|
|
|
|

إرباك اللغة العربية بالمصطلحات العلمية
أ. أحمد عبد الرحمن العرفج
تُطربني مرُونة اللُّغَة العَربيّة، وتُعجبني شَجاعة أبنَائها الأوفيَاء لَها، حِين يُقْدِمُون عَلَى اشتِقَاق المُفردَات الجَديدة التي تُلائم العَصر، خَاصَّة في مَجال العلُوم، رَغم تَأثير تَنوُّع خَلفياتهم الثَّقافيّة والاجتماعيّة عَلى جهُودهم، ممَّا يُسبِّب حيرة لكُلِّ مَن يَبحث عَن الكَلِمَة الفَصْل..!
هَذا لا يَعني أنَّني أنسَاق خَلف مُؤيِّدي تَعريب المُصطَلحَات العِلميّة، لَكن مِن بَاب الإنصَاف، يَجب أنْ أُقرّ بجرأتهم وإخلَاصهم، لِذَا استَعنتُ ببَعض الأصدقَاء الرَّاسخين في هَذا المَجَال، ومِنهم البروفيسور «خليل اليحيى»، وهو طَبيب، وأُستاذ عِلْم الأعصَاب في جَامعة المَلك سعود، ومِن المُحبّين للفُصْحَى، ومَع ذَلك فهو لَا يُجَامل في العِلْم، ولَا يَخشَى لَومة لَائِم..!
سَألتُ الصَّديق البروفيسور؛ عَن سِرّ اختلَاف المُعرّبين في المُصطلحات العِلميّة، رَغم أنَّهم أبنَاء لُغَةٍ وَاحِدَة ولِسَان وَاحِد، فأجَاب قَائلًا: (هُنَاك عدّة مَدارس للتَّرجمة أشهرهَا المَدرسة السّوريّة؛ كَونها لَا تَزَال تُدرّس الطّب باللُّغة العَربيّة، بالإضَافَة للمَدرستين المِصريّة والعِرَاقيّة، فمَثلًا مُصطلح Hemoglobin، نَجد لَه عِدّة مُسمّيات عَربيّة، مِثل: اليَحمور، وخضَاب الدَّم، وكذَلك مُصطلح Edema، نَجد لَه عِدّة مُسمّيات عَربيّة، مِثل: الاستسقَاء، والذّمة، وتَجمُّع السَّوَائِل)..!
وأضَاف البروفيسور «اليحيى»: (إنَّ هُنَاك جهُودًا لإيجَاد مُصطلح طبِّي مُوحَّد للُّغة العَربيّة؛ لدَعم تَعريب الطِّب في الدّول العَربيّة، لَكن إحدَى أَهم إشكَاليّات التَّرجمَة؛ هي عَدم المرُونَة في انتقَاء كَلِمَات عَربيّة سَلِسَة يُمكن استيعَابها، وتَعدُّد مَدارس التَّرجمّة، وتَنافُر مَعاني بَعض مُصطلحات الأضداد)..!
* حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّ ارتبَاك التَّعريب، شَمِلَ أيضًا مُصطلحات مِثل: «البنكرياس»، الذي لَم يجمع كُلّ المُعرّبين عَلى تَسميته بـ»المعثكلة»، وكَذلك «البروستاتا»، التي لَها عِدّة أسمَاء، أَشهرها «المُوْثة»، وهَكذا يَتسبّب تَعدُّد مَجامع اللُّغَة في تَعدُّد مُصطلحات التَّعريب، بخِلَاف مَا يَحدث في الدّول الغَربيّة، حَيثُ نَجِد مَثلًا في دَولة مِثل فَرنسا، «المجمع العِلْمي الفرنسي»، الذي يُوحّد المُصطلحات..!
المدينة
|
|
|
|
|
|