|
|
|
|

واللغة العربية- hi -
أ. عبد الله أبو بكر
يرى البعض أن تخصيص يوم للاحتفاء باللغة العربية يبدو مؤشراً على أن العربية في خطر، كون هذا الاحتفاء كما يعتقدون يشبه شيئاً من الاحتفاء بذاكرة قديمة محاصرة بالنسيان ومهددة بالغياب.
لكن كل منا يفهم يوم اللغة العربية هذا كما يحب، فهناك من يأخذ الأمر من زاوية أخرى وجهة أكثر تفاؤلاً، ويجده احتفاء بلغة حاضرة، يمكن ترسيخ مكانتها بشكل أكبر عبر تخصيص يوم للاحتفاء بها في كل عام.
وبعيداً عن البحث في جدوى ومقاصد ذلك وكيف يفهمه هذا وذاك، برزت هناك مفارقات كثيرة عند العرب المحتفلين بهذا اليوم، وأكثر ما أدهشني منها، كان في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات موقع "فيس بوك" على وجه التحديد، عندما حلّت مفردة الـ "hi" (تم تعريبها فأصبحت: هاي) بعد أكثر من خمس وصايا لسيدة تطالب عبر صفحتها بعودة اللغة العربية إلى شفاهنا وألسننا، وتُعيب على الجيل الصاعد طلاقه مع لغته الأم. فبعد أن تفاعل أصدقاؤها مع دعواتها انتصارا للعربية، ردّت على صديقة لها في حديث آخر فجعلت "هاي" مبتدأ حديثها.. فيا لسوء حظ العربية!!
هذه الـ "hi" تثبت أن هناك مأزقاً حقيقياً وحفرة عميقة وقعت فيها اللغة، ذلك أن الأمر تجاوز حدود ما يعتقده البعض من أن استخدام مفردات محدودة من لغة أجنبية يمكن اعتباره مجرد تقليد وحسب، أو موضة مجتمعية طارئة سرعان ما ستذوب وتسقط من الأفواه، فالواقع يقول إن الأمر تطور وامتد من كونه موضة إلى عادة وسلوك قد يصعب التّغلّب عليه مستقبلاً.
ذلك يعني أن أزمة اللغة العربية، تعيش وتكبر بيننا، وأن اللغات الغريبة والغربيّة استطاعت اختراقنا من جميع الجهات، لدرجة تجعلنا نتناقض مع أنفسنا، ونقول ما لانفعل، ونفعل ما لا يليق بقولنا وما لا نريد للآخرين فعله وننهاهم عنه.
حتما، إن يوماً واحداً، لن ينقذ العربية من الحفرة التي حفرها لها أصحابها، فوقعت فيها ولحقوها هم إليها، إنما هناك حاجة ملحة لتحفيز الجيل الجديد على الإبداع والأدب بمختلف أشكاله، وتقريبه أكثر من مصادر حماية اللغة العربية وتجديدها، كالشعر والصحافة والكتابة الإبداعية عموما.
البعض يبحث في أسباب غياب العربية.. تُرى هل ينكر أحد أن الجيل الجديد بعيد عن الشعر والأدب والقراءة ؟ وهل يختلف اثنان حول مسألة غياب العربية حتى عن أدق تفاصيل الحياة اليومية للعرب؟
ألم تحل الـ"هاي" محل المرحباً؟ وgood morning"" محل صباح الخير؟ والأمثلة كثيرة على ذلك..
أتذكر أغنية لطيفة ومعبّرة عن هذا الحال للفنان شربل روحانا وهو يخاطب اللبناني (والعرب جميعا بطبيعة الحال): "هاي، كيفك، سافا، من وين جبتا يا لبناني ..... شو بتشكي كلمة مرحبا أو صباح الخير".
هذه مفردات أصبحت جزءاً من نهاراتنا وصباحاتنا التي لا تخلو منها، ويراها البعض الوسيلة "الأرقى" لإلقاء التحايا والسلامات.
يبقى السؤال : لماذا لا يعبّر العرب عن أنفسهم وأحوالهم بالعربي؟
أعود لأغنية روحانا ذاتها :"عبّر عن فرحك بالعربي.. عبّر عن حزنك بالعربي .. غني عن حبّك بالعربي ...".
وبالباقي عليك أيها العربي.
24
|
|
|
|
|
|