أحمد ناصر
ديانا صفير فنانة لا تحب المسرح فحسب، ولكن المسرح يعيش داخلها حتى أصبح جزءا من حياتها، فقد وقفت على خشبته أول مرة عندما كانت في السابعة من عمرها، ولكنها لم تقف عند حدود هذا العشق.. بل أضافت اليه علم الأنيميشن (التحريك)، ثم أضافت المزيد من خبرة التدريب فالتدريس، لتخالط بذلك الجيل الحالي إلى أن بلغت بهذه المهارات تعاملها مع الجمهور الأجنبي والعالمي، لتكوّن وسط هذه الخبرات توليفة وكيانا فنيا كاملا يتشكل في شخص ديانا صفير.
وقفت على خشبة المسرح صغيرة جدا، ثم سافرت إلى فرنسا والتحقت بكلية العلوم المرئية والمسموعة للدراسات العليا في مجال السينما ESAV-TOULOUSE، كما قدمت في أدنبرة تراجيديا «أنتيغون» باللغة العربية. من إخراج أليسون برايس one world actors centre وكان هذا الحوار الذي دار مع الفنانة المبدعة ديانا صفير:
لماذا تتوقفين عند تجربة أدنبرة بالذات؟
- كل تجاربي مهمة بالنسبة لي، ولكن عملنا الذي قدمناه في أدنبرة فتح لي آفاقا جديدة من خلال مشاركتنا في مهرجان أدنبرة العالمي، وهذا يعني بالطبع أن جمهور الفن من كل أصقاع العالم موجود هناك ليشاهد ما سيتم تقديمه من أعمال فنية في المهرجان الدولي، الذي يأخذ حيزا كبيرا عند أهل الفن وجمهوره. فقد قدمنا مسرحية «أنتيغون» باللغة العربية، ولم أكن أعلم أن الأجانب يرغبون في أن يستمعوا إلى لغتنا العربية، ولم أكن أعلم أن لغتنا الجميلة قوية على المسرح إلى هذا الحد. فما كدنا ننتهي من العرض حتى علا التصفيق واشتد الحماس أكثر مما توقعناه، حيث ان لغتنا العربية خطفت الأضواء وجذبت انتباه الجماهير الذين أحبوها فأحسست بالاعتزاز والفخر بذلك.
أهذا ما يحملك مسؤولية كبيرة تجاه اللغة العربية، ويحمل كل العاملين في الوسط الفني العربي المسؤولية عينها؟
- في الحقيقة ان ما لمسته من انجذاب الجماهير باللغة العربية أدهشني إلى أقصى حد، خاصة أن «أنتيغون» كانت باكورة أدواري باللغة العربية الفصحى، ذلك لأن كل أدواري المسرحية السابقة كانت إما باللغة الانكليزية أو باللغة الفرنسية. ولقد هالني الإحساس بلغتي إنها حقا لغة قوية تحتوي على مخارج أحرف قوية تجعل المشهد والحوار على المسرح ذا قيمة عالية.
هل يعرف الجيل الحالي هذه القيمة الفنية المهمة لها؟
- الجيل الحالي لا يدرك عمق قيمة الفن، ولا حتى المسرح أو وقع وإيقاع اللغة العربية، يريد كل شيء جاهزا له للأسف الشديد نحن في عصر السرعة والتكنولوجيا، الذي أبطل بالمقلب الآخر مفهوم القيمة ومفهوم بذل الجهد أو الإحساس الكلي بالعمل. لا أنكر على جيل الشباب الذكاء والطموح.. ولكن فيض المعلومات وتدفقها وسهولة الحصول عليها جعله جيلا اتكاليا يبحث عن النجاح بالطرق السريعة، ولا يريد أن يحفر في الصخر لكي يحقق نجاحه بعرقه، ومن ناحية أخرى لا يجدون الرعاية الكافية والتوجيه السليم من مرشدين ثقافيين حقيقيين، أولئك الذين من المفترض بهم حمل لواء الفن والمضي به قدما من خلال شبابنا وشاباتنا لتحفيز مواهبهم الخلاقة، فلدى شبابنا قدرات هائلة تنتظر من يوقدها ويوقظها من مضجعها، وهذا ما يدفعني للمحاولة من خلال تدريسي وعلاقاتي بهم أن أحفز فيهم الدافع لحب العمل.
شاركت في مهرجان كان السينمائي وأنت متخصصة في الأنيميشن، لماذا لا يكون لك نشاط سينمائي؟
- في الواقع عملت في إخراج وتسويق الأفلام القصيرة، واكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال الفني الممتع، خاصة أن مهرجان كان السينمائي يعني أن النجوم والمبدعين السينمائيين كلهم موجودون هناك، وقد كانت تجربة مهرجان كان السينمائي رائعة بكل المعايير.
وفي الوقت الحالي لدي خطط كثيرة أعمل عليها لتقديمها إلى الجمهور، تجعلني بعيدة نوعا ما عن السينما على الأقل في الوقت الحالي.
في المسرح أجد نفسي أمام الجمهور من خلال الأداء الحي، أما في السينما فأجد نفسي خلف الكاميرا لأنها هي التي ترتبط بالجمهور.
لديك مواهب عديدة، أنت مصممة (ديزاينر) لماذا تصرين على التمثيل؟
- أعتبر نفسي عاشقة للفن بكل ما يحتويه من أبعاد ثقافية وإبداعية في ميادينه كافة، فالمسرح والسينما والتصميم والتصوير والإخراج وغيرها، متصلة ببعضها، فالفن كدائرة ألوان تمتزج بعضها مع بعض لخلق عالم من الإبداع.
لدي الكثير لأقدمه في مجال التمثيل، فأنا أجد نفسي حين أقف أمام الجمهور، وهذا ما يعطيني إحساسا لا أستطيع أن أصفه سوى شعوري بأنني في عالمي الخاص جدا، حين أعبر وأعطي من إحساس على خشبة المسرح.
كيف تنظرين إلى مستقبل الفن وبالذات المسرح في عالمنا العربي؟
- لست من النوع المتشائم، فرهاني على الشباب العربي المبدع كبير جدا، ودورنا نحن تحفيز الروح الفنية عند شبابنا وتشجيعهم وتنوير دروب الثقافة العربية من خلال العروض المسرحية التي تكشف للعالم اجمع عن الغنى في تاريخنا العربي.
وأعتقد أن إدخال التكنولوجيا المتطورة مع الفنون الكلاسيكية قد يجذب اهتمام عدد كبير من شبابنا، وفي هذا أكون قد دمجت بين دراساتي في مجال المرئي والمسموع والفن الكلاسيكي للجمع بين الحداثة والكلاسيكية. فهذا الفن له خصوصية ويحتاج إلى عملية تحديث مستمر يواكب التقدم التكنولوجي لا سيما في مجال الإعلام والتقنيات الخاصة به، الذي يستدعي منا أن نستفيد منه في تطوير المسرح.
جيلنا يسعى ويبذل قصارى جهده من أجل تحقيق هذا الدمج المهم بين الكلاسيكية والحداثة في التقنيات، ونحن أيضا نبحث ونعمل على تجديد المسرح وتطويره.. ولكننا في حاجة ماسة إلى جهود الجيل الحالي ليتابع المسيرة.
هل لديك خطط لتقديم مسرح يجمع بين المسرح التقليدي (الكلاسيكية) والتقنيات الحديثة (الحداثة)؟
- هذا هو مشروعي القادم، الذي يتطلب مني جهدا كبيرا، فالأمر ليس سهلا كما يعتقده البعض، وهو مسرحية «ايكارا» وموضوعها عن جزيرة فيلكا، من انتاج طاقة برودكشن، وأتمنى على العالم العربي ان يلتفت أكثر إلى الفن عموما؛ ن الفن هو دواء للأزمات المستشرية في منطقتنا العربية.
القبس