|
|
|
|

العربية.. المحتضرة في العراق
أ. سالم مشكور
الثامن عشر من ديسمبر سمّي يوما عالميا للغة العربية. في العراق إحتفل البعض ولو بعبارات تبجحٍ وتغنٍّ، على المواقع الالكترونية أو عبر الصحافة. برأيي ان علينا أن نقيم مأتما في هذا اليوم ، أو على الاقل جلسات دعاء وتوسل طلبا لشفاء لغتنا التي تبدو محتضرة وحالها في تدهور مستمر. أم أننا تعودنا التغني بالامجاد الغابرة دون ان نفكر باحيائها أو عكسها على سلوكنا؟
لا أنكر أن اللغة العربية تعرضت دائما لحالات ندب وحسرة ورثاء من الحريصين عليها، منذ المتنبي وحتى هذا اليوم. لكن هذه اللغة لم تصل الى مستوى التدهور والاهمال الذي وصلت إليه اليوم، خصوصا في العراق، لدرجة أننا بتنا نسمع المثقف من كاتب أو شاعر أو إعلامي يرتكب مجزرة بحق اللغة إذا ما تحدث لدقائق. مرة كنت حاضرا في حفل جامعي . تحدث رئيس الجامعة لعشرين دقيقة، لم ينطق بجملة واحدة دون أخطاء نحوية، ناهيك عن الركاكة البلاغية. أسفت لحال طلاب هذه الجامعة، بل لحال طلاب أغلب جامعاتنا. هل تعلمون ان الجامعات الاميركية ترفض قبول الطالب الاميركي قبل إجتيازه إختبارات لغة ، ووصوله الى المستوى المطلوب بدروس إضافية في القواعد والانشاء والاملاء ، قبل بدء دراسته الاكاديمية؟.
لا أستطيع أن أفهم ان يتخرج طالب جامعي وهو لا يعرف أبسط قواعد النحو، ولا يستطيع كتابة جملة واحدة صحيحة. المصيبة أكبر إذا كان هذا الطالب خريج أدب عربي أو إعلام مثلا .كيف سيعمل هؤلاء في الصحافة وهم لا يجيدون الكتابة، وهي أداة عملهم الرئيسية؟. كيف سيوصلون مضمون رسالتهم الاعلامية بشكل صحيح وسليم والوعاء الذي يحمل الرسالة يعاني الصدأ والتلوث. هذا ما أقوله دائما للشباب الذين يتدربون على الفنون الاعلامية لممارسة هذه المهنة: لن تكون صحافيا ناجحا إذا لم تتسلح باللغة السليمة، نحواً وبلاغة. المشكلة أن وراء التدهور اللغوي حالة لامبالاة من جانب المعنيين، لذلك يستمر التدهور ويتفاقم.
خلال إدارتي لمحطة الحرة – عراق من واشنطن، واجهت مشكلة الضعف في لغة التقارير من العراق. آنذاك رأيت الحل في اعتماد أحد المعلمين القدامى للغة العربية ممن يرتفع ضغط دمه إذا سمع فاعلا منصوبا، أو حرف جر معطل عن العمل. حصلنا عليه وإستقامت لغة تقارير المراسلين وما زال حتى اليوم يقف حاملا عصاه والويل لمن يخطأ أو لا يلتزم بالحركات التي يضعها على كلمات تقريره.
نحتاج الى حملة تتظافر فيها جهود جهات عدة لانقاذ لغتنا. قبل ذلك نحتاج الى الايمان بان لغتنا تتدهور وأن إنقاذها بات ملحّاً.
الصباح الجديد
|
|
|
|
|
|