|
|
|
|

عقوق اللغة
أ. بدور الكليب
الثامن عشر من شهر ديسمبر في كل سنة.. هو بمثابة العيد للغة العربية، فمن هذا اليوم يستذكر الجميع أن هنالك لغة أما تسكن في هويتنا ربما لا نعرفها حق المعرفة سوى في هذا اليوم!
يغوص الجميع في الأعماق بحثاً عما سطرته الكتب والمؤلفات من أحرف تتغنى باللغة الفصحى لعرضها كصورة أو تغريدة أو حالة، ليستبين للعالم أنه محب اللغة ومنصفها!
في يوم واحد يحتفى بهذه اللغة العربية التي شرفها الله بأن جعلها منطقاً لكتابه،
وبعد الثامن عشر من ديسمبر نعود لما نحن عليه وننساها وكأنها لم تولد معنا.
ذات مرة أعجبت بنص أدبي لأحد الكتاب فاقتبست منه لإحدى الزميلات لتفاجئني بتعجبها حول هذه الكلمات، مبادرة بطلبي أن أترجم لها ماذا يقصد الكاتب لأن كلامه غير مفهوم!
واخرى كلفت بكتابة خطاب بالفصحى لتحضر إلينا أوراقا بيضاء تطلب منا العون؛ لأنها لا تعرف كيفية الكتابة بالفصحى!
ومما يزيد الأمر سوءا، أننا إذا أردنا اضحاك بعضنا تخاطبنا بالفصحى مقهقهين على تلك الأحاديث!
عرب... لكننا لا نجيد الفصحى لا قراءة ولا كتابة، ناهيك عن أن اللغات الأعجمية قد بدأت تتسيد في كل شيء.
الآلاف من أبنائنا قابعون في بيوتهم لا مهنة ترضى بهم لأن مشكلتهم الوحيدة أنهم لا يجيدون غير العربية، الإنجليزية باتت تتربع على قائمة شروط التوظيف، لماذا لا تكون العربية الفصحى شرطاً أساسياً من شروط وظائفنا وتعاملاتنا مع أنفسنا وغيرنا!
حتى في تعاملنا مع العاملين في منازلنا، فاننا نخاطبهم بلغةٍ ركيكة ابتكرتها عقولنا من قواميس لا وجود لها، نحن لا نحدثهم بعاميتنا ولا بفصاحتنا!
لغتنا الأم مصابةٌ بالعقوق من أبنائها العرب، فهم لا يستذكرونها إلا في يومها، يأتون لتهنئتها ويحتفلون بها قليلاً ثم يرحلون مودعين لا عودة لهم إلا في ديسمبر القادم!
اليوم
|
|
|
|
|
|