للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

رسالة مفتوحة إلى وزير التربية

أ. عبدالحميد منصور المزيدي

• توفير بيئة علمية وبحثية بلغة البلد القومية

تحية طيبة وتمنيات خالصة بأن تكلل جهودكم بالتوفيق لإصلاح المهام الجسيمة التي بين ايديكم.

اختصاراً لهذه الرسالة والمساحة المتاحة لأي مقالة صحافية لا أريد أن أعدد القضايا الجسام المنتظرة إصلاحاتكم، آملين أن تحققوا بإنجازها طموحات الشعب الكويتي.

من المعلوم أن اللغة هي هوية كل أمة، وهي وعاؤها التاريخي والتراثي والديني والأدبي والعلمي، بعد أن كان العربي يتفاخر بلغته ويتغنى بها، شعراً وغزلاً ومنطقاً وأدباً وعلماً، واعتلت أعلى درجات المجاز والإيجاز والإعجاز اللغوي، وبعد أن شرفها القرآن الكريم بعدة آيات، منها قوله سبحانه وتعالى: «كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (فصلت: 3)، وحصّنها من التغيير والتحريف، هان على بعض أبناء هذه اللغة أن يستسلم لهواه ويتيه في دروب هجين المعرفة و«يستبدل الذي هو خير بالذي هو ادنى»، فاستهوته «لغة الخواجة»، وأحلّ محلها أسماء وجملاً أجنبية بما يضاهيها من نظيراتها باللغة العربية، ظاناً أنه أبدع وابتكر، بينما هو يردد هجيناً من أصوات سادته His Masters Voices.

موضوع رسالتنا هو التعليم الجامعي في دولة الكويت بلغة «هجينة» من اللغات الاجنبية وسلوكها النهج الاستغرابي. تعال ننظر يا أستاذنا الفاضل إلى التعليم الجامعي في دولة الكويت، فجامعة الكويت تدرّس الكثير من كلياتها بعدة لغات اجنبية، أهمها وأشملها اللغة الإنكليزية.

وتكلف طباعة الكتب الإنكليزية وغيرها من اللغات الرديفة لهذه الكليات 400 ألف دينار للفصل الشتوي و300 ألف دينار للفصل الصيفي، أي ما مجموعه 700 ألف دينار، سنة بعد سنة، تطبع بها الكتب باللغة الإنكليزية لجامعات الكويت لمواطنين عرب في بلد عربي!

يا للتفريط في اللغة العربية! أما كان من الواجب أن تطبع هذه الكتب باللغة العربية وتحصّن وتؤصل العلوم بلغة الطلبة الأم؟ وما هي حجة إدارة الجامعة لتتبنى التعليم باللغة الإنكليزية؟ حجتهم أن المصطلحات العلمية هي باللغة الإنكليزية! ولماذا لا نتبع ما انتهجته دول كالصين واليابان وألمانيا وإيطاليا وغيرها كثير ونتجنب هذا المنهج؟!

كل ما احتاجت إليه هذه المناهج في الدول المذكورة هو ذكر المصطلحات باللغة التي نشأت عنها، أما الشروح فتُطبع وتُدرّس بلغة البلد المعني، ولا نفرط بتوفير بيئة علمية وبحثية بلغة البلد القومية تتيح لعلماء وتلاميذ العرب والباحثين والمبادرين أن يُعلّموا ويتعلموا ويطوروا بلغتهم، فعدم وجود بيئة للغة العربية تنشأ فيها هذه العلوم وتكوّن مخزوناً لغوياً قومياً لدى الصغير والكبير يمكّنه من البحث العلمي والمبادرات بشكل تلقائي، أمر يرفضه كل مواطن وكل ذي عقل سليم.

إن الاستمرار في تدريس مناهجنا بلغة أجنبية لهو سُبة يتحملها المسؤولون والقائمون على التعليم في دولة الكويت، وربما نعتبره خيانة للغتنا وتراثنا العربيين.

يتساءل المرء: كيف غضت النظر مؤسسات علمية وأدبية وثقافية كويتية عن ذلك، بينما من أولى مسؤولياتها الحفاظ على اللغة العربية التي هي وعاء لكل بذرة تبذرها، علماً أو ثقافة أو أدباً أو فناً؟! هذه المؤسسات هي: مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، معهد الأبحاث العلمية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، جمعية تراث الأمة.

فهل هذا الوضع البائس لا رجعة فيه؟ أنا أزعم بأنه لا يجب على أي إنسان أو مجتمع ما أن يندم على ما فات، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

إن كنا قد بلغنا مرحلة الرفاه، أو كدنا، بفضل دخل النفط، وها هو يتراجع، وبه استطعنا أن نبذخ ونسرف في متطلبات حياتنا، ومنها طباعة مقرراتنا وكتبنا بلغات أجنبية، تراخياً منا، وربما تخاذلاً، فلن نستطيع الحفاظ على هويتنا وتراثنا اللذين هما نبراس عزتنا وكرامتنا إذا تمادينا في إسرافنا.

يجدر بدولة الكويت، وهذا النداء موجه أيضاً إلى الدول العربية، ومؤسساتها العلمية والتعليمية والثقافية، أن تتخلص من عقدتها النفسية، إن وجدت، وتتمسك بكرامتها وأصولها العربية، وتحافظ على تراثها وهويتها وإمكاناتها الذاتية، والاعتماد على النفس، والتحرر من التبعية العلمية ومن ثم السياسية.

فإذا أردنا العيش بكرامة، فعلينا أن نوجه كل اهتماماتنا ومصادرنا لتأسيس بيئة معرفية عربية بمصادرها ووسائلها للبحث العلمي والتكنولوجي، ونستغني عن الغير، ونعزز استقلالنا، أملنا أن يولي معالي الوزير بدر العيسى إحلال اللغة العربية في الجامعات باتباع المنهج الذي انتهجته دول كالصين واليابان وألمانيا.. إلخ، وتعزيز لغتنا العربية في شتى مجالات التعليم الأخرى.

وبهذه المناسبة، أرجو من الصديق العزيز النائب الفاضل نبيل الفضل أن يحث «الهيئة العامة لتطوير المناهج لمواكبة المستجدات العلمية»، التي سعى مشكوراً لتأسيسها، على مواكبة المستجدات العلمية والتربوية ويُحصّن ويعزز اللغة العربية الحاضنة لعلومنا وهويتنا وتراثنا.

ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن الدستور الكويتي ينص في المادة رقم 3 منه على أن «لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية».

القبس

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية