أ. حسام المحمد
اللغة العربية : هي هذه الألفاظ التي يتخاطب بها العرب اليوم على امتداد وطنهم العربي الواسع .
لغتنا العربية من أجمل اللغات العالمية وأفصحها . فمن تمعّن بألفاظها وتفكر بحروفها شعر بحلاوتها وعذوبة موسيقاها وذلك لما في ألفاظها من الجرس والنغمة والانسجام .
فألفاظها وموسيقى حروفها تدلك على معانيها حتى أن الإنسان غير العربي يستطيع أن يفهم معناها من خلال ما توحيه له موسيقى الألفاظ مثال ذلك الطالب العربي الذي أثبت لزميله الأجنبي تفوق لغتنا العربية على لغته الأجنبية قال له : أنا أبرهن لك أنك تستطيع فهم معاني لغتنا مما توحي لك ألفاظها . فقال له العربي : ما بالك بكلمة " ماء " قال الأجنبي أجد فيها ليونةً وعذوبة . قال له " صخر " قال أجد فيها القسوة والخشونة .
قال له " غزال " قال الأجنبي: فيها أرى الجمال والوداعة . وبلغت هذه اللغة ذروة جمالها وروعتها في القرآن الكريم ، وإننا لنجد في مجتمعاتنا العربية اليوم لغتين :
إحداهما للتخاطب اليومي والتعامل التجاري وهي اللغة العامية والأخرى للتعليم والتأليف والثقافة وهي الفصحى حتى أننا إذا أردنا أن نتخاطب اليوم باللغة الفصحى يبدو وكأننا نتكلفها تكلفاً . في حين كان أجدادنا العرب يتحدثونها على السليقة وبكل سهولة ويُسر . ومما يزيد في خصوبة هذه اللغة وسعة مفرداتها ومعانيها ما تتميز به من أساليب الاشتقاق والنحت الذي انفردت به عن بقية اللغات الأخرى ففي الاشتقاق تستطيع أن تشتق من كلمةٍ واحدةٍ ألفاظاً عدةً فمن لفظة علم تشتق " عالم ، معلم ، معلوم ، عليم ، علامة ، معلمة ، علام ...." وفي النحت تنحت من جملةٍ كلمة تختصر معناها وتقوم مقامها نحو قولك بسمل فلان إذا قال :" بسم الله الرحمن الرحيم " وحيعل إذا قال :"حي على الصلاة " وحوقل إذا قال :" لا حول ولا قوة إلا بالله " وسبحل إذا قال "سبحان الله " وحمدل إذا قال " الحمد لله " . وتمتاز اللغة العربية بدقة تعبيرها فالمشي مثلاً كلمة تدل على السير بشكل عام أما إذا أردنا الدقة فإننا نستخدم للصبي الصغير درج وللرضيع حبا وللغلام حجل وللشاب الذي يسير بنشاط خطر وللشيخ الذي يسير بخطا بطيئة دلف وللمقيد رسف ومن أنواع المشي اختال وتبختر وهرول وتهادى وتأود .
والصوت كلمة عامة ومن أنواعه الدندنة والنغم والهمس والصياح والصراخ والصخب والهيعة والنفير والنعيق والهدير واللغط والغمغمة والضوضاء والجلبه والهتاف والهمهمة والأنين والزفير والشهيق والفحيح والغطيط والشخير والكرير والقرقره . وقد وسعت هذه اللغة فنون المعرفة والفلسفة والعلوم والرياضيات والطب والفلك بسبب قوتها وغزارة ألفاظها مما مكّنها من الإفصاح عن كل ما يختلج في نفوس البشر وعقولهم . وقد تم تعريب عدد وافر من المصطلحات العلمية والحضارية . وتتولى الإشراف على التعريب مؤسسة رسمية هي " مجمع اللغة العربية " الذي يعتمد اللفظ العربي مقابل اللفظ الأجنبي فسمّوا " التليفون : الهاتف " والتلفزيون : الرائي – والكومبيوتر : الحاسوب – والبنك : المصرف .... " ورغم هذا نجد ويا للأسف بعض تجارنا يلجؤون إلى تسمية محالهم وشركاتهم بأسماء عامية أو أجنبية.
ويظن أمثال هؤلاء أن هذه المسميات تجلب لهم الزبائن وتدر عليهم الرزق . وليعلم هؤلاء أن مثل هذه التسميات الأجنبية لا تزيد من رزقهم كما أن الأسماء العربية لا تقلل من رزقهم . ولهذه اللغة في قلوب العرب من الروعة ما يشعرهم بوجودهم وذاتهم وقوميتهم التي يعتزون بها .
فهم يجدون فيها غذاء لعقولهم ومتاعاً لقلوبهم وأرواحهم ونتمنى على السادة أصحاب المحال التجارية والشركات السورية اعتماد التسميات العربية التي تعبّرعن حبنا للغتنا وقوميتنا وأصالتنا الحضارية . وكما قال الشاعر :
لغةٌ إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا برداً على الأكبادِ
ستظلُّ رابطةً تؤلف بيننا فهي الرجاء لناطقٍ بالضادِ
العروبة