للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

العولمة والإبادة اللغوية

أ. مصطفى سليمان

من الكتب الرصينة التي صدرت أخيراُ عن (عالم المعرفة) الكويتية، ديسمبر 2014 كتاب: هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية ؟ وهو سرد تاريخي لغوي علمي لسيطرة لغات بعينها- قديماً-على الثقافة العالمية لقرون، خصوصا على لغة العلم والثقافة العامة. كاللاتينية واليونانية والآرامية والعربية... فتاريخ العلم هو تاريخ اللغات.

ويرى أن اللغة الإنكليزية اليوم، مجازاً، ترتكب إبادة عولمية بسيطرتها على لغة التقنية والعلوم بكل فروعها. لكنه يطرح قضية مثيرة وهي تفتُّت اللغة الإنكليزية العالمية بحيث توجد (لغات إنكليزية) تتكيّف مع محيطها الإقليمي. فهناك اللغة الإنكليزية الأميركية والصينية والجنوب أفريقية والهندية... ويمكن للمتتبّع عبر اختيارات نوع اللغة الإنكليزية في قائمة اللغات في شبكة الإنترنت أن يقف على لائحة طويلة وغريبة من التكاثر اللغوي الإنكليزي.

وما يهمنا في الكتاب استعراضه للتاريخ العلمي للغة العربية، وموقفه من حاضرها اليوم. فهو يرى أن العربية كانت لغة غزو- لهجة عسكرية- أبادت عبر قرون لغات قومية محلية. لكنها: «سيطرت على العلوم بشكلها الأكثر تقدماً بحيث يمكن تسميتها لغة عالمية حقيقية للعلم، وقد استعمل العربية من القرن التاسع حتى الحادي عشر نسبة من الناشطين في العلوم أعلى ربما حتى من الإنكليزية عام 2013».

ويربط بين موت اللاتينية التي سادت في أوروبا عبر قرون، و(موت) العربية الفصحى كلغة محكية؛ فقد كتب غاليليو علومه بلهجته المحلية الإيطالية، ولافوازييه وباستور بالفرنسية ودانتي بلهجة مدينته فلورنسا... وهكذا ماتت اللاتينية كلغة حياة وثقافة وعلم، وصارت لغة كنسية طقوسية جنائزية.

والعربية الكلاسيكية- برأيه- أزالت لغات أخرى كونها لغة غزو وتأثير سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي (ونسي البعد الديني الأهم). ويرى أيضاً: «أن الذي دمرها توسُّعُها المتسامح بصفتها لغة محكية في كامل العالم الإسلامي، بينما جعلها هذا التوسُّع لغة هائلة للمعرفة المكتوبة عبر منطقة شاسعة. وتوصلت أعمال مترجميها ومؤلفيها لملء المكتبات الكبيرة التي جمعت من بغداد وطليطلة، وهي أماكن يفصل بينها أكثر من ألفي ميل والكثير من الثقافات السابقة».

وواقع الإنكليزية اليوم، في تجزُّئها إلى (لغات) إقليمية ووطنية محلية (استناداً إلى النموذج العربي)، كما يقول، ينذر بنشوء لغة علمية عالمية، غير الإنكليزية السائدة اليوم. لكنها تبقى (إنكليزية).

هذا يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل تصبح اللغة العربية مع الوقت (لغات)؟ هناك ظاهرة غريبة في خيارات اللغة العربية عبر الإنترنت. فأنت مخيَّر بين العربية السورية أو السعودية أو الأردنية أو المغربية أو... يريدون جعل لهجاتنا المحلية لغات. وعندما تختار أيّ (لهجة- لغة) فإنك ستصادف الفصحى التي يعرفها كل طفل عربي في أول مراحله التعليمية بالبلاد العربية كلها.

سيادة الفصحى غالبة ومتزايدة: في التعليم- لكن لغة العلم في الكتب المدرسية العربية تأخذ مصطلحاً محلياً أحياناً- وفي الصحف، والمجلات الثقافية والعلمية والفنية والمؤتمرات الدولية وعبر مكاتب الأمم المتحدة في العالم، باعتبارها لغة معتمَدة فيها.

إلا أن الخطر الداهم يأتي من لغة مواقع التواصل الاجتماعي. فاللهجة (الفيسبوكية والتويترية والواتسابيّة...)، كذلك لهجات الدلع التلفزي، والميوعة الإذاعية، وإعادة تنشيط الدعوات إلى اعتماد اللهجات المحكية لغةَ تعليم وصحافة و... كل ذلك يقرع أجراس الخطر اللغوي. فهل تبيد العولمةُ لغتنا، وتفتّتها لتصبح ( لغات كانت لهجات ) كاللاتينية؟

سؤال موجّه إلى... لا أدري لمن؟

الراي

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية