|
|
|
|

اللغة العربية ومواكبة العصر
أ.د. محمد خضر عريف
لطالما اتهمت لغة القرآن بأنها عاجزة عن مواكبة العصر بكل تقنياته وتغيراته التي تتسارع، وهو اتهام باطل ولاشك إذ أثبتت هذه اللغة الشريفة خلال قرون طويلة أنها كانت المركبة الآمنة التي حملت كل العلوم بما فيها العلوم التطبيقية بكل يسر وسهولة. بل إنها في عصور الظلام الأوروبية نقلت كل تلك العلوم إلى أمم أوروبا لتخرجها من الظلمات إلى النور. ولكن، لضعف الناطقين بالضاد في هذه الأيام، اتهمت لغة الضاد نفسها بالضعف، وكان لا بد من بذل جهود علمية رصينة لدحض هذه التهمة عنها أولًا، ولتحديد سبل النهوض بها ثانيًا لتواكب معطيات العصر العلمية والتقانية. وقد انبرت جامعة سعودية عريقة لبذل تلك الجهود الضرورية، فعقدت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ممثلة بكلية اللغة العربية فيها المؤتمر الثاني للغة العربية ومواكبة العصر، بعنوان: (التحديات وسبل المواجهة)، يومي الأربعاء والخميس
3-4 /7 /1436هـ برعاية مدير الجامعة المكلف الأستاذ إبراهيم بن علي العبيد، ومتابعة عميد كلية اللغة العربية الأستاذ الدكتور محمد بن هادي المباركي، وقد بلغ عدد الأبحاث المتقدمة للمؤتمر ابتداء أكثر من مئتي بحث، حُكم منها 161 بحثًا ليختار منها بعد التحكيم 55 بحثًا قدمت في سبع جلسات علمية في يومي المؤتمر، ومثل المشاركون دولًا عدة، إضافة إلى مشاركات كثيرة فاعلة من باحثات من أستاذات الجامعات والمتخصصات والمهتمات. ويأتي هذا المؤتمر الكبير استكمالًا لما حققه المؤتمر الأول الذي انعقد قبل ثلاث سنوات من نجاحات في بحوثه وحواراته ومداخلاته ونتائجه، التي تمخضت عن أبحاثه الكثيرة، وقد نفذ الكثير منها خلال السنوات الماضية. وتمثلت أهداف المؤتمر الثاني في استشراف معالم التحديات المعاصرة التي تواجه العربية، والوقوف على مظاهر الضعف اللغوي وإبراز أثر الجهود العلمية في خدمة العربية، والسعي لاستعادة العربية لدورها وهويتها ودراسة مشروعات تطوير مناهج العربية. ولتحقيق تلك الأهداف حُددت للمؤتمر أربعة محاور هي: تحدي الحفاظ على الهوية وتحدي التصدي للازدواجية والثنائية اللغوية، وتحدي المواءمة بين الأصالة والمواكبة، وسبل مواجهة التحديات. ومن خلال عروض البحوث وما دار حولها من نقاشات ومداخلات، فقد خرج المؤتمر بعدد من التوصيات المهمة في بيانه الختامي، وجميعها واقعية وقابلة للتنفيذ، ومن أهمها: التوصية بالعناية الفائقة بالفصحى، خصوصًا في المراحل الدراسية الأولى، من خلال تحفيظ القرآن الكريم والسنة المطهرة، ورفع الذائقة الأدبية لدى الدارسين بدل تلقين القواعد البلاغية، وتكثيف المقررات اللغوية في كليات وأقسام الإعلام، وضرورة إمعان النظر في طرائق تعليم العربية في الدول العربية والإسلامية، وتدريس أساسيات ومهارات اللغة العربية في كل التخصصات بما فيها التخصصات الطبية والعلمية بعامة. ووضع مواصفات وظيفية جديدة في إعداد معلمي العربية، والعناية بتأريخ اللغة وسياقاتها ومستوياتها وميزاتها، وإعادة دراسة المعجمات العربية للانتفاع بها في إعداد المعجم التأريخي والعمل على إصدار معجمات تكنولوجية، ودراسة الحروف العربية والمصطلح العربي في كل العلوم والسعي لتعريب العلوم كافة، واستخدام الفصيحة في وسائل الإعلام، والإفادة من الشبكة الإلكترونية في خدمة العربية، واعتماد الفصيحة في كل المنابر الإعلامية.
وجدير بالذكر أن المؤتمر الثالث سينعقد بالجامعة الإسلامية بعد ثلاث سنوات.
بقي أن نذكر أن المستوى التنظيمي لهذا المؤتمر فاق مستويات مؤتمرات عالمية مشابهة في دول كبرى في أوروبا وأمريكا. وذلك لما تبذله إدارة الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة من جهود فائقة وعلى رأسها الأستاذ الدكتور محمد بن يوسف عفيفي.
المدينة
|
|
|
|
|
|