|
بمناسبة اليوم العالمي للشعر أسرة الأدباء والكتاب تحتفي بالشاعر عمر الخيام
بمناسبة اليوم العالمي للشعر أقامت أسرة الأدباء والكتاب أمسية ثقافية عن فلسفة الشاعر الفلكي عمر الخيام «رؤية في الكون والحياة»، في مركز عبدالرحمن كانو الثقافي، حيث قدم أنور عبدالرحمن رئيس التحرير محاضرة عن الشاعر الفارسي ونشأته والبيئة المحيطة به والترجمات المختلفة لرباعياته، وكشف عن الكثير من الأسرار والخبايا عن الحضارة واللغة الفارسية، ومدى تأثرها باللغة العربية. شهدت الندوة حضورا مميزا من المهتمين بالشعر والثقافة من البحرين والسعودية.
عمر الخيام.. الشاعر والفيلسوف
ألقى أنور عبدالرحمن رئيس التحرير محاضرة عن الشاعر الفارسي عمر الخيام خلال الأمسية الثقافية التي نظمتها أسرة الأدباء والكتاب بمناسبة اليوم العالمي للشعر والتي اقيمت بمركز عبدالرحمن كانو الثقافي، تناول خلالها حياة الشاعر وتطور اللغة الفارسية وتأثرها باللغة العربية.
وفيما يلي نص المحاضرة :
مع أنني تحدثت كثيرا في ندوات مختلفة عن شخصيات تاريخية سواء في مجال العلوم أو الشعر أو الأدب, إلا أنني أجد نفسي في حيرة كيف أقدم إليكم هذه الشخصية المبدعة في هذا المساء, وهي شخصية الشاعر والفيلسوف وعالم الرياضيات الفارسي الشهير عمر الخيام.
والسبب في هذا أن الحياة الشعرية لشاعرنا الكبير لم تدون في التاريخ الفارسي, لأن معظم الذين عاصروا عمر الخيام لم يكونوا يعلمون إطلاقا أنه شاعر بل لم يكن في استطاعة عمر الخيام أن يعبر عن أفكاره العلمانية بهذه الصورة الواضحة التي تترجمها الرباعيات وخاصة في عصر الحكم السلجوقي أو حكم السلاجقة, وبالتحديد في زمن الصدر الأعظم خاجة نظام الملك الشافعي المذهب والذي كان ملتزما بالدين الإسلامي نصا وروحا.
بل إن بعض هذه الأشعار والرباعيات لو كان الخيام قد نشرها في زمانه لربما تسببت في قطع رأسه, وخاصة أن عصور الحكم عرفت عبر التاريخ من يقومون بالوشاية ضد الشعراء, ونسبة أشعار مضللة إليهم تسبب معاناة كبيرة لهم مع الحكام وأبرز من تعرض لذلك أبو العلاء المعري, الذي تأثر عمر الخيام ذاته بفلسفته وأشعاره.
وأصارحكم القول انني قد مكثت وقتا طويلا في الإعداد لهذه المحاضرة, حيث قرأت كتبا كثيرة وخاصة باللغة الفارسية في محاولة لاكتساب المعرفة الدقيقة عن حقيقة شاعرنا الفاضل عمر الخيام, وخاصة أن حياته وأشعاره - وخاصة الرباعيات - قد أحاط بها الكثير من الأساطير والروايات المختلفة. ولهذا حاولت الاقتراب أكثر من حياة الشاعر وإبداعاته مع إجراء مقارنات تاريخية للتثبت من بعض الأمور.
يقول الأديب الفارسي المرحوم علي دشتي في كتابه «عمر الخيام»:
«إن الخيام كان رجلا محترما ووقورا ومعروفا كأستاذ وعالم في علوم الفلك والرياضيات والفلسفة, وكان أستاذا في جامعة نيسابور عاصمة خراسان, بل ان شهرته في علوم الرياضيات وصلت إلى الغرب خلال حياته».
وبما أنني لا أعرف على نحو دقيق ما مدى قراءتكم ومعرفتكم بالتاريخ الفارسي, فقد رأيت أن من واجبي أن أتحدث بصورة مختصرة عن ذلك التاريخ, وذلك عبر إعطاء نبذة توضح بعض ما جرى في صفحات التاريخ الاجتماعي لبلاد فارس.
- يمكن القول أولاً: إن من أهم سمات وخصائص التاريخ الفارسي مسألة احتكار التعليم, فقد كان التعليم حكراً على أبناء النبلاء في المجتمع الفارسي فقط, أما العوام فقد كانوا محرومين من تلقي العلم.
ثانياً: لم يكن للشعر وجود في الكتابات الفارسية بدليل أنه ليس هناك اسم شاعر واحد في الحضارة الفارسية قبل الإسلام.
ثالثاً: إن الدولة الفارسية كانت دولة عسكريتاريا, أي دولة يهيمن عليها العسكر والضباط, والدليل أنه حينما وصل القائد الفارسي قمبيز إلى مصر اندهش للغاية من درجة التقدم الحضاري المصري سواء في علم الطب أو الهندسة المعمارية, أو التجارة أو العلوم والفنون أو الثروات الطائلة التي كانت في متناول المصريين.
وما يؤكد ذلك أن قمبيز طلب من المسئولين المصريين استعارة المهندسين والأطباء والمعماريين لإرسالهم إلى بلاد فارس لتعليم الفرس هذه المعارف والفنون.
وأصدق دليل على هذا الواقع, وأنه ليس من نسج الكتاب والمؤرخين, أنه في أطلال «بيرسوبوليس» أي قصر الفرس الذي يسمونه بالفارسية «تخت جمشيد» والذي زرته أنا شخصياً في شمال شيراز نجد مكتوبا على الأحجار أن البنائين المصريين هم من قاموا بتشييد هذا القصر, ويعود تاريخ هذا القصر إلى نحو 500 سنة قبل الميلاد, وبعد ذلك أحرقه الاسكندر المقدوني أو الاسكندر الأكبر عندما قام بغزو بلاد فارس.
رابعاً: أن الفرس قد عرفوا الشعر العربي في حوالي 200 سنة قبل الإسلام من خلال الملك الفارسي الكسروي «بهرام كور» المعروف أن والده قد ابتعثه وهو دون سن العاشرة إلى ملوك الحيرة العرب في (العراق حاليا) لتعلم اللغة العربية لكونه كان ولياً للعهد.
وقد تعلم الأمير بهرام اللغة العربية وتزوج أيضاً من أميرة عربية, وحين أصبح ملكاً بعد ذلك, عرف شعراء العرب أن الملك الفارسي بهرام يجيد اللغة العربية, فكانوا يقصدونه ويلقون قصائدهم أمامه في قصره.
إلا أنه لم يظهر في المجتمع الفارسي آنذاك أي شاعر يمكن أن يشار إليه.
بل أن كلمة شاعر ليس لها وجود في اللغة الفارسية, ونجد أن الكلمة العربية نفسها «شاعر» هي التي أصبحت الآن موجودة في اللغة الفارسية, كما يقول الفرس أيضا «بيت شعر» وأيضا يقولون «قافية», وهي كلها كلمات تسربت إلى اللغة الفارسية بعد الفتوحات العربية الكبرى.
ويمكن القول بكل ثقة وموضوعية إن اللغة الفارسية استفادت وارتقت في معانيها عندما احتضنت اللغة العربية في عصر الإسلام.
ومن الأمثلة على ذلك أن كلمة مثل «موج» لا وجود لها في اللغة الفارسية وتم استقاؤها من اللغة العربية.
ومن المضحك المبكي أن بعض العرب لا يعرفون لماذا يطلقون على الفرس تسمية «المجوس», والتي تبدو في اعتقادهم ذات معنى سلبي.
وأصل هذه الكلمة مشتق من اللغة اليونانية, والذي حدث أنه عندما استعد القائد الفارسي داريوش لغزو اليونان القديمة أي بلاد الإغريق في حوالي عام 520 قبل الميلاد, قام داريوش بتأخير الهجوم على الإغريق مدة 24 ساعة, رغم أن القوات على الجانبين كانت على أهبة الاستعداد لبدء القتال.
وحين بدأت الحرب بعد يوم من تأخير الهجوم الفارسي, وبعد أن حقق داريوش انتصاراً ساحقاً على الإغريق, حدث بعد أن تسلم مدينة أثينا أن سأله النبلاء اليونانيون قائلين: لقد احترنا في تفسير قرارك تأخير بدء الهجوم مدة يوم.
فأجابهم داريوش قائلا: إن المنجمين الذين كانوا معي حينما نظروا في السماء في ذلك اليوم لمعرفة حركة النجوم, أوصوا بأن ذلك اليوم لن يكون يوماً مباركاً, لذلك اتخذت قراري بتأخير بدء الهجوم يوماً واحداً.
وحينها أطلق اليونانيون على الفرس لقب: (Magus) والكلمة تعني باليونانية: «هؤلاء الذين لديهم القدرة على قراءة حركة ومدار النجوم», وقد تحولت هذه الكلمة فيما بعد إلى كلمة «Magic» باللغة الانجليزية وتدريجياً تحولت في اللغة العربية إلى كلمة «المجوس».
وعودة الى شاعرنا الفاضل، فقد ولد غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف باسم «عمر الخيام» في سنة 1048م, أو 1050 بعد الميلاد, في نيسابور, وجاء لقب الخيام, لأن والده كما قيل كان يعمل في صناعة الخيام، وبعد أن تلقى معارفه في المدرسة القرآنية حيث يقال إنه حفظ القرآن الكريم وهو صغير, ثم أكمل تعليمه الابتدائي وانضم بعد ذلك إلى مدرسة دايلكان تحت إدارة أشهر تربوي في عصره وهو حسين دايلكاني, حيث كان التعليم وفق منهج أرسطو.
وهنا نشير الى أن هذه المدرسة كان يتلقى التعليم فيها فقط أبناء النخبة في المجتمع الفارسي آنذاك.
والمواد التي كان يتم دراستها فيها تشمل اللغة الفارسية, واللغة العربية والأدب اليوناني وعلوم الرياضيات والكيمياء وعلم الفلك.
وفي الوقت الذي كان فيه عمر الخيام يتلقى تعليمه, كانت بلاد فارس تموج بحركات ثورية رهيبة اتسمت بالتطرف الإسماعيلي, وكان يقودها حسن الصباح وقد عرفت تاريخيا بحركة الحشاشين.
وإنصافا للحقيقة والتاريخ, لا بد أن نشير إلى أن تسمية «الحشاشين» كانت تسمية خاطئة ومضللة, لان الإسماعيليين لم يكونوا أهل حشيش أو مخدرات, بل كانت حركتهم حركة ثورية من أجل تغيير النظام الإقطاعي، وفي تلك الفترة كانوا يريدون فرض المذهب الإسماعيلي على المجتمع الفارسي، ولقد كان حسن صباح من خريجي مصر الفاطمية وجامع الأزهر, وكان أستاذا أيضا في العلوم اليونانية, وكذلك الرياضيات والفلسفة.
علما أنه في تلك الحقبة كانت هناك أربع جامعات كبرى في المنطقة كلها أولاها في بغداد وكان عدد الطلاب يزيد على 6 آلاف طالب, وثانيتها كانت في البصرة وكان عدد الطلاب في حدود 4 آلاف طالب.
أما ثالثتها فكانت جامعة الأزهر, ولم يزد عدد الطلاب فيها آنذاك على الفي طالب (2000 طالب) فقط, والسبب في ذلك يعود إلى أن المصريين - وكان معظمهم من أهل السنة - كانوا يترددون في إرسال أبنائهم إلى الأزهر لأنه كان يدرس المعارف والثقافة الفاطمية.
أما جامعة نيسابور في بلاد فارس فكان عدد الطلاب فيها لا يزيد على 400 طالب, وكانت الجامعة تتشدد في نوعية الطلاب المنضمين إليها, حيث كان الانضمام إلى هذه الجامعة الفريدة يتطلب أن يكون الطلاب على أعلى درجة من القدرات الفكرية والذهنية, مثلما يحدث حاليا في أعرق الجامعات العالمية مثل جامعات أكسفورد, وكامبريدج والسوربون.
والعجيب في حياة عمر الخيام أن كل معاصري الخيام لم يذكروا أبدا أنه كان شاعرا.
وأول إشارة تأتينا عن الخيام كشاعر كانت بعد 70 عاما على رحيله, وكانت فيما أورده الأديب عماد الدين الكاتب القزويني, حيث تشير الكتابات إلى أن عمر الخيام قد توفي فيما بين عامي 1123, و1124 بعد الميلاد.
ومنذ ذلك الوقت, بدأت تظهر في المجتمع الفارسي هنا وهناك بعض الأشعار المنسوبة إلى عمر الخيام، والتي وصلت إلى 500 رباعية.
إلا أن بعض المؤرخين يشيرون إلى أن الوراقين الذين كانوا يقومون بنسخ الكتب كانوا أيضا أهل معرفة وذوق أدبي, وكانوا ينظمون شعرا ورباعيات ويقومون بنسبتها إلى عمر الخيام.
وكان أول من قام بالتدقيق لتنقية الكتب من ادعاءات الوراقين المرحوم الأديب صادق هدايت, حيث لخص رباعيات الخيام إلى 120 رباعية فقط أكد أنها من نسج عمر الخيام, وكان ذلك في مطلع القرن العشرين.
هذا مع العلم أن الأديب والمؤرخ الإنجليزي ادوراد فيتزجيرالد الذي ترجم رباعيات الخيام إلى الإنجليزية في القرن الثامن عشر اعتمد فقط 101 رباعية لا غير.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي, شكلت جامعة طهران لجنة علمية مكونة من 12 أستاذا وأديبا ومؤرخا لدراسة الأشعار المنسوبة إلى عمر الخيام, فأقرت تلك اللجنة العلمية 81 رباعية فقط يمكن القول بثقة إنها من نسج عمر الخيام.
وأشارت اللجنة إلى أن بقية الرباعيات تتعارض مع فكر وثقافة وروح الفيلسوف الشعري عمر الخيام, سواء من حيث نمط الكتابة أو محتوى الفكر أو درجة الالتزام الأخلاقي لديه.
والعجيب أن رباعيات الخيام هذا الفيلسوف الساحر لاقت انتشاراً واسعاً، حيث ترجمت إلى الانجليزية من خلال 32 مترجماً, وإلى الفرنسية عبر 16 مترجماً, وإلى لغة الأوردو عبر 12 مترجماً, وإلى الألمانية بـ12 مترجماً, وعرفت اللغة العربية ما بين 8 و10 ترجمات, كما ترجمت إلى الايطالية عبر 5 مترجمين, وإلى كل من التركية والروسية عبر 4 ترجمات, ولا شك أن هناك ترجمات اخرى بلغات عالمية مغايرة.
وهنا نشير إلى أن ترجمة ادوارد فيتزجيرالد قد خضعت للتصحيح 5 مرات, وقد طبعت ترجمة فيتزجيرالد أكثر من 200 مرة.
إلا أنه في عالمنا العربي, ومع وجود عدد كبير من المترجمين، بحسب تقديري الشخصي كانت أرفع وأرقى ترجمة هي تلك التي قام بها الشاعر الغنائي المصري أحمد رامي الذي سافر إلى باريس وأمضى زهاء عامين في تعلم وإتقان اللغة الفارسية, وترجم رباعيات الخيام مباشرة من الفارسية إلى اللغة العربية, وليس مثل بعض الترجمات التي تمت من الانجليزية إلى العربية.
فحين يتأمل المرء ما قاله الخيام, ويقارن ذلك بما ترجمه أحمد رامي يجد ان رامي لم يقم فقط بالتعمق في فهم معاني وأفكار الخيام, وإنما استوعب ايضا روحه وطباع عصره وزمانه, فجاءت ترجمته ترجمة ابداعية رفيعة وذات جرس موسيقي لا تخطئه العين أو الاذن.
وذلك لأن رامي كان هدفه إيضاح وإيصال شخصيته عمر الخيام فكراً وثقافة وشعوراً وفلسفة.
ولعل الابيات الشعرية التي صاغها شاعر الشباب أحمد رامي لرباعيات الخيام تشكل أفضل عرض وتلخيص لاتجاهات الخيام الفكرية والفلسفية والروحية ونظرته الى الحياة والموت والعلاقة مع الخالق وأجواء الحيرة والتأمل التي عاشها الخيام.
وكما تعلمون فإن الرباعيات التي غنتها كوكب الشرق السيدة أم كلثوم كانت من تلحين الموسيقار العبقري رياض السنباطي الذي ابدع في تلحين القصائد الشعرية حتى حاز لحنه لقصيدة الشاعر ابراهيم ناجي وغناء أم كلثوم «الاطلال» لقب أغنية القرن العشرين.
من هنا كان التكامل بين اللحن والكلمات والغناء الذي أعطى لرباعيات الخيام بهجة وألقا وشهرة واسعة حتى لدى الناس العاديين الذين لا يعرفون من هو عمر الخيام.
وإذا استعرضنا الابيات التي غنتها أم كلثوم من رباعيات الخيام، نجد أن روعة ما قام به رامي بالنسبة الى رباعيات الخيام تعود إلى أن لغة الخيام الشعرية تتسم بالموسيقى، وهي لغة موسيقية مبسطة تعكسها طبيعة الرباعيات المكونة من أربعة أبيات يكون الشطر الثالث فيها مطلقاً أما الثلاثة الأخرى فهي مقيدة بالقافية والوزن الشعري.
واستطاع رامي ان يجسد هذه اللغة الموسيقية الطربية المتناغمة بلغة مبسطة بحيث يعرفها الشاب الذي عمره 20 عاماً, ويعرفها الشيخ الذي عمره 80 عاماً كل بحسب عمره.
فالشاب ذو العشرين عاماً مع تقدم العمر حتى الثمانين يكتشف حقيقة الخيام أكثر فأكثر مع تطور فكره وثقافته، وهذا ما يشعر به الانسان لدى قراءة او سماع ترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام.
}}}
ومن المؤسف جداً أن الفرس خلال الحقبة التاريخية التي عاش فيها عمر الخيام لم يدوّنوا حياة وتاريخ شعرائهم, لذلك كان على الأجيال التي أتت من بعدهم مهمة ثقيلة تتمثل في محاولة النبش في ماضي عظمائهم من خلال المثقفين الذين لم يعاصروا عمر الخيام.
وهذا ينطبق أيضا مع الأسف الشديد على عدد كبير من شعراء الفرس العظماء سواء أكان عميد الأدب الفارسي منصور أبو القاسم الفردوسي, أم عمر الخيام, أم سعدي الشيرازي أم جلال الدين الرومي, ومسك الختام: حافظ الشيرازي.
والجدير بالذكر أن الحركة الاسماعيلية استطاعت ان تؤثر في عدد كبير من مثقفي عصر الخيام, ولكن لم يفلحوا مع عمر الخيام مع أنهم تحدثوا معه, فقال كلمته المعروفة: «إن دور المثقف ليس أن ينحاز إلى جهة معينة, بل ان مهمته تكمن في العمل على التقريب بين الجهات المختلفة أي القيام بدور توفيقي فيما بينها».
أما الأسطورة الخيالية التي ذاعت بأن خاجة نظام الملك وعمر الخيام وحسن الصباح كانوا قد تعلموا في زمن واحد وفي نفس الجامعة أي «نيسابور» فهذا كلام غير واقعي وغير دقيق، والسبب في ذلك أن الوزير الأعظم خاجة نظام الملك ولد في 1016, والخيام في 1050 أي ان هناك فارقاً في العمر حوالي 34 سنة.
أما حسن الصباح فليس معروفاً بالضبط تاريخ ميلاده, لكننا نعرف أنه كان يصارع النظام السلجوقي عندما كان عمر الخيام طفلاً صغيراً.
وكان قادة الحركة الاسماعيلية ثلاثة هم حسن الصباح, ومحمود ساجستاني وأبوحمزة كفشجر, وهؤلاء كانوا بمثابة كارل ماركس, ولينين وستالين بالنسبة الى الفكر الماركسي، ومعروف ان حركة تمرد الحشاشين قد جلبت الويلات للمجتمع الفارسي وبلاد الشام ايضا التي كانت تنشط فيها كذلك.
ان الاشعار التي كتبها الخيام كانت محاولات أدبية ظهرت من خلالها العوامل النفسية والأوضاع الفكرية والاجتماعية, التي كان يمور بها المجتمع الفارسي آنذاك, وهي أشبه ما تكون بالمذكرات بدلاً من الرباعيات الشعرية, لأنه يشرح فيها بوضوح مدى حيرة الشاعر الانسان إزاء ما يحدث حوله من صراعات تعكس ان من في السلطة لا يدركون, ومن هم خارج السلطة لا يستدركون, بل إنه صراع بين جهتين متعصبتين للأسف الشديد.
وكأننا يا حضرات الكرام نعيش في عالمنا العربي اليوم نفس ما كان يحدث في زمن عمر الخيام قبل زهاء 1000 عام, وكل يدعي ان الحق معه هو فقط.
وقبل الختام نشير إلى ما قاله العلامة والمثقف المشهور الزمخشري عن عمر الخيام انصافاً لشخصيته وابداعه حيث يقول «إن الاعمال العلمية لعمر الخيام هي فضل من الله تعالى على كل طلاب عصره الذين كانوا يدرسون على يديه وبالذات في مجالات علم الفلك والرياضيات».
أخبار الخليج
|