للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

صناعة الذكاء

أ. هالة القحطاني

توصل العالم (هوارد غاردنر) أستاذ الإدراك والتعليم في جامعة هارفارد في كلية الدراسات العليا بعد 15 عاما من الدراسة، إلى نظرية من أكثر النظريات انتشارا، يُطلق عليها نظرية الذكاء المتعدد («Multiple Intelligence)، مفادها أن هناك 7 أنواع من الذكاء يمتلكها كل إنسان، وعلى الرغم من اختلافه وتفاوته بين شخص وآخر، إلا أنه على نفس الدرجة من الأهمية، إذ توجد مدارس في الولايات المتحدة تعنى بتدريسه وتطويره، وهو باختصار الذكاء (اللغوي- والمنطقي الحسابي – البصري- الموسيقي- الجسدي الشخصي -الاجتماعي- وأخيرا الذكاء الرياضي)، وسأتوقف عند الذكاء اللغوي الذي يقصد به القدرة على فهم معاني الكلمات واستخدامها بمهارة والتعبير عن الأفكار بطلاقة، والقدرة على نقل المفاهيم بطريقة واضحة. ويعتقد العلماء أن جميع الأطفال لديهم القدرة ليكونوا مبدعين في جانب أو أكثر من جوانب حياتهم إذا ما سنحت لهم الفرصة، أو أُتيحت لهم بيئة يتعرفون فيها على إمكاناتهم ويخرجون فيها طاقاتهم الإبداعية في الفن أو العلوم.
من أكبر التحديات التي تواجه وزير التعليم تحدي (تطوير المناهج) وتحويلها إلى مناهج ديناميكية تتناسب مع تطور الزمن باستمرار، إذ مازالت بعد مراحل تطويرها تعاني من ترهل في نصوصها وتفتقر إلى الجاذبية، فعلى سبيل المثال، مازال منهج لغتي يطل كعادته كل سنة ببعض النصوص الكئيبة، ذات مفردات تقليدية ومحدودة، ربما ساهم بعضها في تحجيم قاموس الطفل اللغوي، في رأيي الشخصي مازالت لا تتناسب مع وعي وإدراك طالب هذا الجيل، إذ مازالت تتخاطب مع عقله بطريقة أقل من المستوى الاستيعابي لديه، خاصة بعد أن أدخلت الثورة التقنية إليه معلومات حديثة مازالت تحجبها وتتجاهلها المناهج، فعلى سبيل المثال للمرة الثانية، ما الهدف الموضوعي أو الإثرائي في نص ضعيف مثل درس (أمي تكنس)، الذي يتكرر كل سنة في منهج لغتي للصف الأول الابتدائي؟! وأين نقاط الإبداع في درس (أمي مريضة) الذي جاء في منهج الصف الثاني؟! ولم كل هذا الإصرار على نقل صورة نمطية كئيبة للأم في المناهج، بينما تزخر المكتبة العربية بكثير من النصوص المعروفة على مستوى الوطن العربي؟، حتى قصص (المكتبة الخضراء) ثرية بقصص تنمي الخيال، والأمر المزعج للآباء أثناء عملية تدريس أبنائهم كمية المتناقضات التي عليهم أن يتقبلوها على مضض، في كتاب واحد لنفس المستوى، إذ أصبح لابد أن يتجاهل الفرد منا حدود العقل والمنطق أمام المنهج حتى لو كان مليئا بالأخطاء أو غير مقنع، فعلى سبيل المثال، كيف تتوقع أن يقتنع ابنك حين يتعلم في درس عن مكارم الأخلاق في نصف السنة، وتُضيف إلى معلوماته لتعزز من بناء المنظومة الأخلاقية في نفسه، لتجد نفس الكتاب ينقض ما تعلمه وما علمته إياه في النصف الثاني من العام، وذلك حين يدرك أن الكذب والحيلة والخديعة أقصر وأسهل الطرق للفوز، مازلت لا أجد تفسيرا مقنعا، كيف مرت قصة مثل (عين القمر) في كتاب لغتي للصف الرابع على التربويين والمراجعين في قسم المناهج، التي تحكي قصة مجموعة من الفيلة، استولت على أرض كانت تعيش فيها الأرانب، بها عين ماء تسمى عين القمر، فلم تستطع الأرانب إخراج الفيلة منها سوى بالكذب والخداع، فما هي بالضبط الرسالة التي يمكن أن يلتقطها أطفال لم تتجاوز أعمارهم العاشرة؟ إن القوي بإمكانه ظلم الضعيف وانتزاع حقه، ربما يكون المؤلف ركز على النواحي الفنية، ولكنه لم يكترث لموضوع الرسالة التي ترسلها القصة. إذن كيف نقنعه في النهاية بتطبيق مكارم الأخلاق!! بات ضرورياً أن تبحث الوزارة في أسرع وقت عن آلية لتحديث النصوص المترهلة في مناهج اللغة العربية بالذات، وسحب النصوص الرديئة التي تفتقر إلى الأهداف المنطقية، على أن تكون عملية التحديث كل 3 سنوات على الأقل، لإبقاء النصوص ثرية وقوية وذات أهداف موضوعية، ولا تقتصر على بناء النطق ومخارج الأحرف فقط، بل تكون قريبة من واقع الطفل دون أن تُعيده إلى الوراء، مثل درس (عادل في الطائرة) في منهج الصف السادس، دون أن تسبب له انفصاما فكريا.
منذ 3 سنوات صرح أحد المسؤولين عن تطوير المناهج، بأن مناهجنا أصبحت عالمية، ونحن شعب مشكلتنا لا نستطيع أن ننسى تصريحات أي مسؤول، خاصة حين تكون صاروخية، ومع ذلك لم تبدأ حتى الآن الوزارة باعتماد النظام الدولي في المدارس الحكومية بجانب النظام الوزاري، وتم الاكتفاء بتدريسها في المدارس الأهلية فقط! مع أن كثيرا من التجارب أثبتت مدى استيعاب الطفل في سن مبكرة (الروضة) للغة الإنجليزية التي ينتهي إليها كمطلب رئيس للدراسة الجامعية، فماذا ننتظر الآن؟؟

الشرق

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية