للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

الترجمه فى الثقافة العربية

د.عبد الرشيد محمودى

يجد القارئ فيما يلى وثيقة مهمة ألفها طه حسين بالفرنسية على شكل "تقرير" عن مشروع لليونسكو كان يرمى إلى ترجمة بعض المؤلفات الكبرى إلى جميع اللغات بقدر ما يكون ذلك ممكنا.

ولكن يبدو أن هذا التقرير الذى أعده طه حسين فى الخمسينيات من القرن الماضى، وقدم فيه اقتراحات وتوصيات بشأن تنفيذ المشروع وبخاصة فيما يتعلق باللغة العربية، لا يوجد له أثر فى محفوظات اليونسكو. أقول ذلك بعد البحث فيها، واطلاع على فهارس المنظمة المعلنة على الإنترنت. والتقرير بقدر ما أعلم لم ينشر، وظل مجهولا حتى وجدته مؤخرا بين مخطوطات طه حسين الفرنسية.

ولا مجال هنا لدراسة ما فعلته اليونسكو لتنفيذ مشروعها العظيم وما آل إليه منذ تلك الفترة. ولكن يكفى أن نلاحظ أن بعض اقتراحات وتوصيات طه حسين وجدت طريقها إلى التنفيذ فى إطار ما سمى سلسلة "الروائع العالمية" التى أشرف عليها فى فترة من الفترات مؤنس طه حسين أثناء عمله موظفا فى اليونسكو. وما يعنينا الآن هو النظر فى آراء طه حسين عن دور الترجمة فى الثقافة العربية الإسلامية، فما زال لهذه الآراء آهمية نظرية، لأنها تعبر عن نزعة طه حسين الإنسانية ورؤياه لثقافة البحر المتوسط كما شرحها فى كتاب "مستقبل الثقافة". ولتلك الآراء أهمية عملية أيضا، إذ ينبغى أخذها فى الاعتبار فى أى مشروع معاصر للنهوض بالترجمة فى الثقافة العربية، دون تقيد بها بالضرورة.

والواقع أن الجانبين النظرى والعملى مرتبطان على نحو وثيق فى تقرير طه حسين الذى أعده بطريقة منهجية ينبغى إبرازها. وذلك أن التقرير يرتكز على عقيدة كانت اليونسكو تسلم بها فى تلك الفترة ويسلم بها طه حسين، وهى أن الترجمة وسيلة أساسية للثقافة وتعبير عن وحدة العقل الإنسانى. وليس من قبيل المصادفة إذن أن طه حسين عندما يقرر التركيز على الترجمة فى حالة اللغة العربية يذكر بأن العمل فى هذا المجال لا يبدأ من فراغ، ويحرص على التأريخ لتراث الترجمة فى الثقافة العربية. وهو بناء على هذا الأساس التاريخى يقدم اقتراحاته وتوصياته فيما ينبغى عمله. ويضيف إلى الجزء الأساسى من تقريره أربعة ملاحق يبرز كل منها ما فى الترجمات الموروثة من أوجه النقص وطرق تلافيها.

وتراث الترجمة كما يشرحه طه حسين يشمل فى الواقع تراثين يشيد بكل منهما ويفترض أنهما وجهان للثقافة الإنسانية كما تحققت فى حالة اللغة العربية. التراث الأول هو منجزات حركة الترجمة فى الشرق، وهى الحركة التى استمرت طيلة أربعة قرون للهجرة، ونقل فيها المسلمون التراث الفلسفى والعلمى لليونان القديمة وشرحوه وجعلوه جزءا لا يتجزأ من الثقافة الإسلامية، ثم عرفوا به أوروبا وأدرجوه فى صميم ثقافتها. وطه حسين يفترض بطبيعة الحال أن هذه الدورة الفكرية – من اليونان القديمة إلى الثقافة الإسلامية ومن ثم إلى الثقافة الغربية فى العصر الوسيط – هى لباب الفكر الإنسانى والقيم العالمية الخالدة كما تجسدت فى ثقافة البحر المتوسط.

أما التراث الثانى فى مجال الترجمة العربية، فهو ما أنجزه المستشرقون فى الغرب منذ عصر النهضة. فهم فيما يرى طه حسين قد تعمقوا فى جميع فروع الثقافة الإسلامية بأدبها وفلسفتها وعلومها فى فترة عجز فيها المسلمون لأسباب تاريخية عن أداء هذا الدور. وهو يحرص فى هذا السياق على الإشادة بما حققه المستشرقون نيابة عن المسلمين فى مرحلة من مراحل تخلفهم. ويرى أن العالم العربى المعاصر مدين للمستشرقين الأوروبيين والأمريكيين بدين لن يتمكن أبدا من أدائه.

وهو يقدم توصياته العملية المفصلة بناء على ما يراه من أوجه القصور فى كلا التراثين. فلنترك للقائمين على أمر الترجمة مهمة النظر فى هذه التوصيات ما طبق منها وما لم يطبق وما يبقى جديرا اليوم بالتطبيق أو صالحا له، ولنتوقف قليلا عند افتراضات واهتمامات طه حسين اِلإنسانية. وسنلاحظ على الفور أنها لم تعد سائدة. لقد توارت "القيم الإنسانية الواحدة الخالدة" وأفسحت المجال لقيم أخرى تؤكد على الخصوصية والذاتية والتنوع الثقافى بل والصراع بين الحضارات. وفى حين أن طه حسين كان يؤمن بأن المستشرقين "علماء" لا يهدفون إلا إلى طلب الحقيقة المنزهة عن الغرض، ولا يرى فى أعمالهم عيبا سوى الإسراف والتدقيق والتوجه إلى المتخصصين دون عامة القراء، فإن الأصوات التى تحظى اليوم بالانتباه هى أصوات الذين يربطون حركة الاستشراق بالمصالح والمطامع الاستعمارية.

ولكنى أعتقد أن آراء طه حسين، إن كانت قد توارت اليوم وأصبح صداها خافتا، فإن من غير الممكن تجاهلها ولا بد أن تراعى فى أى محاولة ترمى إلى الفصل فى ذلك النزاع. وفيما يلى ترجمة للتقرير كما أملاه طه حسين بالفرنسية.

ويتألف "تقرير" طه حسين من جزء رئيسى وأربعة ملاحق تتضمن توصياته العملية وتتعلق على التوالى بالترجمة عن اليونانية واللاتينية، وعن لغات الشرق الآسيوى (الهندية والصينية)، واللغات الأوروبية الحديثة، وترجمات المستشرقين. ونكتفى هنا بإيراد الجزء الرئيسى.


الأهرام

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية