|
|

السويد - قراءة في محاضرة الأستاذ ميخائيل ممو عن أسباب ضعف التلاميذ باللغة العربية في المدارس السويدية
في المؤتمر اللغوي الذي انعقد بتاريخ 27 ـ 28 من شهر تشرين الأول / اكتوبر في ستوكهولم ليومين متتاليين من قبل مصلحة شؤون المدارس السويدية للمواقع اللغوية الألكترونية الخاصة باللغات الأم، تضمن 24 لغة، ومن ضمنها اللغة العربية التي كان لها دور القدح المًعلى بمشاركة 160 من المعلمين والمعلمات، توافدوا من 61 بلدية من بلديات المملكة السويدية.
كان اليوم الأول مخصصاً لإلقاء محاضرات باللغة السويدية للمشاركين الذين لم يقل عددهم عن السبعمائة تربوياً من المعلمين ومدراء المدارس. وفي اليوم الثاني توزعت اللغات منفصلة عن بعضها على ضوء البرامج الخاصة بكل لغة ليصل مجموع المشاركين في اليوم الأول والثاني 1200 عضواً.
وفيما يخص مجموعة اللغة العربية افتتح المؤتمر الإستاذ بيوتر (Piotr Koscielniak) مسؤول مواقع اللغات الأُم في مصلحة شؤون المدارس السويدية مرحباً بالحضور ومشيراً في كلمة مقتضبة عن أهداف المؤتمر ودور مصلحة شؤون المدارس في عقد هكذا مؤتمرات لتطوير العملية التربوية وفق التقنيات الحديثة، وتمنى لهم التوفيق في مؤتمرهم. بعدها جاءَ دور المحاضرين لتقديم محاضراتهم التي انحصرت على ست محاضرات قيمة ومتنوعة في مضامينها تمثلت بالعناوين التالية:
ـ كيف يستخدم المعلم السبورة الذكية في التدريس؟ للإستاذ جبار زيادي.
ـ ماذا تعرف عن مجلة نانار للدكتورة أسيل رشيد العامري.
ـ تدريس اللغة الأم وعلاقتها بالمقررات المدرسية الأخرى للاستاذ جمال جرجيس.
ـ أسباب تدنّي مستوى التلاميذ في تعلم اللغة العربية في المدارس السويدية للأستاذ ميخائيل ممو.
ـ مستوى التلاميذ في تعلم اللغة العربية للأستاذة فادية عبدالله.
ـ الإرشاد الدراسي وتحديد مستوى المعرفة لدى التلاميذ الجدد للأستاذة تامار اوكار.
وبالرغم من تفاوت موضوع المحاضرات فقد انفرد الأستاذ ميخائيل ممو في محاضرته من خلال إصداره لنتاجه الفريد من نوعه الذي توسم بنفس عنوان محاضرته، مسترسلاً النقاط المعروضة بشروحات وتعليقات تفصيلية ذات أهمية، معولا أياها بخمسة عناصر رئيسية هي: التلميذ، المعلم، المنهج، أولياء الأمور وعناصر أخرى متفرقة، مستنبطاً من كل عنصر عشر نقاط فرعية هامة ومفصلة بدلالات وأمثلة واقعية يألفها كل مربّ تربوي قدير، مستعرضاً أياها على نحوٍ دقيق، ومُطعماً شروحاته بأمثلة مستقاة من خبراته التربوية والعملية بما يزيد عن أربعة عقود على ضوء مقدمته التي ارتجلها قائلاً:
( يسعدني أن أكون بينكم وأنا على أعتاب سنتي الأخيرة في مهنة التعليم، مستمداً مما سبقها من سنوات خلت خلاصة ما ألفته من معايشات على مدى يزيد عن أربعة عقود، منها في الوطن الأم العراق الجريح المصاب بالشلل، ومنها في ديار المهجر الملئ بالسأم والعلل.
أقف أمامكم كمحاضر وأنا لست أفضل منكم، أو أقل من ذلك، ولكن خزين خبراتي هي التي أهلتني لأقدم لكم ما نعانيه، وذلك عن " أسباب تدنّي مستوى التلاميذ في تعلم اللغة العربية في المدارس السويدية" التي حصرتها وضمنتها في كتابي الجديد الذي يحمل ذات العنوان، إضافة لموضوعات أخرى ذات أهمية لكافة التربويين وأولياء الأمور".
من هذه التقدمة القصيرة التي جسد فيها الأستاذ ميخائيل بإقتضاب معاناة مهنة التعليم شدني المحاضر أن اصيخ السمع بروية متناهية لما يعرضه، وكأنه يقرأ أفكارنا ليستلب قلوبنا بصيغ تعابيره التسلسلية المعروضة على الشاشة الكبيرة، وكأنها حلقات متواصلة ببعضها، فأفصح عما في خلده دون توقف لسعة ما يعرضه ملتزماً بوقته المحدد ليتناسب مع عشرات النقاط.. ونظراً لكثرتها وسعتها واستخلاصه لها نستثني الإشارة لها، حيث نفضل الإطلاع عليها من خلال نتاجه التربوي الصادر حديثاً, كونه يعرض فيه أيضاً الحلول الناجعة، إضافة للصعوبات التي تواجه التلاميذ في عملية التعلم للقراءة والكتابة.
ومما استرعى انتباهي بغية الإشارة اليه انطلاقه بمفاجئتنا بسؤال لم يخطر على بالنا عن عدد مفردات اللغة العربية، ليتلقى إجابات متفاوتة لم تكن بما خمّنه وتوصل اليه الخليل بن أحمد الفراهيدي التي حصرها بالملايين وفق نظريته الإحصائية ما بين المستعمل والمهمل منه بالملايين. ومن خلال تجاربه ومعايشاته المستفيضة استطاع أن يلقي الضوء على عدد من الإستفسارات والأسئلة الخاصة بموضوع المحاضرة. والأجمل من كل ذلك سعيه في استخلاص عشرة مقترحات وتوصيات دونها في كتابه الآنف الذكر وأشار إليها للحاضرين بغية السعي لتطوير وتحسين العملية التربوية التعليمية والإرتقاء بمستواها، ليخص بها في الوقت نفسه همّة المشاركين ومسؤولي وزارة التربية ومصلحة شؤون المدارس والتي حصرها على النحو الآتي:
1. التوافق على وضع منهج موحد بتعاضد جهود المميزين من ذوي الكفاءة والمقدرة اللغوية والتربوية والنفسية، وممن له باع طويل في الحقول المذكورة من خلال عملية التعليم في المراحل الدراسية.
2. تشكيل لجنة استشارية موسعة من المحافظات لتكون عاملاً مساعداً ومقوياً للجنة تأليف المنهج الموحد، على أن يتم اختيار أعضائها بناءً على عطائها المميز ومراحل تخصصها في العملية التعليمية والتوثيق المهني.
3. أن يتماشى المنهج الموحد والخطة التربوية السويدية المقررة من مصلحة شؤون المدارس الخاصة بالمناهج، مع برمجة عملية التأليف لكل المراحل الدراسية للتعليم.
4. العمل على صياغة الأسئلة الموحدة للمراحل الختامية من خلال لجنة المناهج المؤلفة على وفق النظام السويدي المميز والمعروف بالفحص المركزي في مادة اللغة السويدية والإنكليزية والرياضيات، وكما هو مألوف ومتعارف عليه في البلدان العربية أيضاً.
5. زيادة الحصص التعليمية لمادة اللغة الأم إسوة بباقي اللغات الرئيسة كالإنكليزية والفرنسية والأسبانية أو اللغات المشمولة بالمادة المسماة اللغة الأم كمادة حديثة، خاصة في المرحلة الثانوية، وأن تكون على أقل ما يمكن حصتان في الإسبوع، وتلاشي ما يُقرر بين اسبوع وآخر في بعض المدارس التي لا يستكمل فيها عدد التلاميذ المشمولين.
6. أن لا تقتصر أوقات الدوام بحسب ما هو عليه اليوم أي على الأوقات الحرة، أو ما بعد الدوام وفي أوقات الفراغات في الجدول المدرسي الرسمي، لأن التلميذ يرى في ذلك إجحافاً بحقه مقارنة بزميله التلميذ السويد. بهذا من الأولى أن تزاد مادة اللغة الأم لتكون من ضمن الجدول المدرسي الرسمي، وفي ساعات لا تتضارب مع أوقات الدروس الأخرى.
7. أن يكون إعتماد المعلم الأساسي أو الرئيسي في المدرسة من ذوي الإختصاص في مادة اللغة الأم، وليس على اسس القِدَم أو العلاقات الشخصية مع الإدارة المدرسية أو لأسباب أخرى غير مُقنعة ضمن النشاط المدرسي، لكون إدارة وحدات العمل الخاصة بمعلمي اللغة الأم أقل خبرة من المعلمين في معرفة ما يتعلق بإمور اللغة الأم في المدارس التي هم بعيدون عنها، وفي أقل تقدير انتقال المعلم بين عدة مدارس لتصل أحياناً الى أكثر من أصابع اليدين.
8. أن تكون هناك إجتماعات دورية متعاقبة لمعلمي ذات اللغة إلى جانب إجتماعات وحدات أو مجموعات العمل التي تضم من معلمي اللغات الأخرى لمحدودية عددها. ومن المستحسن على مديري ومسؤولي أقسام اللغة الأم تكوين مجموعات العمل المشترك من نفس اللغة بغية تبادل الآراء على النحو المباشر.
9. إعتماد معلمين من ذوي الإختصاص والكفاءة في الحصص المخصصة لإرشاد ودعم ومساعدة التلاميذ الذين هم بحاجة لشرح وتوضيح ما يصعب عليهم، وعلى نحوٍ خاص المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء، وكذلك لمواد العلوم الإنسانية بأن يتمكن المعلمون من اللغة السويدية على نحوٍ مناسب لإيصال الفكرة للتلاميذ على نحوٍ تام.
10. الإحتفال بيوم اللغة العالمي المصادف 21 شباط / فبراير من كل عام، وكذلك بيوم اللغات الأم الخاص بكل لغة، إضافة ليوم المعلم العالمي الذي يصادف في الخامس من شهر تشرين الأول / اكتوبرمن كل عام، والذي يحتفل به في أكثر من مائة دولة، بالرغم من أن بعض الدول خصصت يوماً مستقلاً لمناسبة عيد المعلم المستمد من مأثرة معينة لتاريخ تلك الدول.
|
|
|
|
|