|
|
|
|

مَنْ يحمي لغتنا الجميلة؟
أ. نبيل الزغبي
يعيش لبنان، اليوم، حالة غير مسبوقة من التهديد للغة البيان، فكأنما دعاة التغريب قد تنكروا لكل جهود البساتنة واليازجيين الذين حفظوا العربية في أحلك أيام محاولات الغائها وهي تواجه التتريك بمختلف مستوياته، دون أن ننسى عمل الرهبان والأديرة في حفظ الكثير من الأدبيات العربية بكتابتها بالحرف السرياني.
وكأن ما طرحته نتائج الشهادة المتوسطة اللبنانية على صعيد رسوب أكثر من ستين في المئة من طلابها في مادة اللغة العربية، يؤشر الى أن لغتنا الأم ليست بأفضل حال، وأن المطلوب راهناً هو الانكباب على العوامل المؤدية الى ضعفها، بحثاً عن وسائل ناجعة للنهوض في آن، فأين الخلل؟ وكيف يكون الاستنهاض؟
ونحن نتكلم على لغتنا الأم ونجهد في تحديد ما تتعرض له من تحديات تجعل الأجيال الجديدة في موقع الضعف أمام دراستهم لها، نجهل أو نتعامى عن اننا نمارس بدورنا بعضاً من أشكال الاضعاف لها عندما نلجأ الى الكتابة بعامية وركاكة ناجمين عن تأثرنا بما يضخه الاعلام المتنوع يومياً في مسامعنا من عاميات محلية ولهجات لا تلتقي وفصاحة العربية وبلاغتها وبيانها. وصارت اللغات المحلية تنافس الفصحى وتكاد تتغلب عليها في ميادين عدة، مستفيدة بدورها من شتى حالات الانكباب الجماعي على اللغات الأجنبية والاستفادة من مفرداتها العلمية والثقافية في ظل تراجع الدور العلمي والثقافي للغتنا الأم وانعكاس حالات الانهزام السياسي والعسكري الذي تعانيه الأمة، على لغتها أيضاً بشكل عام.
وإن لم تبادر الأمة الى استنهاض نفسها بقواها الذاتية، وهي قادرة على ذلك، فإن مؤتمراً لغوياً من هنا، وندوة أدبية من هنالك، لن يفيدا في توفير عوامل النهوض المطلوبة، حتى وان واظب العرب ومنظمة الأونيسكو والامم المتحدة على الاحتفال في الثامن عشر من كانون الاول من كل عام بيوم اللغة العربية، التي اعترفت بها منظمة الامم المتحدة عام 1973 لغة رسمية من بين اللغات المعتمدة فيها وبدلاً من أن تتقدم في هذه الميادين تراها تتراجع وتتكبل بالمزيد من الاضعاف والهوان وقد لخص أحدهم أسباب تدهورها بجملة مفيدة اعتبر فيها أن اللغة العربية التي كانت في ما مضى لغة العالم الأول، لم تتأهل لذلك لو لم يكن العرب كأمة، هم العالم الأول أيضاً.
والأمة التي تعيش في خطر داهم يهدد مقومات وجودها وهويتها، يستحيل على لغتها ان تكون بحال أفضل كذلك.
هذه اللغة التي تحتاج الى من يحمي سور حديقتها اليوم قبل أي شيء آخر.
النهار
|
|
|
|
|
|