للاطلاع على محتويات الإعلان أنقر هنا  
صحيفة دولية تهتم باللغة العربية في جميع القارّات
تصدر برعاية المجلس الدولي للغة العربية

  المؤتمر الدولي الحادي عشر للغة العربية           موقع الجمعية الدولية لأقسام العربية           الموقع الجديد الخاص بالمؤتمر الدولي للغة العربية           الباحث العربي: قاموس عربي عربي           راسلنا         
الصفحة السابقة الصفحة الرئيسة

يريدون زحزحة العربية لتكون لغة أجنبية‮!‬

أ. عبد الحميد ونيسي

قرأت باهتمام ما‮ ‬يدور في‮ ‬الساحة الوطنية حول موضوع تدريس اللغة الدارجة في‮ ‬المنظومة التروية ابتداء من الدخول المقبل‮ ‬15‮/‬2016م‮. ‬وفي‮ ‬البداية أشكر جريدتنا‮ "‬الشروق اليومي‮" ‬التي‮ ‬فتحت لنا صدرها لنعبر عن آرائنا حول هذا الموضوع الهام والخطير،‮ ‬وقد لفت انتباهي‮ ‬ما كتبة أخي‮ ‬وزميلي‮ ‬زهير عابد،‮ ‬مفتش اللغة الفرنسية بالطارف في‮ ‬العدد‮ ‬4829‮ ‬من الشروق الصادر‮ ‬يوم‮ ‬16‮/‬08‮/‬2015م‮ (‬التدريس بالعامية أمر واقع‮)‬،‮ ‬حيث‮ ‬يؤكده لما لاحظه بنفسه في‮ ‬زياراته الميدانية،‮ ‬ونحن أيضا عايشناه حينما كنا في‮ ‬ميدان التعليم قبل تقاعدنا،‮ ‬وأيد رأيه باسم فعل الأمر‮ "‬تعال‮" ‬وما‮ ‬يماثله بالفرنسية ليخلص إلى أن الكلمتين‮ ‬غريبتان عن التلميذ والدارجة‮ (‬أرواح‮) ‬هي‮ ‬الأقرب إلى الفهم والتطبيق،‮ ‬وهو بذلك‮ ‬يؤيد هذا الطرح،‮ ‬رغم أنه‮ ‬يقول فيما بعد‮: ‬إن الشرح بالدارجة أو الترجمة لا‮ ‬يؤدي‮ ‬العملية التربوية المرجوة ـ وقد نسي‮ ‬زميلنا المحترم أن كلمة‮ (‬أرواح‮) ‬جاءت من‮: ‬راح‮ ‬يروح رواحا‮: ‬أي‮ ‬جاء أو ذهب في‮ ‬الرواح ـ العشي‮ ‬وعمل فيه،‮ ‬وتستعمل لمطلق الذهاب والمضي‮ ‬ـ رواحا وروحا القوم ـ وإليهم وعندهم أي‮ ‬ذهب إليهم مطلقا‮ (‬المنجد في‮ ‬اللغة ط‮ ‬21‮ ‬دار المشرق‮ ‬1973‮ ‬لبنان ص‮ ‬285‮ ‬باب راح‮)‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن الكلمة عربية الأصل والمعنى،‮ ‬ثم ألا‮ ‬يعلم أخونا أن اللغة الدارجة الجزائرية تضم ما لا‮ ‬يقل عن‮ ‬80٪‮ ‬من العربية الفصحى،‮ ‬وهي‮ ‬الأقرب إليها من كثير اللهجات العربية الأخرى،‮ ‬وانظر إلى الكلمات‮ (‬دخل،‮ ‬خرج،‮ ‬جلس،‮ ‬والصفات،‮ ‬وأسماء الإشارة،‮ ‬والنـداء،‮ ‬وظرفا الزمان والمكان‮... ‬الخ‮).‬

إنها أقرب إلى الفصحى من الفرنسية،‮ ‬فالمشكل‮ ‬يتمثل في‮ ‬الكسل الفكري‮ ‬الذي‮ ‬صار ملازما للمعلمين والمثقفين بحيث‮ ‬ينساقون وراء التعبير العامي‮ ‬الخليط بالفرنسية الهجينة كالزلاميط ونورمال وصافا‮.. ‬الخ،‮ ‬وقديما قيل‮: ‬والنفس كالطفل إن ترضعه شب على حب الرضاع وإن تفطمه‮ ‬ينفطم،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإن هذه الظاهرة مرضية‮ ‬يجب محاربتها لا تدعيمها‮.‬

‭ ‬لقد عايشت الكثير من المفتشين في‮ ‬مختلف المواد واللغات أدبية وعلمية وحضرت لجان الترسيم،‮ ‬والكل‮ ‬يقر بضرورة اعتماد الطريقة المباشرة في‮ ‬التدريس‮ (‬La‮ ‬méthode directe‭ )‬‮ ‬لأنها الموصلة إلى الهدف المنشود،‭ ‬لأننا نفكر باللغة‮  ‬ـ ومن لا لغة له لا تعبيرله ـ وانظر إلى طلبتنا حين‮ ‬يتحدثون‮  ‬في‮ ‬التلفزة كيف‮ ‬يعبرون بكلمات هجينة،‮ ‬لا هي‮ ‬عربية ولا هي‮ ‬فرنسية،‮ ‬وعندما‮ ‬يشجعون الفريق الوطني‮ ‬لكرة القدم‮ ‬يصرخون‮  ‬viva‮ ‬l_Algérai‭) ‬محرفين‭ (‬L_algérie‭)‬‮ ‬ولقد كان‭ ‬المعلمون المفرنسون القادمون من وراء البحار لا‮ ‬يعرفون الدارجة أصلا،‮ ‬بل‮ ‬يقفون أمام التلاميذ ويأمرونهم بالاصطفاف‮ ‬2،2‮ ‬مشيرين بالسبابة والوسطى،‮ ‬ثم‮ ‬يأمرونهم بالدخول فينفذون،‮ ‬وبعد مدة قصيرة تنمو ملكاتهم ويشرعون في‮ ‬مخاطبة معلميهم باللغة التي‮ ‬يدرسون،‮ ‬ونفس الشيء في‮ ‬المدارس الحرة للغة العربية،‮ ‬أما إن الزملاء من المشرق قد علمونا لهجاتهم فإننا لم نلحظ ذلك،‮ ‬بل هم الذين تعلموا دارجتنا‮ (‬بزاف،‮ ‬وغادي،‮ ‬وماكانش‮... ‬الخ‮)‬،‮ ‬ثم إن مخاطر تشتيت المجتمع،‮ ‬باستعمال الدارجة المختلطة بالفرنسية والتركية‮ ‬يهدد وحدتنا اللغوية وتماسكنا الاجتماعي‮.‬

إن المقصود من هذه المبادرة ـ في‮ ‬نظري‮ ‬ـ هو زحزحة تعليم اللغة العربية الفصحى إلى السنة الثالثة،‮ ‬لتصبح في‮ ‬مرتبة اللغة الفرنسية،‮ ‬وكأنها لغة أجنبية أخرى ويلغى السبق الزمني‮ ‬للغة الضاد،‮ ‬وهو أمر مقصود وبعيد الخطر على الأجيال التي‮ ‬تعيش تشتتا فكريا وحضاريا في‮ ‬لباسها،‮ ‬ومعاملاتها،‮ ‬وتقاليدها،‮ ‬فهل نضيف إليها خطرا جديدا في‮ ‬لغتها‮..‬؟ إن مشاكل المنظومة التربوية كثيرة،‮ ‬كما لا‮ ‬يخفى عليكم،‮ ‬فرؤساء المؤسسات التربوية ابتعدوا عن الدور التربوي‮ ‬المناط بهم،‮ ‬فلا زيارة للمعلمين في‮ ‬أقسامهم وتوجيههم إلى الطرق التربوية الناجعة،‮ ‬ومراقبة تحضيرهم للدروس وفروضهم وواجباتهم وكراريس أبنائهم؟ وهل‮ ‬يقرأ المربون ما‮ ‬يستجد في‮ ‬المنظومة التربوية من أبحاث نفسية وبيداغوجية وعلمية؟ وهل‮ ‬يقرأون الأبحاث التي‮ ‬يطلبونها من التلاميذ أصلا؟ ولِم كل هذا التكالب على الدروس الخصوصية في‮ ‬الدكاكين والأقبية والمنازل؟ وهل جمعيات الأولياء تقوم بدورها؟ أما ضعف نتائج الباكالوريا في‮ ‬الفرنسية والرياضيات،‮ ‬فهل درست حلول لهذين الأمرين؟ والضعف في‮ ‬الفرنسية في‮ ‬نظري‮ ‬هو في‮ ‬برنامج تدريسها كلغة رسمية كما هي‮ ‬في‮ ‬بلدها،‮ ‬بينما المفروض هو أن تدرس كلغة أجنبية عندنا،‮ ‬إلى‮ ‬غير ذلك من المشاكل التي‮ ‬تحتاج إلى ندوات واجتماعات لأهل الاختصاص لمعالجة هذه المخاطر،‮ ‬لا السكوت عنها وإثارة ظاهرة مرضية،‮ ‬ومحاولة اقتراح حل لها وما هو بحل‮. ‬والله من وراء القصد‮.‬

 


الشروق

التعليقات
الأخوة والأخوات

نرحب بالتعليقات التي تناقش وتحلل وتضيف إلى المعلومات المطروحة عن الموضوعات التي يتم عرضها في الصحيفة، ولكن الصحيفة تحمل المشاركين كامل المسؤولية عن ما يقدمونه من أفكار وما يعرضون من معلومات أو نقد بناء عن أي موضوع. وكل ما ينشر لا يعبر عن الصحيفة ولا عن المؤسسات التي تتبع لها بأي شكل من الأشكال. ولا تقبل الألفاظ والكلمات التي تتعرض للأشخاص أو تمس بالقيم والأخلاق والآداب العامة.

الاسم
البلد
البريد الالكتروني
الرمز
اعادة كتابة الرمز
التعليق
 
   
جميع الحقوق محفوظة © 2024
المجلس الدولي للغة العربية