|
|
|
|
وصفة للطلاب تقدمها معلمة من الجديدة تهوى لغة الضاد
ما من شك بان نتائج البجروت في اللغة العربية ، في السنوات الاخيرة ، تقول الكثير عن مستوى اداء الطلاب في لغة الأم ، وهي النتائج التي تثير قلقا متصاعدا بين مختلف
المحافل المحلية ذات الشأن .. هذه النتائج تقض مضجع هديل كيال ايضا ، مركّزة لإرشاد اللّغة العربيّة في المرحلة الثانويّة بلواء الشمال في وزارة التربية والتعليم ، التي ترعرعت في أحضان أسرة تعشق العربيّة لغة وأدبًا وفكرًا ، ومن هذا النبع نهلت عشقها لها ورأت بتدريسها رسالةً تعمل على تأديتها بكل حب وتفان .. في التقرير التالي تجيب كيال على اسئلة صحيفة بانوراما المتعلقة بتدريس اللغة العربية والمصاعب التي يواجهها الطالب العربي ، وأسباب تدني النتائج في امتحانات بجروت العربية وغيرها من الاسئلة المتعلقة بالتحديات التي تواجهها اللغة العربية وسبل جسر الهوة بين الطالب ولغة الضاد..
عرّفينا على نفسك أكثر .. على مجال عملك ومسارات حياتك التعليميّة وبلدك ؟
من عالم اللغة العربيّة أتيت، أحملها رسالةَ محبّة وانتماء تقودني نحو رعايتها بين المعلّمين وبين الطلّاب.
أعمل منذ سنوات مركّزة لإرشاد اللّغة العربيّة في المرحلة الثانويّة بلواء الشمال في وزارة التربية والتعليم، كما وأدرّس اللّغة العربيّة وآدابها في مدرسة البيروني الثانويّة في بلدي جديدة المكر.
ترعرعت في أحضان أسرة تعشق العربيّة لغة وأدبًا وفكرًا ، ومن هذا النبع نهلت عشقي لها ورأيت بتدريسها رسالةً عليّ أن أؤدّيها.
حاصلة على ماجستير في اللغة العربيّة من جامعة حيفا وطموحي القريب أن أكمل دراستي للدكتوراة في مجال الأدب الحديث.
كعاملة وكمسؤولة بعالم اللغة العربيّة ، كيف ترين موضوع اللغة العربيّة في نظر الطالب العربي؟
قال البيروني، العالِمُ الشهير، الفارسيّ الأصل: "والله لأَنْ أُهْجى بالعربية، أحبُّ إليَّ من أن أُمدح بالفارسيّة!".
إذا كان فارسيّ الأصل يقول هذا فماذا أقول أنا؟؟
كانت العربيّة ولا تزال لغة التفكير والتنقيب، وبما أنّ تفكيرنا قد تشعّب بتشعّب مجالات الحياة المختلفة وتداخلها بعضها ببعض، خلق هذا الوضع فوضى فكريّة لغويّة أمام الطالب العربيّ. أضف إلى مجالات اللّغة ذاتها وفروعها المتنوّعة من تعبير إلى قواعد إلى أدب وفهم مقروء. لا شكَّ أنّ هذا التشعّب يخلق أمام الطالب العربيّ إشكالًا معيّنًا وصعوبة في التعامل اللغويّ الخاصّ بكلّ مجال.
ينظر الطالب العربيّ إلى لغته فيراها عائقًا صعبًا لوفير ما تحمله من تفاصيل فيخشاها ويبدأ بالعزوف عنها والنفور منها. وهنا يكمن دور المعلّمين الذين يحرسون لغتهم بالوعي والإيثار ليأخذوا بتذليل هذه الصعاب والعوائق أمام أبنائهم الطلبة ليجسروا الهوّة بين اللّغة ومتعلّمها.
على الطالب أن يعي أنّ مَن لم ينشأ على أن يُحب لغة قومه، استخف بتراث أمته، واستهان بخصائص قوميّته. ومن لم يبذل الجهد في بلوغ درجة الإتقان في أمر من الأمور الجوهريّة، اتّسمت حياته بتبلّد الشعور وانحلال الشخصيّة، والقعود عن العمل، وأصبح دَيْدنه التهاون والسطحيّة في سائر الأمور.
" هذه التحدّيات تستوجب حراكًا جادّا في جهاز التربية والتعليم .."
كيف يُمكن التأقلم مع الأوضاع المسيطرة علينا وتأثير اللغة الانجليزيّة والعبريّة ؟ وهل هذا بمثابة تحدٍّ لكم كمسؤولين وعاملين في حقل اللغة؟
نعم، هو تحدّ بكلّ ما في الكلمة من معنى؛ تحدّ أمام المعلّمين وتحدّ أمام المسؤولين. التغييرات العصريّة كثيرة وشائكة فالكثير من المنتجات بمسمّياتها عبريّة أو إنجليزيّة، ولغة الحاسوب وشبكات التواصل المختلفة تعتمد غير العربيّة لغة اتّصال وتواصل في صفحاتها، كذلك الأمر إذا ما نظرنا إلى مجالات التجارة والبنوك والتطبيقات المختلفة في عالم الهواتف الذكيّة. لعلّ هذا الأمر يزيد من التحدّيات أمام العربيّة في إثبات حضورها وتواجدها إزاء الظروف اللّغويّة القاهرة.
إذا ما نظرنا إلى الإعلانات واللافتات، في الطرقات والمجلّات، نجد طوفانًا من كلمات عبريّة وإنجليزيّة بحروف عربيّة أو بحروفها الأصليّة! أو عبارات عربيّة حافلة بالأخطاء! ونرى الأولاد يرتدون ملابس يسيرون بها متباهين فرحين، وقد صارت صدورهم وظهورهم دعايات متحرّكة لغير العربيّة؟!! من غير أن يشعر أحدٌ بالمهانة، أو أن يحرك ساكنا إزاء هذه المهانة؟! أليس من واجبنا جميعًا أن نكافح هذا المرض الذي استشرى، وأن ندافع عن كرامتنا بدفاعنا عن لغتنا؟
وأودّ هنا أن أذكر أمرًا مقرَّرًا- جملة أكرّرها على الدوام- وهو أنّ الخطأ الشائع ليس ضربًا من التطوّر! وأنّ شيوعه لا يعطيه أيَّ حقٍ في البقاء. فليس من التطوير ما كسر أصلًا أو هدم قاعدة سارت عليها العربيّة من القديم حتّى يومنا هذا.
تستوجب هذه التحدّيات حراكًا جادّا في جهاز التربية والتعليم للأتوّ بطرائق داعمة للغتنا وحافظة لأصولها كما تستوجب على المعلّمين إبداعًا جديدًا يجذب المتعلّمين إلى اللّغة أكثر ويخفّف من عزوف الطلّاب عنها.
إنّ السعي لإتقان العربيّة لا يعني أبدًا التخلّي عن تعلُّم اللغات الأجنبيّة الحيّة كالعبريّة والإنجليزيّة، بل من الضروريّ جدّا أن يتقن الطالب العربيّ لغة أجنبية واحدة على الأقل! ولكن ليس مقبولًا أن يسعى العربيّ لإتقان لغة أجنبيّة، فيبذل في سبيل ذلك كلّ جهد ممكن، وأن يهمل في الوقت نفسه لغته العربيّة! ليس مقبولًا أن يأخذ بالحَزمْ في تعلُّم الإنجليزيّة - مثلاً - وبالتضييع في تعلّم العربيّة.
" الاهتمام بالكيفيّة على حساب الكميّة هدف رئيس من أهداف جهاز التربية والتعليم "
هل حاولت الوزارة أن تلائم نفسها مع عصر السرعة واللغة العربيّة التي تشدّد على معايير معينة من القواعد ، الإملاء والآداب وغيرها .. عكس العبريّة أو الانجليزيّة؟
نعم، وبشكل ملحوظ هذه الأعوام الأخيرة. قبل عامين بدأت وزارة التربية والتعليم بخطّة ملاءمة للمناهج الجديدة فقامت باختيار موادّ معيّنة من المنهج واعتبرتها "نواة" وهي تشبه إلى حدّ كبير ما يطلق عليه معلّمو الثانويّات "موادّ التركيز" وبدأ المعلّم بتدريسها من بداية الصفّ العاشر استعدادًا للبجروت. ما أرمي إليه ها هنا أنّ كمّ الموادّ والنصوص المطلوبة لامتحان البجروت تقلّص بشكل كبير ممّا أتاح الفرصة أمام المعلّمين ليعلّموا دون ضغوطات الوقت وكثرة الموادّ بل ويتعمّقوا في الدراسة أكثر. إنّ الاهتمام بالكيفيّة على حساب الكميّة هدف رئيس من أهداف جهاز التربية والتعليم لتحقيق التعلّم ذي المعنى.
بأيّ مرحلة تشعرون بأنّ هنالك مشكلة مع الطلاب؟
لا يمكننا أن ننكر أنّ هناك صعوبات واضحة في تدريس اللّغة العربيّة لطلّابنا العرب، وهذا يدعونا بالضرورة لاستمرار العمل الجادّ في سبيل التخفيف من هذه الصعوبات. علينا بادئ ذي بدء أن نرصد مواطن الضعف والصعوبة لدى الطلّاب في كلّ مدرسة ، ومن ثمّ أن نبدأ ببناء خطّة عمل مدرسيّة خاصّة أهدافها واضحة وهي الحفاظ على العربيّة إزاء تحدّيات العصر رغبة في إصلاح الوضع وتحسين النتائج.
في المرحلة الثانويّة تبدو الصعوبات واضحة للعيان، فالنتائج في بجروت اللّغة العربيّة غير مرضية وطموحنا أن نحسّن هذه النتائج ولن يتأتّى ذلك إلّا بتكاتف الجهود بين الجهات المختلفة معلّمين طلّاب ومسؤولين.
هل هنالك برامج خاصة يمكنها أن تجذب الطالب للّغة العربيّة وتحبّبه بها ؟
لا شكّ أنّ لغة الأم هي المفتاح لرعاية الفرد المتكلّم، المفكّر والمُبدِع، القارئ والكاتب، الفاهم والناقد. لذلك وضعت الوزارة نصب أعينها تطوير القدرات اللغويّة لدى تلامذتنا العرب في إسرائيل وذلك من خلال تطوير مناهج تعليم جديدة، مهمّات تنفيذيّة، وحدات تعليميّة، اعتماد طرائق تعليم وتقويم بديلة، ستلائم حتما جميع المستويات، وتنشيط برامج ومبادرات ستقودنا لتعلّم ذي معنى ولتحسين موقف التلامذة من لغة الأم.
هناك باقة من البرامج التربويّة التعليميّة تعمل على تقريب الطالب من لغته أذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر، مشروع المناظرة لطلبة المرحلة الثانويّة وقد تبنّاه جهاز التربية والتعليم العربيّ سعيًا للتميّز والجودة، مشروع يسهم في تطوير التفكير، ورعاية وتطوير التعبير، الحضور والتواصل مع الآخر وثقافة الحوار، تطوير الفرد والمجموعة.
هناك برامج أخرى تعمل على تحقيق نفس الهدف كجعل الوحدة الثالثة في الأدب وحدة بحث داخليّة يقوم الطالب بإعداد بحث خاصّ لموضوع يرغبه ويعدّه ليحصل على تقييم من معلّمه ويحلّ هذا التقييم مكان علامة البجروت كما كان في السابق.
ومشروع جديد انطلق هذا العام هو مشروع الكتابة المحوسب ، إذ يتعلّم الطالب من خلال الحاسوب والملفّات التعاونيّة كيف يكتب التعبير بمرافقة دائمة لمعلّمه ولرفاقه.
هناك الكثير من الأفكار والمشاريع في طور الإعداد ونأمل أن تنقل إلى حيّز التنفيذ عمّا قريب.
"أن تحافظ على لغتك يعني أن تحافظ على هويتك"
كأنثى انطلقت وعبرت مسارات الحياة التعليميّة ، كيف ترين مكانة المرأة أو الفتاة العربية علميًّا وتربويًّا واجتماعيًّا بهذه الفترة؟
إنّ دور المرأة في أيّ مجتمع دور أساس في نموّ المجتمعات ونهضتها، فهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات الأساسيّة في المجتمع. لا يمكن للتّغييرات الإيجابيّة في المجالات العلميّة والتربويّة والاجتماعيّة أن تتحقّق بفاعليّة دون مشاركة المرأة، هذا المحرّك الدافع إلى التغيير. فالمرأة شريكة الرجل في تنمية المجتمع وتطويره.
تحمل المرأة العربيّة على كاهلها الكثير من المسؤوليّات والمهامّ. تنطلق غضّة في مجال العلم والعمل فتتعثّر أحيانًا وتستأنف المسير تحقيقًا للمصير الذي رسمته بغية دفع عجلة الحياة بتقدّم ونجاح. تحاول المرأة جاهدة تحقيق أحلامها في المجالات المختلفة، تنجح في غالبيّتها إلّا أنّ الظروف ما تزال خانقة ضاغطة لطموحاتها وتحقيقها ولا يغيب عن بال أحد الموانع والقيود التي ترسمها هذه الظروف أمامها. سعيدة بما وصلت إليه وأثق أنّ بإمكانها أن تحقّق المزيد إذا ما توفّرت الظروف المناسبة.
ما هي الرسالة التي تمنحينها للطالب العربيّ حول موضوع اللغة العربيّة؟
قال طه حسين: "إنّ المثقّفين العرب الذين لم يتقنوا معرفة لغتهم، ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومُهين أيضًا".
أن تحافظ على لغتك يعني أن تحافظ على هويتك. تستمدّ هويّتنا قوّتها من وعي أبنائها بضرورة الحفاظ عليها ولن يتأتّى ذلك إلّا باللّغة فهي دعامة هامّة من دعامات هويّتنا وكياننا العربيّ. لن تجدوا لغة تترجم صدقًا مشاعركم أفكاركم أحاسيسكم كلغتكم. دعوها تنبض في نفوسكم ألقةً لتأتلقوا بها عندما تتحدّثون. الرسالة واضحة للمعلّم وللطّالب؛ عليك بالقراءة والمطالعة... لا بدّ من القراءة بِرَوِيّةٍ وإنعام نظر، وحفظ التراكيب والمفردات، كما نفعل عند تعلُّم لغة أجنبية. فإذا صادفتَ أثناء القراءة مفردةً غير مألوفة، فافتح المعجم لتطّلع على معانيها واستعمالاتها المختلفة.
ما الذي يمكن أنّ يساعد الطالب العربيّ بامتحان البجروت باللغة العربيّة ؟ وما هي نصيحتك له قبل أن يصل موعد الامتحان بفترة طويلة ، أي ضمان نجاحه؟
إيّاه وتأجيل الدروس! فالتأجيل هدر للوقت ومدعاة لتراكم الدروس دون أن يشعر، فلا تكاد تنقضي أيّام قليلة حتّى يجد نفسه أمام عدد كبير من الموضوعات لم يدرسها، فيشعر بثقلها وبالضيق منها. عليه أن يتنبّه لخطأ التأجيل وخطره، فليعدّ دروسه بانتظام ليتحقّق له النجاح في الامتحان. في اللّغة أوصيه بالإكثار من حلّ التدريبات والتمرينات فذلك يعمّق فهمه للموضوع، ويجعل أسئلة الامتحان مألوفة.
بانيت
|
|
|
|
|
|