|
|
|
|

ثورة العيسى
أ. صالح الشايجي
عملت في التدريس قبل أربعة وأربعين عاما، معلما للغة العربية والتربية الإسلامية، بعد تخرجي في دار المعلمين التي تخرج دارسيها لتعليم تلاميذ المرحلة المتوسطة.
وما كانت سني في أعمار زملائي الدارسين الذين صاروا بعد التخرج، زملائي المدرسين، كنت أكبر منهم بأعوام قليلة، وذلك لأنني لم أكن طالبا منتظما مثلهم، جاؤوا من الثانوية إلى الدار، بل كنت أعمل قبلها بسنوات خمس مذيعا في الإذاعة، ومعرفتي في قواعد اللغة العربية تفوق زملائي بحكم اشتغالي في اللغة العربية من خلال الإذاعة، ما كون لدي رصيدا لغويا لا بأس به.
لاحظت وأنا مدرس ان تلاميذي هم الأدنى درجات وبالذات في دروس اللغة العربية من قواعد وإملاء خصوصا.
وكنت أتبادل الأحاديث مع زملائي بخصوص هذا الأمر، بينما هم لا يشكون شكايتي، ولا يرون في تلاميذهم نقصا علميا، ودرجاتهم مرتفعة.
وكنت أتساءل، هل يعقل وهل هو من باب المصادفة ان يكون تلاميذي ـ فقط ـ هم الأغبياء رغم أنهم موزعون على أكثر من صف، بينما تلاميذ زملائي، أذكياء ومنضبطون ويراجعون دروسهم أكثر من تلاميذي؟! أم أن العلة تكمن في أنا وبضعفي كمدرس لا يجيد إيصال الدروس والشروح بطريقة صحيحة تساعد التلاميذ على الاستيعاب الجيد؟!
قادتني هذه الحيرة إلى محاولة حل هذا اللغز المحير، فقمت وأثناء الاستراحة وأثناء وجودي في غرفة المدرسين، بمراجعة دفاتر تلاميذ زملائي مدرسي اللغة العربية والذين لا يشكون من ضعف تلامذتهم، فاكتشفت السر المخجل!
اكتشفت ان أولئك التلاميذ ليسوا عباقرة ولا مهرة في القواعد والإملاء، ولكن العلة والضعف والخور، تكمن ـ ويا للأسف ـ في مدرسيهم الذين لم يكونوا يميزون بين الصح والخطأ، فكانوا يمنحون تلامذتهم الدرجات العليا رغم أخطاء تلاميذهم الكثيرة التي تماثل أخطاء تلاميذي.
إذن فإن العلة في المدرس الذي لا يستطيع تقويم خطأ التلميذ لأنه لم يكتشف الخطأ أصلا ولا يعرفه!
أقول هذا من وحي ما قرأت بالأمس في جريدتنا «الأنباء» من تصريحات لوزير التربية بدر العيسى، أشعرتني بالتفاؤل وبأن الثورة التعليمية التصحيحية قد بدأت على يديه، وبالذات ما بشر به من تعديل مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية وغربلتها وإلغاء ما يحض على الفئوية والكراهية منها.
ولقد سقت روايتي تلك لأقول للوزير انتبه للمدرس أيضا، فلن ينفع منهج جيد إذا ما كان المدرس جاهلا به.
الأنباء
|
|
|
|
|
|