والماضي بالحاضر، والعقل بالجنون!

قلت لسيبويه: هل عندك حساب على الفيس بوك؟ أو صفحة على التويتر؟ وما هو إيميلك؟ وهل لديك موقع على الوِيب؟ أوغرفة دردشة خاصة بك؟ نظر إليّ نظرة استغراب وقال: من أي قبيلة أنت يا أخا العرب؟ يا أصمعي، أنت راوية أشعار العرب، وتعرف لغاتهم ولهجاتهم... فافهم من هذا العربي ما يقول!

سألني الأصمعي: عمَّ تسأل؟ قلت: سألته هل فَيّسَ حساباً، وعن إيميله، وصفحته على التويتر... فلم يُجِبْني. يبدو أنه تعرض (للتهكير) أو أنه لا يعرف العربية جيداً لأنه فارسي الأصل. قال: وأنا العربي لم أفهم ما تقوله. أفصحْ! قلت: يبدو أنكم جميعاً خارج التغطية! ألا تستخدمون النت؟ هل يُعقَل أن أمثالكم لا يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي! ألا تُمَسِّجون لبعضكم؟ ألا تستخدمون الوسْم؟ ألا تغرِّدون؟ فغَر الأصمعي فاه، وجحظت عيناه، والتوى شدقاه، وهو يغمغم ويجمجم. ربما خجل لأنه لم يفهم ما أقول. فتصبب جبينه عرقاً وقال لسيبويه: يبدو أنه رومي مُحدَث لم يتقن العربية بعدُ. دعه!

قلت: أنا من العصر الإلكتروني. نظر بعضهم إلى بعض بذهول لغوي. فهل يجوز لكم، وأنتم القيِّمون على لغتنا لغة الضاد والقرآن، ألّا تعرفوا دقائق لغتنا الإلكترونية ومصطلحاتها، وألّا تعيشوا عصرها؟ وأنت يابن جنّي ألم تكتب في خصائص العربية وأسرارها؟ وماذا عنك يابن منظور، يا صاحب لسان العرب؟ و أنت يا زبيدي الذي يتباهى بتاج العروس، ما لي أراك صامتاً لا تنبس ببنت شفة؟ من يفهم علي إذاً؟ وماذا عنك يا زمخشري؟ تكتب (أساس البلاغة) وتهمل بلاغتنا؟ وأنت يابن السِّكّيت تكتب في (إصلاح المنطق)؛ منطق اللغة اليومية للعوام ولا تصلح منطق اللغة الإلكترونية. أنتم متخلفون!. استخدموا الهاشتاق! قدّموا برامج لغويةعلى التلفزيون. جحظت العيون: (تلفزيون)؟! غمغَموا: هذا أحمق مأفون!

فوجئت بأعضاء معاصرين من مجامع الللغة العربية بيننا. قال لي رئيس مجمع: دعهم فهم من عصر غير عصرنا. والله أنا المعاصر لك لم أفهم كلمة منك...! استغربت: أيُعقَل هذا؟ أنتم أيضاً متخلفون عنا ومقصِّرون. ضعوا بدائل موحّدة لأمة تغني: ( لسان الضاد يجمعنا...) هل تتركوننا نصوغ لأنفسنا لغتنا؟ قال: أنتم تحبون التشدُّق بمثل (أراب غوت تالانت) و(أراب آيْدِل ) و(سوبر ستار)!. قلت لأنكم سلاحف، ونحن أرانب! الشارع يسبق المجامع.ترجموا، عرّبوا.

فوجئت بالعلّامة اللبناني عبد الله العلايلي: أنتم تتكلمون بكلام ليس من كلامنا، وبلسان ليس من لساننا. وضعت لكم بدائل عربية أصيلة محل الدخيلة، ورفضتم استعمالها. أنتم تفضلون اللغة اللقيطة!

قلت: نعم. وضعتَ لغة عربية الحروف، لكنها أعجمية المعاني!. تعبنا كثيراً في ترجمتها إلى لغتنا العربية الحديثة. وقد كتبتُ عنها منتقداً في مقالتي عن ( التلوث اللغوي) في صحيفة كويتية اسمها (الراي).

هنا انتفض غاضباً: أنتم– الصحافيين– لوّثتم لغتنا بتصحيفاتكم وثرثراتكم العبثية. اغربْ عن وجهي يا صحافي!. وقام نحوي مزمجراً يريد ضربي...

هنا استيقظت من حلمي الإلكتروني مذعوراً. بعد دقائق، فتحت الغوغل لأرى ماذا في فيس بوكي من... مسجات ولايكات!

الراي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية